19 December 2009

العجوز .. قصة قصيرة

في إحدى مقاهي القاهرة الشعبية و التي يلجأ إليها الكثير من الرجال و الشباب المصريين للجلوس هناك هروباً من حرارة بيوتهم المرتفعة و من مشاكلهم المتعددة مثل إرتفاع أسعار تكاليف الحياة و المشاحنات الدائمة بين الأزواج و الزوجات و التي غالباً ما تكون اسبابها مادية أيضا و مشاكل الأبناء و متطالباتهم و البطالة و عدم وجود فرص عمل للشباب فلا يجدوا أمامهم ملاذا سوى المقهى حيث أصبحت البيوت المصرية طارده لسكانها.

يحمل نادل المقهي كوباً من الشاي في يد و شيشه في اليد الأخري و يسير بسرعة فائقة و بمهارة أشبه بلاعبين السيرك دون أن يُسقط أي مما تحمله يداه و يتجه خارج القهوة حيث يجلس أحد الزبائن الدائمين و هو رجل في الخامسة و الأربعين من العمر .. من ملابسه البسيطة تستطيع أن تحدد مستواه الاجتماعي و الطبقة التي ينتمي إليها غالبية الشعب المصري الآن و التي تسمى حالياً محدودي الدخل و التي كانت في الماضى تدعى الطبقة المتوسطة و لكن مع مرور الوقت بدات تتنازل عن موقعها متجه للطبقة التي أسفها لتلتحم بها و يصيروا مزيج موحد يضم غالبية الشعب المصري .. يضع النادل الشاي أمام الرجل قائلاً :

- شايك يا عم إبراهيم و أدي الشيشة كمان .. أي خدمة تاني ؟
- شكراً يا على.
- صحيح يا عم إبراهيم .. هو إبنك سامح لقي شغل و لا لسه؟
- والله لسه كل يوم ينزل يلف و يقدم في أماكن كتير و أدي وش الضيف .. البلد مبقاش فيها شغل.
- طب ماتنزله معاك الورشة بدل القاعدة دي.
- يعني بعد كل السنين اللي قضاها في التعليم دي و الفلوس اللي صرفتها عليه في الأخر يشتغل عامل في ورشة ؟ ما أنا كنت وفرت كل ده و نزلته يشتغل معايا من بدري كان زمانه بقى أسطى كبير و كان زمانه كون نفسه و أتجوز كمان.
- أقولك أيه يا عم إبراهيم البلد بقى حالها صعب قوي .. يلا ربنا معاه.

يهز عم ابراهيم رأسه مؤيداً كلام النادل الذي إنصرف سريعاً إثر سماعه صوت أحد الزبائن يطلبه .. و يبدأ عم إبراهيم في سحب دخان الشيشه مغمضاً عينيه و يحتبس الدخان داخله قليلاً ثم يقوم بطرد الدخان من صدره راجياً أن يخرج هذا الدخان محملاً بهمومه و مشاكله التي ينؤ بها صدره حتى يهدأ و ينسى كل المشكلات التى جاء هنا هرباً منها.

و لكن يبدو أن هذا الرجاء مجرد وهم فما زال عقله مشغول بهمومه و مشكلاته حتى يقطع تفكيره هذا دخول رجل في السبعين من عمره للمقهى كان الرجل طويل القامة و لكنه نحيل الجسد محنى الظهر يسير ببطء و هناك رعشة طفيفة في أطرافه و يرتدي ملابس متناسقة الألوان يجلس على إحدى المقاعد القريبة من مدخل القهوة .. ينظر إليه إبراهيم بتركيز شديد .. حيث يعتقد أنه يعرفه .. يأتي النادل إلي الرجل العجوز يسأله ماذا يريد أن يشرب .. يجيبه العجوز: قهوة مضبوط .. يخبط إبراهيم جبهته قائلاً: المعلم كامل!!!


***

منذ أكثر من خمسة و عشرين عاماً بمصر القديمة حيث عاش ابراهيم شبابه تملائه الحيوية و النشاط و الاقبال على الحياة .. كان ككل الشباب يهتم بملبسه و مظهره يملأ وجهه ابتسامة مميزة .. جلس ابراهيم على مقهي السنارية و قبل أن ينادي النادل وجده أمامه يقدم له  كوباً من الشاي قائلاً له :

- المعلم كامل بيمسي عليك

ينظر إبراهيم في الاتجاه الذي أشار إليه النادل ليجد رجل في الاربعين من عمره يجلس مع أصدقائه يلعبون الدومينو ينظر المعلم كامل باتجاه إبراهيم و يحيه بانحنائه طفيفة برأسه فيرفع ابراهيم يديه شاكراً المعلم على الشاي و التحية التي أرسلها له .. يمسك إبراهيم بكوب الشاي سعيداً فرحاً تملائه الثقة بالنفس و إحساسه بأنه أصبح شخص مميز يحاول الأخرون التودد إليه و التعرف به.

تكرر هذا الموقف كثيراً .. كلما جاء إبراهيم للجلوس على هذا المقهي و يتصادف وجود المعلم كامل هناك كان يرسل له تحيات كثيرة و كل مرة كان إبراهيم يزداد فخراً بنفسه .

و ذات يوم جاء إبراهيم مصطحباً مجموعة من أصدقائه للجلوس سوياً على المقهي .. فجاء النادل حاملاً أكواب الشاي فقالوا الشباب بأنهم لم يطلبوا شىء بعد .. فأجابهم النادل بأنها تحية المعلم كامل لإبراهيم فإنتفخ إبراهيم بين زملائه مستعرضاً نفسه بأنه أصبح أهم شخصية بينهم .. فنظر له أحد الأصدقاء ضاحكاً:

- انت وصلت يا حلو؟
- أيوة يا ابني مش أي حد .. الناس كلها بتتقرب ليا علشان يعرفوني.

إزداد ضحك زميله ثم قال:

- انت تعرف المعلم كامل ده؟
- أيوة طبعاً أعرفه.
- تعرف انه خول و بتاع عيال ؟

إنصدم إبراهيم و ارتسمت على وجهه علامات الزهول ثم قال منفعلاً و كانه ينفي التهمة عن نفسه هو:

- لاء طبعا معرفش.
- أديك عرفت يا حلو .. اشرب الشاي بقى.

و ضحكوا جميعاً إلا إبراهيم.


***

في اليوم التالي جاء ابراهيم إلى المقهي متمنياً أن يجد المعلم كامل هناك ليكشف سر إهتمام هذا الرجل به .. و بالفعل جاء المعلم كامل بعد قليل و كالعادة أرسل تحيته لإبراهيم الذي طلب من النادل أن يضع الشاي هناك على منضدة المعلم كامل حيث انتقل إبراهيم للجلوس معه .. فرح المعلم بهذه الخطوة كثيراً و اخذ المعلم يرحب بإبراهيم كثيراً ويسأله عن أحواله و حياته و إبراهيم يجيبه متحفظاً و لكنه لم يجروء على سؤاله عن سبب إهتمامه به أو عن الكلام الذي قاله صديقه عنه .. و لكن المعلم سريعاً أخبره أنه يحبه مثل اخيه الصغير و بهذه المناسبة سوف يدعوه للسينما و الخروج لتناول العشاء سوياً في إحدى المطاعم .. لم يرفض إبراهيم العرض لأنه يريد ان يعرف نهاية هذا الإهتمام .. و بالفعل غادرا الاثنان المقهي .

مرت عدة ساعات و هما معاً ما بين المطعم الذي تناولوا به سوياً العشاء الذي كان كباب و كفته و بين السينما التي شاهدوا به إحدى الأفلام العربية و لم تخلوا هذه الساعات من بعض لمسات المعلم لإبراهيم التي كانت تعبيراً من المعلم عن حبه و إهتمامه به و أنها نوع من الود و القرب بينهم و لكن تلك اللمسات لم تكن كافية لإبراهيم لتكون دليل قاطع على أن هذا الرجل يتحرش به و يريد منه شيئاً جنسياً .

و في طريق العودة بدأ المعلم يلمح له بتجارب سابقة له مع شباب و أن هذا شىء عادي يحدث كثيراً و يفعله كثيرون من الناس محاولاً استدراجه باتجاه بيته حتى وصلوا هناك أمام البيت .. إقترح المعلم أن يصعد إبراهيم معه لنام لديه و في الصباح يعود لبيته .. فهو يعيش بمفرده و ليس هناك أحد معه لانه غير متزوج و سيكونا على راحتهما .. و لكن إبراهيم رفض الصعود متعللاً بأن أباه يقلق عليه و لا يسمح له بالمبيت خارج البيت و إنصرف.

في اليوم التالي جاء إبراهيم مصطحباً خمس من أصدقاءه جلسوا على المقهي مترقبين حضور المعلم كامل و ما أن ظهر على ناصية الشارع الذي تقع به قهوة السناري حتى وقف إبراهيم و أصدقاءه مخاطباً صاحب القهوة طالباً منه عدم التدخل في ما سيحدث لأن هناك تار بين إبراهيم و المعلم كامل .. و كان ما كان .. إنهال إبراهيم و أصدقائه على المعلم ضرباً على وجهه و كل مكان من جسده حتى سقط الرجل أرضاً حيث بدأ الركل و تمزيق ملابسه بعدما سبه إبراهيم و فضحه أمام الناس معلناً أن هذا الرجل كان يريد أن يمارس الجنس معه و لكنه أبى ذلك معلناً أنه ليس خول و ها هو الآن يأخد تاره منه و لما عرف الناس ذلك لم يتدخل أحد ليدافع عنه أو ليحميه من ايدي هؤلاء الشباب و اكمل إبراهيم كلامه للمعلم المهان مهدداً إياه أن لا يأتي للجلوس هنا مرة آخرى و إلا سوف ينال مثل ما ناله اليوم .. قام الرجل من على الأرض يلملم أشلاء كرامته المهدرة على أيدي من في مثل عمر أولاده منكس الوجه و لم يظهر مرة ثانية على مقهى السناري و لم يقابله إبراهيم بعدها.

***

قام إبراهيم صاحب الخمس و أربعون عاماً متجاً نحو المعلم كامل صاحب السبعون عاماً و جلس بالكرسي الذي بجواره و مد يده له قائلاً:

- أهلا يا معلم كامل.

سلم عليه المعلم كامل ناظراً لوجه إبراهيم محاولاً التعرف عليه و لكن دون جدوى حيث قال له:

- أهلا يا إبني .. لا مؤاخذة .. مش فاكرك .. انت مين ؟
- أنا إبراهيم.
- إبراهيم مين ؟
- إبراهيم بتاع قهوة السنارية اللي كنت بتقعد عليها من خمسة و عشرين سنة.
- أيوة أيوة افتكرتك.
- أنت عامل أيه ؟
- الحمد لله يا ابني.
- تشرب شاي ؟

لم يسمح إبراهيم للعجوز بالاجابة حيث نادي على النادل سريعاً و قال له:

- شاي لعمك الحاج بسرعة.

ثم إلتفت له سائلاً:

- و انت فين أرضيك يا عم الحاج ؟
- أنا زي ما أنا في نفس البيت.
- متجوزتش يا عم الحاج ؟
- اللي زي يا ابني مالوش جواز.
- يعني انتى زي ما انت ؟

سكت العجوز قليلاً ثم قال :

- تقدر يا ابني تنام مع واحد راجل؟
- لا مقدرش يا عم الحاج.
- أنا كمان يا ابني مقدرش أنام مع واحدة حتى لو كانت ملكة جمال العالم .. دي حاجة مش بإدينا يا إبني .
- انت عايش لوحدك ؟
- أيوة.
- طيب مين بيخدمك ؟
- أنا بخدم نفسي و فيه ست غلبانة بتيجي تساعدني في تنظيف الشقة كل فين و فين .

سكت ابراهيم قليلاً تملاءه الشفقة على هذا الرجل قائلاً له:

- انتوا حياتكوا صعبة قوي يا عم الحاج .

لم يجيب الرجل بشىء سوى دمعتان فرتا من عيناه في صمت سارتا في إحدى الخطوط التي رسمها الزمن في وجهه العجوز .. أكمل ابراهيم كلامه:

- ممكن ابقى ازورك أطمن عليك كل فترة ؟
- طبعاً تشرف يا ابني.
- يا ريت تسامحنى ع اللي عملته فيك زمان.
- مسامحك يا ابني.






28 November 2009

Seven Pounds


رجل ناجح في عمله يعيش حياة سعيدة مع زوجة تحبه و يحبها و لديهم أولاد يعيشون سوياً في بيت جميل على الشاطيء تحيط به حديقة بها الكثير من النباتات و الزهور.

يبدأ بطل الفيلم (بن) قائلاً : " في سبعة أيام ، خلق الله العالم .. وفي سبع ثواني ، حطمتُ عالمي "

يتعرض (بن) و اسرته لحادث سيارة نتيجة لانشغاله بالموبيل أثناء قيادته للسيارة حيث يصتدم بالسيارة القادمة التي لم يراها و يموت أولاده و زوجته و ركاب السيارة الأخرى و يبقى هو وحيداً يعاني الوحدة و الإحساس بالذنب .. لذلك يقرر الإنتحار و التخلص من حياته .. و لكنه يريد ان يكون موته مفيداً للأخرين و أن ينقذ بعض الناس كنوع من التكفير عن تسببه في موت اسرته و بعض الاشخاص في السيارة الأخرى.

يبدأ (بن) رحلة البحث عن أشخاص يحتاجون لأعضاء جسده مثل القلب و الكلية و العين و الكبد و النخاع و كذلك المحتاجون لبيته و ماله .. و لكنه لابد أن يتأكد من أن هذا الشخص الذي سيعطيه هديته يستحقها.

يترك (بن) بيته و ينتقل للمدينة التي يقطن بها أسماء المرشحين لديه لينالوا أعضاء جسده و الذين تتوافق خلاياهم مع جسده .. ينتحل (بن) شخصية رجل من مصلحة الضرائب ليقترب من الشخصيات التي سيمنحها جزء من جسده .. محاولاً اكتشاف شخصياتهم الحقيقية و هل هم أناس طيبون يستحقون هداياه أم لا .. من أهم هذه الشخصيات كانت (إيميلي) تلك الفتاة مريضة القلب و التي كانت في المرحلة الثانية من المرض .. و كانت واقعة في مشكلة مع مصلحة الضرائب نتيجة لتراكم الضرائب عليها و عدم وجود دخل لديها و ارتفاع تكاليف علاجها و نفقات التأمين الصحي عليها .. كم كان أدائها رائع .. كانت (إيميلي) ضمن قائمة انتظار طويلة لزراعة قلب بديل .. كانت انسانة بسيطة جدا متواضعة لدرجة انها كانت تقول انها انسانة عادية غير مميزة لا تستحق ان يزرع لها قلب و لكنها كانت تحلم بأن تستطيع ان تجري بدون ان تتعرض لازمة قلبية قد تؤدي بحياتها.

بدأت مشاعرالألفة تنمو بينهما.. على الرغم من محاولات (بن) التخلص من هذه المشاعر التي قد تهدد خطته و ما جاء من أجله .. و لكنه بالفعل يقع في حبها .. و تدخل (إيميلي) مرحلة أخطر و تخبرها الطبيبة أن حياتها لن تستمر أكثر من بضعه شهور اذا لم يتم زراعة قلب بديل لها خلال تلك المدة .. يسأل (بن) الطبيبة المعالجة عن نسبة حصول (إيميلي) على قلب فأجابته بأن النسبة ضئيلة جدا .. خصوصاً لان فصيلة دم إيميلي من النوع النادر .. يقع (بن) بين صراع هل يكمل خطته و ينقذ (إيميلي) أم ينتظر ليراها تموت أمامه كما ماتت زوجته و أبنائه.

يتصل (بن) بالمحامي - الذي كان صديقه و كان يعرف خطته و لديه كل أوراق التبرع و أسماء المتبرع لهم – ليخبره أن الليلة موعد التنفيذ .. يبكي المحامي.

يجهز (بن) البانيو المكان الذي جهزه للانتحار و يملئه بالثلج حتى يحفظ جسده و أجهزته حتى تصل سيارة الاسعاف و ينام (بن) بالبانيو الذي وضع نوع من أنواع الأسماك الهلامية السامة التي لدغته سريعاً و مات (بن) و نقل للمستشفى و نقلت أعضاء جسده للأشخاص الذين اختارهم مسبقاً.. و عاشت (إيميلي) على ذكري حبيبها الذي مازال قلبه ينبض بصدرها.




06 November 2009

ممكن نسكافية ؟


يرقد فوق سرير الكشف في حالة إغماء بإحدى عيادات الباطنة إثر حقنه بجرعة انسولين لخفض نسبة السكر المرتفعة في الدم .. و التي سببت له الاحساس بالعطش الدائم .. تلك الحالة التي استمرت لديه طوال الأسبوع السابق .. يسمع المحطين به لكنه غير قادر على الكلام فقط يشعر بضربات قلبه السريعة و أنفاسه السريعة القصيرة المتلاحقة .. يأمر الطبيب بإحضار محاليل لضخها بعروقه لرفع الضغط الذي انخفض فجأة.

قبل بداية حالة الدوار و الإغماء لفت انتباهه تلك اللافته الموجودة فوق المكتب أمام الطبيب و التي تحمل اسمه ( تامر سعيد ) يندهش عندما تقرأ عيناه اسمه ثم يملأ وجهه ابتسامة حزينة ساخرة .. انه نفس اسم حبيبه السابق.

يمسك الطبيب يده التي انتشر البرد بها و بجسده كله ليقيس النبض .. يساعد الطبيب الممرضة في ادخال إبرة المحلول في ذراعه .. يبدأ ذلك السائل الشفاف في التدفق بشرايينه ممتزجاً بدمه .. يبدأ قلبه و أنفاسه في الانتظام .. يبدأ في استعادة الوعي .. يفتح عينيه ينظر حوله ليجدهم واقفون من حوله .. الرؤية غير واضحة .. يضع يده فوق وجهه .. لا يجد النظارة فوق عينيه .. يتسأل قائلاً:

- فين نظارتي؟

ينظر له الطبيب ضاحكاً ثم يقول:

- طيب أطلب حاجة كبيرة شوية.

يضحك كريم قائلاً :

- ممكن نسكافية؟

يضحك الجميع.






04 November 2009

كتابي الثاني .. لن يعود



قبل البدء في الكتابة – منذ ثلاث سنوات – و التعبير عن ذاتي و أفكاري .. كنت حطام إنسان .. بما للكلمة من معان .. كان عقلي أشبه بالذاكرة العشوائية للكمبيوتر .. يمحو كل الذكريات المؤلمة و التي كانت كثيرة .. محاولة منه لمساعدتي على المضي قدماً في تلك الحياة التي لم أختر أي شيء بها.

قبل البدء في الكتابة .. لم أكن أعرف أي شيء عن نفسي .. فحينما يكره الإنسان شيئًا أو شخصًا أخر فإنه يبذل أقصى جهده في الابتعاد عنه .. و هذا كان حالي مع نفسي.

لا أستطيع أن أقول بأنني خلال تلك السنوات القليلة الماضية .. و التي هي عمر مشواري في التدوين و الكتابة .. استطعت أن أبني إنسانًا مكتملاً استطاع أن يصل لليقين و بر الاستقرار النفسي و المعرفة المكتملة التي تكفل له السعادة باقي سنوات حياته .. و لكنني سأقول بأنني قد وضعت قدمي فوق السلمة الأولى و هي أن أحب ذاتي و أقبلها و أفهما و أعبر عنها و عن أمنياتها و أحلامها و آلامها من خلال كتاباتي.

ربما الدافع الأكبر لكتاباتي هو فهم الذات .. كل من يحب القراءة سيفهم ما أقصد .. فحينما يقرأ الإنسان كلمات و يجدها تعبر عن ذاته و عن أحلامه أو آلامه يشعر بسعادة .. فقد كنت دائماً أبحث عن ذاتي في كل الأعمال التي كنت أقرأها .. ربما وجدت بعض نقاط التشابه بيني و بين بعض الشخصيات في بعض الأعمال الأدبية .. و لكن لم يكن هناك عمل تكتمل به كل جوانب شخصيتي .. حتى تلك الأعمال التي تناولت موضوع المثلية الجنسية فقد كانت بعيدة كل البعد عني و عن حياتي و شخصيتي .. حيث يميل الكتاب لرسم الشخصية المثلية كصورة كاريكاتورية مثيرة للضحك و الكوميديا غالباً و مثيرة للاشمئزاز و النفور أحياناً .. ناسين كل الجوانب الإنسانية في شخصية الإنسان المثلي الذي قد يكون قريبًا جداً منهم أكثر مما يتخيلوا .. فالشخص المثلي ليس كتلك الصورة المبتذلة التي رسمها المجتمع في مخيلته و لكنه شخص لا تستطيع أن تميزه عن باقي الأشخاص المحيطين بك.

لهذا ستجدون شخصيتي– كريم – هناك في معظم الأعمال المقدمة في هذا الكتاب .. قد تكون شخصيتي محورية أحياناً و ثانوية أحياناُ أخرى .. أعرض وجهة نظري من خلالها بطريقة مباشرة حتى لا يكون هناك مجال للتفسير أو لتأويل وجهة النظر تلك .. و هذا ليس عيباُ من وجهة نظري على الأقل.

في النهاية أتمنى أن ينال هذا الكتاب إعجابكم أو إعجاب بعضكم .. فليس هناك شيء يجتمع عليه كل البشر مهما كان هذا الشيء.

كريم عزمي

لتحميل الكتاب اضغط هنا

Download or read the book on Goodreads


01 November 2009

العطش الدائم


إحساس دائم بالعطش يشعر به طوال الوقت في تلك الفترة التي لا تتسم بالحر .. لم يكن لديه هذا الشعور في فترات الصيف .. يتناول كميات كبيرة من الماد البارد مع كميات أكبر من المشروبات الغازية و العصائر المختلفة .. سرعان ما يفقد كل هذه السوائل عن طريق التبول بكثرة .. و على الرغم من كل هذه الكميات الكبيرة من السوائل التي لم يتخيل يوم أن يتناولها فإن الجفاف الذي يعتلي شفتاه لا يزول .. كذلك جفاف الحلق لا يتبدد .. يشعر بأن جلد يديه جاف تماماً.

إحساس بالرعب يجتاحه خوفاً من أن تكون هذه الحالة بسبب مرض ما .. يخشى الذهاب للطبيب خوفاً من صدمة إكتشاف الحقيقة.

في الفترة السابقة كان سعيداً جداً بتقربه من الله و الإنتظام في عبادته و المواظبة على الصلاة .. كان قد بدأ يشعر بالانتظام و الإستقرار في حياته على الرغم من كثرة أعماله في الفترة الأخيرة إلا انه كان سعيداً حتى بدأت تلك الحالة من العطش و الجفاف .. حيث بدأ الشعور بالخوف و الإرهاق يدق طبول القلق في حياته.





20 October 2009

فقط يبتسم

كثير من الناس هناك حيث الزحام من حوله .. البعض يقف بالقرب منه و الكثير يجلس أرضاً من حوله .. يقترب اشياقاً له .. بعد أن أنهى صلاة العشاء هناك .. يحاول ان ينفذ إليه وسط الزحام .. يقترب من السور المعدني - المحيط به - الذهبي اللون ذو النقوش الرائعة حيث يمكث في منتصفه مقام العارف بالله : السيد أحمد البدوي.

يلتصق بالسور .. يسند جبهته عليه .. يغمض عينيه و تسيل الدموع بغزارة .. يبتل وجهه و تبتل ملابسه .. لا يعبأ بالمحيطين به .. لا يهتم أن يرى أحد دموعه .. لا يعرف لماذا يبكي و ما سبب كل هذه الدموع .. يحاول الدعاء .. لا تخرج منه كلمات سوى " يا رب .. يا رب "

يفيق من حالته تلك .. يخرج من المقام ليجد مقام أخر مقابل له .. يبدو أنه لأحد أتباع السيد البدوي .. يدخل هناك حيث لا يوجد غيره .. يتجه لأحد أركان الحجرة و يجلس أرضاً .. يحاول تهدئة نفسه .. محاولاً فهم ما الذي يبكيه .. و لكنه بدل من أن يهدأ يجد دموعه تنهمر مرة أخري .. فقام مسرعاً خارج المسجد.

هناك خارج المسجد يجد تجمع من الناس يشاهدون مراحل الاستعداد لتصوير أحد البرامج حيث ينشرون ألات التصوير و لمبات الإضاءة حول مكان التصوير .. لم يتوقف بل سار بخطى سريعة .. يحاول البحث عن مكان يغسل به وجهه ليزيل أثار الدموع التي ما زالت على وجهه .

صوت من الخلف يناديه " كريم " .. يتوقف و يلتفت للخلف .. إنها إحدى الصديقات .. لم يراها منذ 5 سنوات .. يسلم عليها و يحاول ان يرسم الابتسام على وجهه حتى يخفي أثار الدموع و البكاء .. تنظر له مندهشة و متسائلة " أنت بتعمل أيه هنا ؟ ".. لا يعرف بما يجيب .. فقط يبتسم.








11 October 2009

حينما تجتمع الأشياء

أشعر بالقلق عند الذهاب لمكان جديد
أشعر بالإضطراب عند اللقاء الأول
أشعر بالرعب عند تحمل المسئولية و القيادة.


اليوم اجتمعت كل هذه الأشياء
مكان جديد
لقاء أول
مسئولية و قيادة الموقف
إضطراب لدرجة الرعب
هروب لدرجة عدم رؤية المحيطين
صمت وعدم القدرة على الكلام
إجبار الذات على التماسك
فشل ذريع
عينان مليئة بالدموع الغير مصرح لها بالخروج
ذكريات من الماضي
استنجاد بالله لتهدئة الموقف.







21 September 2009

كل شخص هو أفضل عاشق لنفسه


لا يعرف الانسان قيمة الشىء إلا بعدما يفقده أو يتنازل عنه بكامل إرادته نتيجة لجهله بقيمة هذا الشىء ، ربما يحاول بعد إدراك قيمة و أهمية هذا الشىء أن يستعيده مرة أخرى بشتى الطرق السلمية في البداية حتى يصل للطرق الهجومية التي يترتب عن استخدامها خسائر للطرفين ، و عند استعادة هذا الشىء لا يمكن أن توصف درجة السعادة الناتجة عن هذا الحدث الفريد حتى مع وقوع الخسائر فاستعاده هذا الشىء المفقود يمحو أثر أي خسائر أخرى .. و ها أنا سعيد جداً بإستعادة حريتي .

***

عشت سنوات أبحث عن السعادة أو بمعنى أخر انتظرها معتقداً انني سأجدها هناك في جعبة الحبيب المنتظر و الذي سيهديها لي فور وقوع الحب بيننا كما يفعل بابا نويل ليلة الكريسماس مع الأطفال و أمنياتهم و هداياه لهم .. كم هي فكرة ساذجة .. فالحقيقة ليست كذلك فالسعادة ليست هناك في جعبة أي انسان أخر غيرك .. السعادة تكمن داخلك أنت فأبحث عنها و ستجدها .. لا تحمل أحد غيرك مسئولية أن يكون مصدر سعادتك أو تعاستك .. كن سعيداً و أفعل كل الأشياء التي تجلب لك السعادة مهما كانت أشياءاً صغيرة قد يصفها البعض بالتفاهة .. و ابتعد عن كل الأشياء التي قد تكون مصدر تعاسة لك .. لا تنتظر مخلوق غيرك ليسعدك .

***

شعار جديد لفت انتباهي " كل شخص هو أفضل عاشق لنفسه " هو شعار مهرجان قرأت عنه حدث مؤخراً بالمملكة المتحدة .. حيث يقوم المهرجان على الدعوة لممارسة المتعة الذاتية و التي تسمى الاستمناء " الاستمناء هو نشاطنا الجنسي الأول ، ومصدر طبيعي من مصادر المتعة المتاحة لنا جميعاً طوال حياتنا ، وشكل فريد من التعبير الخلاق عن الذات . ففي كل مرة تمارس فيها الاستمناء تحتفي بجنسانيتك ومقدرتك الفطرية على الاستمتاع ، فإذن أعِنْ نفسك بنفسك! "

و عن الأسباب التي دفعتهم للدعوة لممارسة الاستمناء ، كانت اجابتهم كالتالي : " 1. لأن المتعة الجنسية هي حق كل شخص بالولادة. 2. لأن الاستمناء هو الممارسة القصوى للجنس الآمن. 3. لأن الاستمناء تعبير مبهج عن حب الذات . 4. لأن الاستمناء يقدم العديد من المنافع الصحية التي تتضمن: التخفيف من آلام الحيض ، التخفيف من الضغط النفسي ، إطلاق المورفينات الداخلية ، تقوية عضلات الحوض ، التخفيف من انتانات غدة البروستات عند الرجال وزيادة المقاومة الإنتانات الفطرية عند النساء. 5. لأن الاستمناء منشط ممتاز للجهاز القلبي الوعائي. 6. لأن كل شخص هو أفضل عاشق لنفسه. 7. لأن الاستمناء يزيد من الإدراك الجنسي. " .

لا أدري مدى صحة المعلومات الصحية في هذا المقال .. فقد قرأت كثيراً قبل هذا أن الاستمناء شىء ضار صحياً و غير مفيد و يؤدي لمشاكل صحية مستقبلية .. لا أدري هل كان هذا الكلام صحيح أم هو مجرد نتيجة لتحريم الإستمناء و محاولة تأكيد هذا التحريم بأدلة طبية كدليل على صحة الموقف الديني من هذا الموضوع .. و لكن بعيداً عن هذا الموضوع فالشعار هو أشد ما أعجبني في كل هذا الموضوع فعلاً .. ربما لأنه يتماشى مع موقفي الحالي من الحياة .

***

كل ما يمر بالانسان في حياته من مواقف و تجارب تعتبر من الأشياء الهامة و الضرورية لتكوين مبادئه و أفكاره و شخصيته .. فتعامل مع هذه المواقف على أنها دروس تتلقاها في مدرسة الحياة على يد مدرسين مخلتفين .. معلم لكل موقف .. فلا تحزن اذا تعرض لموقف أو تجربة مؤلمة فهذا مجرد درس سينتهي و ستستفيد منه في حياتك المستقبلية .


أدركت الآن أن تامر كان أعقل الشخصيات التي قابلتها في حياتي و أحكمهم .. ربما في الماضي لم أكن أفهم كثير من أفعاله و كلماته و أحيانا فسرت الكثير منها بشكل مختلف تماماً طبقاً لمبادئي و تفكيري .. لكني الآن فهمت .


***

09 September 2009

أنا و لعبة الحياة

بالأمس .. ككل ليلة أسهر أمام شاشة التليفزيون أتابع برنامج لعبة الحياة بشغف .. أقفز فرحاً عندما يختار اللاعب علبة بها رقم صغير .. أصيح تأففاً عندما يختار علبة بها رقم كبير فهذا يعني أنه قد خسر هذا الرقم و خرج من دائرة الأرقام المحتمل أن يحصل عليها المتسابق في نهاية اللعبة .

أيمن – متسابق حلقة الأمس – قدمته روازن مغربي – مقدمة البرنامج – بشكل ملفت للإنتباه حيث كادت أن تلقي خطبة عصماء عن أخلاقه الحسنة .. لم أتعاطف من قبل مع اللاعبين الذكور السابقين حيث كان معظمهم من النوع الذي يحب الظهور و الاستعراض و المغالاة في ردود الأفعال .

بعد 10 دقائق من البرنامج أدركت أن روزان كانت صادقة في حديثها عن أيمن و أخلاقه و أدبه .. أثارتني ردود أفعاله تجاه الخسارات المتتالية التي لحقت به نتيجة لإختياراته .. أدهشتني ردود أفعال المشاركين معه في اللعبة فقد بكى الكثير منهم .. كان يشعر بالذنب تجاههم و إحساسه بأنه سبب لهم التعاسة .. تمنى لو كان قبل العرض الأول للبنك بعد الجولة الأولى و أنهى هذه اللعبة حتى لا يكون سبب حزن للأخرين .

تمنيت من قلبي أن يخرج أيمن من هذه اللعبة و هو رابح و سعيد ليحقق ما تمنى له و لزوجته ريهام ( ريكو ) و لكن كالعادة فالطيبين دائماً ما يكون الحظ العسر حليفهم .. بكيت من أجله .. لم تفارق الابتسامة وجهه رغم حزنه .

اليوم .. جالس أنا أمام روزان مغربي .. تصفيق حاد من الجمهور إذاناً ببدء الحلقة التي صرت أنا المتسابق بها .. تقدمني روزان بحميمية على الرغم من أنها المرة الأولى التي تقابلني بها .. تعجبني طريقة روزان الكلامية و الحركية و ردود أفعالها و مساندتها المعنوية للمتسابقين و كأنها واحدة من صفوفهم و ليست في الجانب الأخر و قد جعلت من البنك هو عدو المتسابقين و المقامر الذي يلعب ضدهم .. ألتفت حولي ناظراً على الجمهور و على باقي المشاركين في اللعبة .. لا أعرفهم .. فقط مجدي الانسان الطيب و رامي صاحب الابتسامة الساحرة و تلك الفتاة صاحبة الشعر الاسود الناعم المسترسل التي تذكرني بالباربي جير و التي تقفز فرحاً اذا كان بحوزتها رقم صغير و اختاره المتسابق الذي يلعب لعبة الحياة .

شرحت لي روزان أن حلقة اليوم لن تكون كباقي الحلقات فهي حلقة خاصة جداً .. لن يكون هناك أرقام داخل العلب و لكن سيوجد في كل علبة واحد من أهم مقومات الحياة التي لا يستطيع انسان ان يحيى بدونها .. و في نهاية الحلقة سيكون هناك شىء واحد فقط من هذه الأشياء هو من نصيبي و جائزتي و أكملت قائلة أن محتويات العلب لن تظهر لي قبل إختيارها .

أجبت عليها ضاحكاً : شكلها بقت لعبة الحياة بجد
ابتسمت لي روزان ضاحكة و قالت : نعم هي هيك يا كيمو يا عسل

بدأت الجولة الأولي و اخترت ستة علب ، كانت محتوياتها كالتالي : المال – الجمال – الصداقة – الأحلام – العمل الناجح – الأولاد .. صدمات متتالية و اختيارات سيئة و حظ أسواء و لكني ما زلت أبتسم و روزان تحاول أن تخفف عني يبدو على وجهها الحزن و الألم أكثر مني .. لكني لا أشعر بالحزن الكثير فكل هذه المقومات لم أملكها و لن أحزن عند فقدانها هنا الآن .. الشيء الصعب هنا هو عملية الإختيار و الندم الذي يأتي بعد الاختيار الخاطىء . أعتقد أنه ما زال أمامي الحب فبالتأكيد الحب من أهم مقومات الحياة و بالتأكيد يوجد هناك في واحدة من تلك العلب . و هذا ما أحلم بأن أفوز به في الحياة .. أقصد في لعبة الحياة .

يرن الهاتف الذي أمام روزان و يعني هذا أن هناك عرض للبنك - العرض الأول – تستمع روزان وحدها لعرض البنك .. تنظر لي بتلك النظرات التي لا تنقل شىء سوي القلق .. تنهي المكالمة و تصمت قليلاً ثم تقول :

" البنك بيقول ان موقفك صعب كتير بعد ما فقدت كل هذه المقومات الضرورية للحياة ، علشان هيك البنك مقدملك عرض ( الحب المشروط ) "

نظرت إليها تملئني الدهشة : يعني أيه الحب المشروط ؟

أجابت روزان : الحب المشروط يعني الخضوع التام و المطلق للحبيب و عدم وجود أي مساحة للتفاهم أو المناقشة ، الحبيب هو صاحب القرارات فقط ، انك تعيش في قصر الحبيب بدون أن ترى او تتحدث مع أي انسان غيره ، و عند الإخلال بأي شرط من هذه الشروط مهما كان تافه سيتم فسخ و إنهاء هذا الحب .

أصمت أنا ، لا أعرف بماذا أجيب .. هل أرضى بهذا العرض و انهي هذه اللعبة أم أرفض و أكمل في لعبة الحياة ؟

صحيح أن الحب هو ما تمنيته في هذا الحياة و لكن الحب بتلك الشروط و هذه الظروف صعب جداً .. يضطرب قلبي .. ماذا أفعل ؟ .. أنظر لباقي الناس من حولي .. لا أحد يهتم و لا أحد يساعدني على إتخاذ القرار .. وحدي أنا صاحب القرار و متحمل مسئولية هذا الإختيار .

نظرت لروزان المشفقة عليّ و قلت لها " No Deal " صفق الجمهور و لكن قلبي بكى بشدة متسائلاً هل سأجد الحب المتفاهم في واحدة من تلك العلب الباقية ؟ و هل سيكون من نصيبي ؟ أم أنني لن أجد الحب مرة أخري و بماذا سأفوز في نهاية الحياة ؟ أقصد نهاية لعبة الحياة .



31 August 2009

القضاء على الشعب المصري

في فترة ما قبل ثورة 1952 حيث الاحتلال البريطاني لمصر و نظام الحكم الملكي كان الهدف الأسمى للشعب المصري هو القضاء على الاحتلال و التخلص من الملكية و نظام الاقطاع و قد نجح ضباط الجيش الأحرار بالتعاون مع الشعب في تحقيق هذا الهدف و فرض نظام الحكم الجمهوري لأول مرة في التاريخ المصري .


و بعد مرور فترة من الزمن و بعد اتخاذ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قرار تأميم قناة السويس و السيطرة المصرية الكاملة على قناة السويس و الحصول على مواردها كاملة دون شريك ، هذا القرار الذي استفز انجلترا و التي قررت الانتقام من مصر هذا الانتقام الذي جاء مع رغبة فرنسا للانتقام من مصر لمساندتها للثورة الجزائرية ضدها و كذلك رغبة اسرائيل في الاستيلاء على سيناء .. اجتمعت تلك الرغبات مكونين العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 و الذي قـُبل بمقاومة شديدة من الجانب المصري و انسحبت القوات الثلاث منهزمين بعد قرار وقف اطلاق النار و كان هذا النصر نتيجة لتحالف الجيش مع قوي الشعب و تظهر المقاومة الشعبية بوضوح في مقاومة أبناء بورسعيد لهذا العدوان .


بعد ما يزيد عن العشر سنوات و التي كانت تتخلها بعض المناوشات بين الطرفين العربي و الاسرائيلي ، تستعد خلالها اسرائيل بأحدث أنواع الأسلحة مستعينة ببعض الدول الغربية الكبرى و الاعلام الموجه و المخطط و محاولة كسب التأيد العالمي للقضية الاسرائيلية ، في نفس الوقت يتم إنشغال الدول العربية ببعض المشاكل الداخلية و تهمل جانب التسليح ، تقوم اسرائيل بهجوم مفاجىء على جبهات متعددة على مصر و الأردن و فلسطين و سوريا كان هذا عام 1967 و هذه الحرب التي نعرفها نحن بالنكسة و يعرفها العالم باسم حرب الستة أيام حيث تحتل فيها اسرائيل شبه جزيرة سيناء بشكل كامل بالاضافة إلى بعض المناطق العربية الأخري و دولة فلسطين بأكملها .


و تمر سنوات يعاني فيها الشعب المصري مرارة الهزيمة و فقدان جزء غير هين من أراضيها .. في نفس الوقت يستعد الجيش المصري بشكل غير علني لحرب استعادة و تحرير سيناء .. و بالمثل جائت حرب أكتوبر 1973مفاجأة للجانب الاسرائيلي الذي لم يتوقع أن يقوم الجيش المصري بهذه الحرب .. و قام المصريين بحرب أكتوبر المجيد و نجح المصريين في استعادة الضفة الشرقية من قناة السويس و تم استعادة باقي سيناء عن طريق معاهدات السلام و قرار وقف إطلاق النار مع الجانب الاسرائيلي .. و راح الألاف من شباب مصر شهداء في تلك المعركة و حاول الشعب نسيان آلامهم لفقدان أبنائهم و التظاهر بالفرحة و تضميد جراح فقدان الأعزاء كما غنت شادية " سينا رجعت كاملة لينا و مصر اليوم في عيد " نعم كان عيداً رغم الحزن الذي ملاء قلوب الكثيرين و رغم استشهاد الألاف .. لا أحد يستطيع أن ينكر أن هذه الحرب و هذا الحزن الذي خيم على معظم البيوت المصرية قد أثر بشكل محوري في عادات و سلوكيات الشعب المصري .


و مرت السنوات و أصبحنا في العصر الحالي و لكل عصر هدف ، نعم لابد من وجود هدف محوري يجتمع حوله الشعب لتحقيقه .. و لكن يا ترى ما هو هدف شعبنا الحالي ؟ هل هو التقدم ؟ هل هو الازدهار و التميز ؟ هل هو الارتقاء الصناعي و منافسة الدول الأخرى في بعض الصناعات و لو كانت صغيرة ؟ هل هو الصراع حول محاولة خلق مناخ صحي و قيمي و اجتماعي أفضل للمواطن المصري ؟ لا أعتقد ذلك فليس أي من تلك الأهداف كان هدفنا .. و لكن الهدف الذي إشترك فيه كل الشعب على تحقيقه في السنوات الأخيرة كان القضاء على الشعب المصري نفسه .. نعم القضاء على الشعب المصري .. لا تصدق ذلك ؟ سأوضح لك ذلك في الفقرات التالية .


كلنا نعرف أن الماء هو سر الحياة كما تقول الحكم القديمة .. في مصر المصدر الوحيد للمياة هو نهر النيل .. بل أن لا وجود لمصر بدون النيل و قد أدرك القدماء هذا فقدسوه و أصبح أحد آلهتهم و مع ذلك فقد اتفقنا نحن الشعب المصري المعاصر على القضاء على هذا المصدر الوحيد للحياة لدينا .. فأصبح النيل سلة المهملات و القاذورات لكل مخلفات الشعب المصري ، و مخلفات المصانع السامة ، و مقبرة للحيوانات الميتة و قد اصبح النيل أحد فروع الصرف الصحي .. ناسين أن تلك المياة التي نبذل قصارى جهودنا لتلويثها يعاد ضخها مرة ثانية لنا في مواسير مياة الشرب لتصل إلينا محملة _ مهما كانت درجة تنقية هذه المياة _ بمختلف السموم التي قمنا نحن بإلقائها بها .


اتفقنا نحن الشعب المصري على أن نخترع من الطعام قنابل للقضاء على الشعب المصري .. لم يقتصر دور الشعب على تلويث المياة و التي سوف تروي النباتات و الاطعمة التي سنتناولها .. تلك النباتات التي سوف تحتفظ داخلها بكثير من السموم و الملوثات التي اوجدناها في مياة النيل و لكن قام الفلاح المصري باستخدام اختراع أخر رائع ألا و هو الهرمونات تلك المواد الكيماوية التي لها مفعول السحر حيث يضيفها الفلاح مساءاً لثمار الفاكهة و الخضراوات و التي مازالت في بداية مرحلة النمو ليجدها صباحاً قد أصبحت ضخمة و جاهزة للقطف و البيع .


هذه الخضر و الفاكهة التي استخدم الهرمونات في انضاجها تعتبر من الأسباب الرئيسية في اصابة المواطنين بالفشل الكلوي و الأورام و السرطان و أمراض الكبد .. و نشيد بالذكر دور كبار بعض المسئولين في استيراد الكثير من المبيدات الزراعية المسرطنة يعني مش عارف اقول أيه .. الشعب كله شغال بمنتهى الهمة و النشاط لتحقيق الهدف الأسمى .


و قد قام بعض نشطاء الوطن بتصنع و ابتكار نوع جديد من الألبان لا يحتاج مزارع و لا أبقار و لا أي نوع من الحيوانات و لكن كل ما يحتاجه هو شكارة بدرة سيراميك مع قليل من مكسبات الطعم و اضافتهم للماء و يكون المشروب جاهز للاستخدام .. و طبعا نشكر صاحب هذا الابتكار و نتمنى من الدولة ان تعطيه احدى جوائز الدولة التقديرة الخاصة بالاختراعات و نشيد بالسادة المسئولين عن توفير مواد البناء بتوفير المواد الخاصة المستخدمة في صناعة هذا النوع من الألبان و عدم رفع سعرها حفاظاً على المنتج الجديد .


و قد كان لرجال الأعمال و المستوردين دور فعال في تحقيق هدفنا حيث شاركوا بمجهود رائع في استيراد الاطعمة الغير صالحة للاستخدام الحيواني و طرحها بالاسواق المصرية على أنها منتجات للاستخدام الأدمي رافعين شعار " خلي الغلابة تاكل " .


و نشيد بدور شركات استيراد الأدوية في استيراد بعض الأنواع التي لا تصلح للاستخدام بالخارج للمواطن الأوربي لخطورتها و طرحها بالاسواق المصرية محتكرين الانواع الجيدة و الفعالة للمواطن الأوربي ( مواطن الدرجة الأولى ) كذلك نشكر بعض الأخوة المصرين الذين قاموا بإنشاء مصانع صغيرة لصناعة الأدوية ببدرومات المنازل و اسفل سلالم البيوت و هذا مساعدة منهم في حل مشكلة الدواء متخذين نفس أسماء الأدوية المستوردة و نفس شكل الغلاف الخارجي فهذا هو الشىء الهام أما محتوي علبة الدواء فهذا لا يهم ، سائرين على مبدأ الشافي هو الله مش علبة الدواء – و يقوم هؤلاء السادة الأفاضل بتوزيع هذه الأدوية بأسعار أرخص على الصيدليات رافعين شعار " ليه تتعالج لما ممكن تموت " طبعا بنشكر هؤلاء على مجهوداتهم الفعالة في تحقيق الهدف الأسمى .


و لم يقتصر التسمم فقط على المأكل و المشرب و لكنك ستجد أيضا التسمم في الأفكار .. نعم فالأفكار أيضا تسمم .. حيث تقوم جماعات من الشعب بطرق مختلفة على نشر أفكار التعصب الأعمى و نشر الجهل الفكري بين أوساط المتعلمين .. لا تقرأ كتب أخري غير الكتب الدينية .. فأي كتاب أخر هو علم لا ينفع .. قد يزعزع عقيدتك .. لا تصاحب مسيحي و لا تهنئة بعيده .. لا تلقي السلام على غير المسلمين .. و تبدأ الأزمات الطائفية المصحوبة بأعمال العنف و القتل .. كله كويس ما دام بيخدم هدفنا الأسمى .


و نشكر أيضا الاهمال و التسيب في كل وسائل الأمن و سلامة المواطن المصري .. قطارات تولع بالناس اللي فيها .. تمام قوي خير خير .. سفن تغرق بكام ألف مواطن .. حلو قوي .. جبل ينهار فوق منطقة عشوائية بها مئات المصريين و يتم تسوية الأرض فوق الأنقاض .. يا راجل مية بس ياريتهم كانوا ألف .. تمام يا رجالة مادام كله بيخدم القضية الكبرى .


أعتقد اننا قد حققنا أرقامنا قياسية في عدد المصابين بالفشل الكلوي و الكبد و السرطان في مصر .. رافعين شعار " المصريين أهما حيوية و عزم و همه "


و نحن في انتظار الدور الهام الذي ستلعبه فيروسات الانفلونزا سواء الطيور أو الخنازير و هذا لعدم وجود أي إحتياطيات أمنية أو أساليب وقائية أو عادات صحية لدي الشعب المبجل للحد من انتشار أي وباء أو فيروس قد يجتاح البلاد .. قد يقول البعض أن هناك حجر صحي في المطارات .. و بسؤال الكثيرين ممن عبروا بوابات المطارات المصرية قادمين من بعض الدول الأوربية اجابوا بنفي هذه الاشاعة .. و بالطبع فقد كان هذا هو العشم .. حيث كيف لنا أن نوقف أحد السائحين طالبين منه أن يتم فحصه بأي شكل من الأشكال .. دي تبقى هزولت .


و من هنا نهيب بكل مواطن مصري بان يقوم باحتضان و تقبيل كل سائح يراه في المطارات المصرية حتى لو كان شكله يدل انه يعاني من اسهال الخنازير و هذا بهدف تنشيط السياحة ببلدنا العريق .


و سؤال أخير .. يا ترى كمان كام سنة هنقدر نكون حققنا هدفنا بشكل كامل و قضينا على الشعب المصري بأكمله ؟ و هل سوف نحتاج لخطط جديدة و ابتكارات أخري تساعدنا للوصول لهدفنا الأسمى و لا كده كفايا ؟





25 August 2009

عيد ميـلادي ال 29

عقبالك يوم ميـــــــــــــــــلادك
لما تنول اللي شغل بــــــــــالك

يا قلبي ..


عقبال حبك لما يغنـــــــــــــــي
ودموع عيني ترقص منــــــي

وانا مرتاح البال متهنــــــــــي
لما تشوف الناس جايّـــــــــالك

عقبالك يوم ميلادك ..


عمر حياتي عمر هوايـــــــــــا
نظره وكلمه .. تقابلو معايـــــا

وسنين حبي هيه هنايـــــــــــا
كتبو اول يوم في مـــــــــلادك

عقبالك يوم ميلادك ..


يا مفرقين الشمـــــــــــــــــوع
الحب عمره سنــــــــــــــــــــه
والقلب عاش ميت سنـــــــــــه

قلبي نصيبه فيـــــــــــــــــــــن
والهجر عمره سنيـــــــــــــــن
والفرح له ساعتيـــــــــــــــــن

عقبالك يوم ميلادك ..

قالو لي يوم ميــــــــــــــــلادك
لما تنول اللي شغل بــــــــــالك

يا قلبي ..




08 August 2009

الخروج عن النص

كل انسان منا ولد و نشأ و تربي و عاش و مر بظروف مختلفة تماماً عن أي انسان أخر .. كل هذه الظروف و التجارب التي خاضها هذا الانسان تخلق منه شخصية فريدة من نوعها تلك التي من المستحيل أن تتشابه مع أي كائن أخر فوق هذه الأرض .. بل أن هذا الاختلاف و التميز و الفردية تجدها أيضا بين هؤلاء الذين ولدوا و نشأوا و تربوا و عاشوا و مروا بنفس الظروف و الاختلاف بينهم هنا يرجع إلي التكوين النفسي الداخلي أو الاستعداد النفسي لهؤلاء الاشخاص .. قد توجد تشابهات بين بعض الشخصيات و لكن من المستحيل ان يوجد تطابق بين الأشخاص .

لهذا و من هذا المنطلق يجب علينا ان نكون على وعي تام عند دخول شخصان في علاقة حب او ارتباط انهما سيواجهان شىء عظيم و هو الاختلاف بينهم و محاولة الوصول لحالة الاندماج التي عندها يصل الاثنان لأعلى درجات السعادة .. و اذا نظرت حولك ستجد صدامات كثيرة بين المرتبطين في السنوات الأولي من علاقتهم .. و هذا شىء طبيعي يجب ان يعيه الطرفان و يكونا على استعداد تام لمواجهة هذا الاختلاف وصولاً للاندماج .

و هذا الصدام يرجع الى ان كل شخص منا لديه السيناريو الافتراضي و المتوقع من الحبيب او الطرف الأخر .. هذا السيناريو الافتراضي الذي تكون طبقاً لظروف و افكار و ميول و توجهات كل شخص منا .. و تحدث المشكلات و الصدامات حينما يسلك الطرف الأخر طريقاً او تصرفاً او رد فعل غير مطابق لما رسم في السيناريو الخاص بنا .. و حينما يحدث هذا الاختلاف او الخروج عن النص المتوقع نجد ان ردود افعالنا تختلف أيضا كل منا حسب شخصيته .

قد يحاول البعض لفت نظر الطرف الأخر انه أخطأ و قد كان عليه أن يسلك هذا الطريق او يقوم بتصرف معين او رد فعل أخر بدلاً من هذا الذي قام به و الذي يختلف تماماً مع ما نتوقعه منه .. أو قد يكون رد الفعل أن يصمت البعض منا متمنين ان يفهم الطرف الأخر ان هناك خطأ ما فيحاول هو الوصول بمفرده للتصرف او رد الفعل المتوقع دون أي توجيه او ارشاد منا للطرف الأخر .

مثال على ذلك :
ماذا تفعل اذا اخذ حبيبك الموبيل الخاص بك بدون علمك و قراء الرسائل الواردة إليك و راجع دليل الهاتف الخاص بك ؟ و جاء إليك يواجهك ان هناك صديق ارسل لك رسالة ما قد تحوي كلمة حب او فيما معناه انك مقرب له مع العلم ان هذا الشخص مجرد صديق لا أكثر و انك لا تحمل له أي مشاعر أكثر من كونه صديق و انت عندما قرأت هذه الرسالة لم تفهم هذا المعنى الذي هو يتهمك به الآن؟ كيف سيكون رد فعلك ؟

ستختلف ردود الافعال تماماً من شخص لأخر .. قد ينفعل البعض و يعترض على المبدأ اساساً من انه أخد هاتفك بدون علمك .. قد يدافع البعض عن نفسه و انه ليس هناك أي شىء بينك و بين مرسل هذه الرسالة و انه مجرد صديق .. قد يسكت أخر و يبكي لاحساسه بالجرح و انه مُتهم بالخيانة ... و كثير من ردود الأفعال التي ستختلف باختلاف شخصيتنا

و لكن هل جاء في عقل أي منكم أنه من المفترض انت أيضا أن تقوم بنفس الفعل و أن تأخذ هاتف حبيبك هذا و تقرأ الرسائل الواردة إليه و تبحث في دليل الهاتف الخاص به كدليل على اهتمامك به و حبك له ؟ ربما يجيب البعض بالموافقة و ربما يعترض الأخر على هذا .

اذا فالوصول لمرحلة الاندماج ليست بالشىء الهين أو البسيط .. فالسيناريوهات لدى كل منا مختلفة تماماً باختلاف شخصياتنا .. لذا فما الداعي لوجود هذه السيناريوهات مادامت لن تتطابق مع تصرفات من نحب و انها ستختلف دائماً .. أليس من الأفضل ان نهتم بمعرفة الطرف الأخر و اكتشاف شخصيته و اكتشاف ايجابياته و سلبياته و كتابة سيناريو جديد يتفق مع اتجهاتنا و اتجاهات من نحب .

لذا يجب على الطرفين ان يتحاورا و يتناقشا بشكل مستمر و دائم لمعرفة كل منهما الأخر تاركين كل السيناريوهات المتوقعة و ألا يستحوذ طرف منهما على الأخر طالباً من الطرف الثاني أن يتغير و يتشكل في تصرفاته و ردود أفعاله و تفكيره بنفس الصورة الافتراضية التي رسمها الطرف الأول في السيناريو الخاص به .. لانه من المستحيل أن تمحو شخصية انسان و تستبدلها بأخري .. قد يستطيع هو ان يتقمص تلك الشخصية التي كتبتها انت في السيناريو الخاص بك لفترة محدودة كما يفعل الممثلين وقت العمل و لكن لن يستطيع ان يستمر لفترة طويلة حيث دائماً لابد ان يعود لشخصيته الحقيقية .. و اذا أثر طرف من الاثنان على أن السيناريو الخاص به هو الأفضل و هو المثالي و هو الطريق الوحيد للوصول للسعادة في هذه الحالة ستكون العلاقة بينهم تتجه نحو النهاية المحتومة .

لذا تخلصوا من سيناريوهاتكم الافتراضية للحبيب و اكتشف شخصية حبيبك الحقيقية و حاولا سويا الوصول للسعادة – الهدف الأول للعلاقة – عن طريق الاندماج و التغيير في الطرفين .. و اذا لم تتحق السعادة فالافضل عدم الاستمرار بها لانها ستكون سبب للشقاء المستمر .


07 August 2009

لا أريدك قائداً لجوادي


لا أريدك قائداً لجوادي
فعندما تكون قائده
فانه لا يراك
فقط يشعر بسوطك
عندما يخطىء الإتجاه
قد تفسر انت هذا حباً
و لكنه يراه جفاء

قد تقول أنك تخاف عليه
من أن يخطىء الإتجاه
و نسيت انه يمشي
في هذه الحياة
قبل أن تراه
و سيمشي إن تتركه
و إن تنساه


لا أريدك قائداً لجوادي
ولكني أريدك رفيقاً لحياتي
أراك أمامي و بجواري
تشاركني دروب الحياة
تختار معي الاتجاه
تنظر لي بكل احترام
قد أخطىء و تنزلق الأقدام
و لكني سأتعلم من الأخطاء

لا تجعل من وجودنا سويا مشكلة
تسبب لي و لك الحزن والاكتئاب
تكفينا مشاكلنا الأخرى
يكفينا الخوف من مجتمعنا و أهلنا
فلا تجعل حبنا أحد أسباب شقائنا

لا أريدك قائداً لجوادي
ولكني أريدك رفيقاً لحياتي


29 July 2009

كش ملك

منذ بدء الخليقة و الانسان في حروب و صراعات لا تنتهي و كأن الأرض بسطت لتصبح رقعة شطرنج و يقف على جانبيهاالفريقين المتحاربين في حرب لا تنتهي أبداً .. و لكن الملفت للانتباه ان تلك الصراعات لم يكن الدافع خلفها هو صراع الخير و الشر و هو بالطبع الصراع الأشهر الذي فقط نجده في قصص الأطفال و لكن هناك صراعات أخرى و أهداف أخرى قد تكون غريبة و مثيرة للدهشة .

فمثلا ما الدافع خلف الصراعات القائمة بين الأديان .. ما دامت هذه الأديان تعترف بوجود الله الخالق الواحد .. لماذا كانت هناك الحروب الصليبية و لماذا كانت هناك الفتوحات الاسلامية .. لماذا حتى الآن توجد الأفكار التي تحث على الجهاد و الكفاح المسلح باسم الدين .. لماذا ما زال هناك الطموح اليهودي و الحروب الباردة و الارهاب .. ما دام الكل يعبد رب واحد فما الغاية من الحروب و الصراعات .. لماذا لا يعبده كل بطريقته التي يرتضيها و يراها هي الأقرب له .. هذا مجرد مثال .

و هناك أمثلة كثيرة لأمور أبسط نجدها في حياتنا اليومية .. صراعات و حروب من أجل فرض رأي او اختلاف في رأي .. قد نجدها في أمور تافهه مثل كرة القدم و الشجار حول الفريق الأفضل .. صراعات حول فرض مكانه اسم عائلة في قرية ما من القري بسبب شجار بسيط بين الأطفال و قد تصل هذه الصراعات إلي القتل .. صراعات لا تنتهي و اذا انتهت احدى الحروب بسبب ما تنطلق حرب أخري بهدف أخر و كأن البشر لم يجدوا سبباً لوجودهم هنا على الأرض إلا لكي يتحاربوا .

لماذا تتحول الحياة إلي رقعة شطرنج و يجب علينا أن نخوض الحروب بشكل يومي .. أنا شخص مسالم لا يحب الدخول في صراعات مع الأخرين و يبدو ان هذا غير كافي لتعيش في سلام هنا .. تعبت جداً و ارتضيت أن انسحب من تلك الحياة و تركت رقعة الشطرنج لباقي البشر و باقي الفرق المتحاربة و ارتضيت ان أمكث هناك في صومعتي كملك مهزوم بعيداُ عن كل تلك الصراعات .. التي ارهقت تفكيري و أدمت مشاعري .. كل ما أريده أن تمر تلك السنوات التي أحياها هنا بسلام .. لا حروب و لا صراعات .. لا أريد مكاسب و لا أريد أن أخسر نفسي .. تركت لهم رقعة الشطرنج بكاملها تركتها لباقي البشر .

أجد تشابهاً كبيراً بين عزلتي التي ارتضيتها لنفسي و بين عزلة ( الجبلاوي ) احدى شخصيات رواية ( أولاد حارتنا ) للكاتب الكبير ( نجيب محفوظ ) حينما قرر الجبلاوي – الجد الكبير – أن يغلق عليه بيته بعيداً عن كل أحفاده و ذريته .. سنوات مرت من حياتي و انا ها هنا في حجرتي بعيداً عن كل الناس .. لا أتدخل في حياة الأخرين و لا أريد أن يتدخل أحد منهم في حياتي أعيش كملك منسحب من أرض المعركة تاركاً كل ملكه في تلك الحياة للأخرين .. و لكن هل هم رضوا بذلك ؟

لا لم يرضوا بذلك .. لم يكفيهم الانسحاب و لا كل تلك الحياة التي لم أعباء بها .. تقشفت عن حاجتي لوجود أخرين .. و لكن لم يكن هذا رادع لهم فما زالت داخلهم الرغبة في الحرب .. لم يكفيهم الانسحاب و الانعزال فلم يتركوني لحالي هناك بل زادت لديهم الرغبة للدخول لي في صومعتي لينهشوا لحمي و يكسوا عظامي .

الانسحاب و الانعزال هزيمة ، ألا يكفيهم أن أعترف بذلك ؟ ألا يكفيهم نصرهم و تلك الحياة التي أصبحت لهم وحدهم ؟

فاليوم وجدته أمامي في صومعتي .. عاد بعد فترة طويلة من الغياب .. لم يعد حباً في الملك المهزوم و لكنه عاد كي يقول له " كش ملك " أفقدتني المفاجأة القدرة على الكلام و امتلاء قلبي رعباً و لكنه أكمل قائلاً " ها أنا الآن في عقر صومعتك و قد وصلت إليك ، كذلك هناك أخرون يستطيعون ذلك فانت هنا لست بعيداً عن الحروب و الصراعات .. بل يجب عليك أن تخرج منها و أن تعود لأستكمل الحروب و مواجهة الأخرين "

اخترق صوعتي كما اخترق ( عرفة ) صومعة الجبلاوي – البيت الكبير – لم يفعل عرفة ذلك بهدف قتل الجبلاوي و انما لكشف سره الأعظم و لكي يطلب منه التدخل لحماية أبناءه من الفتوات و من الناظر سارق أبناءه .. و لكن الجبلاوي مات إثر احساسه بالخطر و ان هناك من استطاع الوصول إليه و اختراق أسوار بيته العالية .. كذلك هو لم يخترق عزلتي بهدف إيذائي و لكن كي ينصحني بالتغير و الخروج من العزلة .. فالعزلة ليست الحل الأفضل بل هي الحل الأسهل .. أشعر بزلزال في أفكاري و في حياتي .. هل استمر هنا في عزلتي بعيداً عن الناس الذين لن يتركوني أعيش بسلام بعيداً عنهم أم أخرج من صومعتي و اعود لرقعة الشطرنج حاملاً درعاً اخفي خلفه الشرخ الذي بداخلي مستعدا للحرب مستعداً للموت ، متظاهراً بالقوة حتى لو كنت ضعيفاً مكسوراً و بأنني لا أخشى الهزيمة .. فالهزيمة في ميدان المعركة أشرف بكثير من الهزيمة داخل صومعتي .

نصحني بالخروج حتى لو كنت مرتدياً قناع أخفي به حقيقتي .. أخفي به ضعفي .. المهم أن أخرج .. جلست مع نفسي أفكر فيما قاله .. شعرت بهول موقفي و خطر عزلتي و خطر خروجي مرة ثانية .. حسدت الجبلاوي على موته وقتها تمنيت أن تنتهي الحياة و أن أتخلص من رقعة الشطرنج كلها .


17 July 2009

لا للتحرش الجنسي .. فيلم مهم جداً

كلمة تبتدي بته
ته تخوف ده حقيقي
ثم حه حد قاصد
انه يزعجني ف طريقي
ثم ره يعني رافض
انه يبقى زي شقيقي
و ف أخر حروفها شين
شر بيسبب لي ضيقي

التحرش شر طبعاً
و اللي اسواء منه أيه
اني متكلمش و أعلن
كل غضبي و رفضي ليه
شىء مهم مهم جداً
اننا نغضب عليه
كلنا لازم نقول
لاء ديماً للتحرش

***
شاهد هذا الفيلم ( فيلم مهم جداً) انت و أطفالك
فيلم لتعليم الأطفال ما المقصود بالتحرش الجنسي و كيفية التصرف عند التعرض له

اضغط هنا لتحميل الفيلم


30 June 2009

حوار أصدقاء من الجزائر


الحوار ده من اعداد زكي من الجزائر و تقديم يوسف :

يوسف : أحب أن أشكرك يا زكي على منحي فرصة لأجري معك دا الحوار
زكي : اه طبعا وايه المشكلة

يوسف : طيب حبدأ على طول ايه يعنيلك كريم عزمي ؟
زكي : كريم عزمي صديقي كما هو صديق لكل من يطلع مدونته وكمان هو متميز

يوسف : ايوة هو متميز ازاي ؟
زكي : بص ان اسلوبه بسيط و واضح يوصل لجميع الناس انه مو شرط الشخص يكون مثلي مشان يطلع على المدونة وخير دليل تلك المراة التي طلبت المساعدة من كريم لان زوجها مثلي هذا دليل على انه صحيح متميز وكذا عجبتني قصته مع تامر

يوسف : تعرف ايه عن كريم عزمي ؟
زكي : الصراحة معرفش عنه حاجة الا ما يكتبه عنه لان من خلال كتاباته دي استطعت ان ألاحظ او ألمس جانب من شخصيته من خلال وجهات نظره واختياراته وافكاره

يوسف : في ظنك كريم دا عامل ازاي ؟
زكي : بص هو شاب أسمر جدع ما هو طويل ولا قصير لا غليظ ولا رقيق ...

يوسف : ستوب ستوب ايه يا عم انت تعطيني مواصفات ملايين المصريين فكلهم لهم هذه الصفات
زكي : طبعا انا بمزح معك يعني لو شفته قدامي معرفوش بس لو اتكلمت معاه هعرفه على طول .. بيني وبينك انها تكون هويته مجهولة احسن عشانه وعشاني لكي يبقى في مخيلتي زي ما بحب

يوسف : يا ترى كريم عزمي غير فيك أية ؟
زكي : قول ترك فيا ايه وما غيروش لقد اعطاني ثقافة في حياته بينلي طريقي ورسم حياتي ودا كله خلاني اتميز عن اقراني

يوسف : من ناحية أية ؟
زكي : من خلال تفكيري وكلامي واحساسي وفهمي للأمور وحاجات كثيرة جاي الوقت وقلها

يوسف : لما تتكلم عن كريم وسط زميلك تتكلم عنه ازاي ؟
زكي : دا بضبط الي خلانا نحبه احنا نكون في جماعة ونتكلم عنه زي ما يكون قاعد معانا بلا استاذ او دكتور كدا كريم حاف ومهو صديقنا ولا ايه نتكلم عن اشعار لي يكتبها عن اغانيه لي بتعبر عنه ودا لي معايا على طول الوقت اصالة اتفرج على نفسك نص حالة ولطيفة هنخاف من مين وكذا امال ماهر اولاد الشواع وغيرها ....

يوسف : أية لي بقى عالق في فكرك من مدونة كريم ؟
زكي : قصة ليلتها الاخيرة لانها كانت اول شيء اقرائه من المدونة فعلا قصة رائعة

يوسف : سمعت انك كتبت شيء عن كريم في مذكراتك ؟
زكي : جبت الكلام دا منين لا دا مش في الإعداد

يوسف : معلش أهو بيني وبينك
زكي : ماشي ما فيش حاجة بس انو مقتبس منه بعض المقالات وكاتب بعض الاغاني بالاضافة الى رسالته الي سجلتها تحت عنوان الرسالة الاولى

يوسف : لو كان كريم عم يسمعك تقوله أية ؟
زكي : بدي منه انه مايفكر كثير ولا يتعب نفسه واتمنى يتجاوز الظروف الي هو فيها دي وبدي منه ان يعرف ان له اصدقاء بحبوه اوي بس

***

زكي : ايه يا يوسف عجبتك ؟
يوسف : الصراحة كنت هايل

زكي : سجلت كلامنا ؟
يوسف : تسجيل ؟ انت مقلتليش سجل اصلاً

زكي : ليه و ازاي ؟ طيب معلش نعيد مرة ثانية
يوسف : ياالله

***************

اتمنى اني كنت خفيف الظل
و قدرت ارسم الضحكة على وجهك ولو مشفتهاش
صديقك زكي من الجزائر

***************
تعليق كريم :
بشكرك يا زكي على الحوار الجميل ده
و بجد ضحكت جداً
متشكر و سعيد بيك و بكل الأصدقاء من الجزائر

20 June 2009

حتى يدوم الحب

يا تري أي نوع من المعادلات التالية هي الأنجح في العلاقات العاطفية و تريد أن تحقق حلم الوصل إليها في تجربة حب تعيشها مع من تحب .. هذه المعادلات لا تشمل وجود أبناء او أولاد .. هي فقط معادلات بين القلبين المشاركان في رحلة الحب أو رحلة الحياة :

هل تريد علاقة من النوع الأول :
1 + 1 = 1
حيث تتلاشي الفروق و الميول و الرغبات حيث تتلاشي شخصيتك و شخصية من تحب لتصلوا إلى درجة التوحد المثالية حيث تصير قراراتكم و ميولكم و اتجهاتكم و مواقفكم الحياتية واحدة دون الشعور بالإهانة أو التضحية .. لا أعرف ان كان سيكون هذا التوحد نتيجة سيطرة كاملة من شخص و تلاشي الشخص الأخر تماماً أم سيكون التغير في كلا الطرفين .

أم تريد علاقة من النوع الثاني :
1 + 1 = 2
حيث رقم الاثنين هنا هو رقم واحد صحيح .. يعامل كرقم واحد لا كرقمين و لكنه يحمل في طياته واحدين .. اتفقا على أن يكونا رقم واحد أكبر .. ذو قيمة أعلى و أكبر من كلاهما .. و أعتقد أن هذه الحالة تعتبر الحالة الوسطية .

أم ترى أن النوع الثالث هو الأنسب :
1 + 1 = 1 + 1
و هنا الطرفين مرتبطين برباط الزائد حيث كل منهما مستقل بحياته و افكاره و لا يؤثر كل منهما في الأخر و لكن هناك الرباط بينهما .. ربما رباط الحاجة للعاطفة و المشاعر .. كلاهما مستقل عن الأخر و لكن الرباط يجمعهما سوياً .

أي نوع من هذه المعادلات أنجح حتى يدوم الحب ؟


16 June 2009

أولاد الشوارع

كلنا صادفنا أولاد الشوارع في طريقنا للعمل أو البيت و رأيناهم هنا و هناك .. بعض الناس يشمئز منهم .. و بعضهم يخاف منهم .. و البعض يعطف عليهم .. و هذا العطف يتمثل في اعطائهم بعض القروش القليلة .. و لكن هل فكر أحد بهم ؟ أين ينامون ؟ كيف يقضون الليل ؟ ماذا يأكلون ؟ كيف هى حياتهم ؟ ماهى مشاكلهم ؟ و كيف ان اعظم مشاكلهم هى البحث عن لقمة العيش و مواجهة الجوع و البرد و البحث عن اى مكان أمن للهروب من الذل و الخوف و الليل و وحوشة الأدمية .

اعتقد أن الاجابة ستكون لا .. طبعا لم يفكر أحد منا في كل هذه الاسئلة
لقد تناسينا أنهم بشر مثلنا و من حقهم الحياة .. أننا مسئولين عنهم و مشاركين فما وصلوا إليه حتى المجرمون منهم فهم في البداية ضحايا .. ضحايا ظروف اقتصادية و فقر طاحن و مشكلات نفسية أسرية جعلتهم يهربون إلى الشارع الذي أراه غابة بمعنى الكلمة .. غابة بشرية تملائها الوحوش الأدمية .. ماذا ينتظر المجتمع من هؤلاء الأطفال ؟

أطفال الشوارع من أهم المشكلات الإجتماعية التي يجب البحث عن حلول فعالة و ايجابية و جذرية .. يجب التعامل معهم على أنهم ضحايا و ليسوا مجرمين .

و أشيد بالمجهود الرائع الذي بذل في مسلسل ( أولاد الشوارع ) بطولة حنان ترك و عمرو واكد .. هذا المسلسل الذي كشف النقاب عن حياة أولاد الشوارع و عن مشكلاتهم و معاناتهم و كذلك الجرائم و الانتهاكات التي ترتكب في حقهم من جهات كثيرة أولها أسرهم ثم اقسام الشرطة و حتى الملاجىء التي من المفترض أنها خصصت لحمايتهم و تقديم الرعاية لهم و لكن الواقع شىء أخر .

المسلسل كان واقعي جدا حتى فى نهايته .. فلم يكن مثل المسلسلات الأخرى التى نشاهدها و التى تفصلنا عن الواقع الذي نحياه .. و لم يتزوج البطل من البطلة كالمعتاد في السيناريوهات العربية ناسين كل الظروف المحيطة بهم .. فالواقع يفرض قيود على الناس لا يستطيعوا تجاوزها .. حتى الحب لم يستطيع تحطيم هذه القيود .. فعلى الرغم من ان البطل ( عمرو واكد ) الشاب الثري طالب الجامعة الأمريكية الذي أحب زينب ( حنان ترك ) و هي بنت من أولاد الشوارع إلا انه لم يستطيع الزواج منها .

و من المشاهد الكثيرة التي فاضت معها مشاعري .. هذا المشهد الذي يعلن فيه البطل لزينب عن حبه لها و يعلن أيضا أنه لن يستطيع الزواج بها .. و أنهم لو كانوا في عالم أخر أو زمن أخر ربما استطاع فعل هذا .. و قد سحرتني حنان ترك في هذا المشهد حيث المشاعر المتناقضة في آن واحد .. الفرحة و الحزن مع الابتسامة و الدموع .. و أتسأل متى سيتم عرض هذا المسلسل على القنوات المصرية .


و قد شاركت أمال ماهر بغناء تترات المسلسل ألحان ياسر عبد الرحمن و موسيقاه التي أثرت المشاهد و هذه كلمات أغنية مقدمة المسلسل :

قلب الشوارع بوابات و حديد
و عيال كتيرة تايه ماده الإيد
ارحم يا سيد أو بيه
و قول هل مزيد
دول مهما كانوا عبيد ولاد شوارع

و ابكي يا عيني
ع اللي ماله أم
ترحم و تفهم
شكوته و تضم
و ابكي و سبيني يا عيني
ع اللي ماله أب
ازاي هيعرف
حتى معنى الحب

قلب الحجر بيلين
إلا انت يا انسان
اللي احنا عطشانين
عطف و حب و حنان

يا خالق الاحساس
ف الوحش و الاشخاص
حنن قلوب الناس
على اللي لسه صغار

قلبي البرىء محروم
م اللقمة و الضمة
امتى هيجي اليوم
و احضنك ياما
جسيني حسيني
سمي على جبيني
نار الفراق تهدى
بين غربتي و بيني

قلب الشوارع بوابات و حديد
و عيال كتيرة تايه ماده الإيد
ارحم يا سيد أو بيه
و قول هل مزيد
دول مهما كانوا عبيد ولاد شوارع .


اضغط هنا لتحميل الأغنية

01 June 2009

اليوم الأسود


اللهم استرنا و لا تفضحنا

اللهم أرني عظيم قدرتك

اللهم انزل السكينة و الطمأنينة على قلبي

اللهم احفظني من شر عبادك

30 May 2009

كيف تعلم المرأة أن زوجها مثلي

ليست تلك هي المرة الأولى التي يصلني بها إيميل من سيدة تحكي فيه عن مأساة تحياها و تطلب مني المساعدة و أن اخبرها كيف التصرف مع زوجها بعد قراءة مقال كتبته من فترة طويلة كان عنوانه ( حينما يتزوج المثلي من إمرأة ) و الذي غالباً ما يقرأونه على موقع الحوار المتمدن أو موقع أخر لا أذكر اسمه يتناول مشكلات المرأة .. و قد تحدثت مع بعضهم من خلال الشات و استمعت إلى المأساة التي تعيشها تلك النساء و كنت أقف عاجز عن الاجابة غير قادر على أعطاء نصائح لهن .. و لكني كنت أواسهن على ما بهن و ان يتقبلن الحياة مع أزواجهن ما دمن يعاملهن بشكل جيد و أن يحفاظن على كيان الأسرة و خصوصاً اذا كان هناك أولاد بينهم .

و قد استوحيت فكرة إحدى القصص القصيرة التي كتبتها بعنوان ( ليلتها الأخيرة ) بعد كلامي مع إحدى السيدات التي كانت متأكدة تمام التأكد من أن زوجها مثلي و كان لا يعبهأ بمشاعرها و لا حقوقها و قد أخبرت أهلها بذلك لكن لم ينصفها أحد حيث كان لديها أبناء منه و هذا دليل رجولة زوجها بالنسبة لهم .. تلك السيدة التي كانت تتحدث عنه بمنتهى الكراهية و قد امتلأ قلبها بالرغبة في الإنتقام منه .. لا أعلم كيف تصرفت مع زوجها .

و اليوم وصلني إيميل بعنوان ( طلب مساعدة ) من إحدى السيدات تحكي فيه عن مشكلتها و قد عرضت عليها أن أنشر رسالتها تلك هنا و كذلك عنوان بريدها الالكتروني .. ربما يكون لدى احدكم نصيحة لها أو تجربة مماثلة قد تفيدها في حل مشكلتها .

***

" السلام عليكم :
لكل إنسان حكاية مختلفة قد قضاها و هو في هذه الحياة التي نعيشها على هذه الأرض و تنتهي مع انتهاء أخر نفس لنا بها , و هناك من شكى و أخرج معاناته و هناك من كتم في قلبه بحسب أن الكتمان هو أقصى ما تصل له الأخلاق في هذا الزمن فإذا به ينفجر دون أن يعي أو يدرك ما حصل له و هو غارق في أن لا يلفت نظر الناس إليه .

فمن لا يفشي أسراره و يرسم البسمة على شفتيه دائماً و هو لا يعرف معناها يعتقد من حوله أنه يعيش في جنة عالية و هم لا يعون مدى الجحيم بداخله , لا أعلم ما أخرج هذه الكلمات و لكنها خرجت مباشرة بعد أن قرأت بعض من مقالاتك .

تعودت بعد ان تعلمت النت و أدمنته أن أبحث عن أسئلتي فيه مع أني ما وثقت به أبدا , لكنه وليفي حيث أكتب ما يحرجني أن أسأل تحت اسم مستعار و هنا لن يعلم الناس مشكلتي و لا مأساتي و لن ينظروا إلي تارة بعين المسكينة و تارة بعين أخرى فلكل انسان فهم على حسب ما عاش و ما واجهته به الأيام .

قد أطلت المقدمة و لا أعلم لما و كيف تخرج الحروف لكنني و الشك يأكلني من سنوات , حاولت كثيراً البحث عن بعض الحقائق و ما وصلت لشيء . و فجأة و لا أعلم كيف وصلت - أنا أبحث بالنت – إلى أحد مقالاتك . و قد كان فيها الكثير الكثير عن ما أبحث عنه بل و زادت التساؤلات .. فهل لشخصك الكريم أن يساعدني في الخروج باجابات علها تغير من حياتي , مع أني تأخرت جدا للوصول لهذه المقالة .

تساؤلات كثيره كانت تحيرني و فعلا اوصلتني للاكتئاب و ربما ان الاكتئاب هي اقل ما وصلت اليه اذ احتار الاطباء بأمراضي التي لم يعرفوا لها تفسير مع اني كنت اعرف انها من الحزن و الالم .. لأن زوجي يهملني , يهملني مع انه يعشقني . مع اني اطلب و امر ، مع ان كلمتي هي الاولى و لكن بعيدا عنه فالاقتراب ممنوع كنت اعتقد ان العمل و ضغوطه ثم تاكدت انه يخاف مني فهو لا يتقبل فكرة وجودنا وحدنا و بعد ضياع العمر و الصبر و بعد اتهامه لي بالعديد من الاتهامات التي صدقتها لاني كنت ساذجة اكتشفت مرضه , ياللأسف سنين و انا اصبر و اعتقد اني المريضة و كل هذا بسبب جهلي , قرأت كثيراً محاوله البحث عن حل و طلبت منه الذهاب للاطباء و لكنه صرح بانه لاحل لمرضه و لا امل و ان كنت أريد الطلاق فهذا حقي , بعد هذه السنين اكتشف اني مخدوعه , بعد ان مضى العمر و ابتدأت أشك بما قرأته بمقالتك ( عندما يتزوج المثلي المرأة ) و طبعاً أصابني الجنون لان هناك الكثير الذي ينطبق عليه , وانا لي بعض الوقت ارتب الوقائع و اشك بالأمر .. أسفه للإطالة و لكن هل لك ان تساعدني و تخبرني كيف تعلم المرأة ان زوجها مثلي و هل هناك أدلة مادية ملموسة ؟ اشكرك لك وقتك الثمين و اتمنى ان تساعدني . "

***

سيدتي
أولاً اشعر بك و بكلماتك و تلك المقدمة التي حاولت بها شرح و توضيح حالة انسان يتألم و يخفى آلامه عن الأخرين .. و يحزن معتقداً انه السبب في مشكلة يعيشها ليل نهار .

سيدتي ليس لدي اجابة على سؤالك الذي ارسلتي برسالتك من اجله ( كيف تعلم المرأه ان زوجها مثلي) فقد كتبت موضوعي السابق عن الأضرار التي تلحق بالرجل المثلي عندما يتزوج من امرأة و الأضرار التي تلحق بالمرأة التي يتزوجها الرجل المثلي و التي أراها بأنها ضحية لهذا الزواج .. و كذلك الرجل المثلي هو ضحية لنظرة المجتمع له .

سيدتي كتبت مقالي هذا حتى أصور للناس واقع مشكلة قد نتفادى وقوعها .. مشكلة اجتماعية تنجم عن هذا النوع من الزواج الذي انا ضده .. تمنيت ان يفهم المجتمع هذا و أن يتقبل وجود رجل غير متزوج لا يرغب في الزواج .. حتى لا يقع ضحايا أخرون مثل حضرتك .. و أتمنى أن يقتنع المجتمع بهذا .

أما بخصوص حالتك أو ماذا تفعل المرأة عندما تشك في أن زوجها مثلي .. فأنا لست في منزلة تؤهلني بالنصح أو اعطاء ارشادات للأخرين .. و لكني أقتراح عليكي أن أنشر لك رسالتك التي أرسلتها لي بمدونتي و التي يقرأها كثير من القراء المثقفين و الذين قد يدلوا برأيهم بالمشكلة أو باقتراح بعض الحلول . و لو أردت ان انشر لك الايميل الخاص بك ليتم توجيه الأراء لك مباشرة .. لن افعل هذا الا بعد موافقتك .. تحياتي لك و قلبي معك .. اتمنى لك السعادة و راحة البال .. كريم عزمي

***

سيدي الكريم : أشكر لك ردك السريع ,ءلا مانع لدي و يسعدني ان أجد من يستطيع مساعدتي و شرح ما أجهله و تحليل نفسيتي , و طبعا اتمنى ان تصلني الرسائل على الاميل نفسه , شكرا لاهتمامك ومساعدتي .
rayoun@live.com


25 May 2009

مين بتحبه أكتر ؟

سمعت في الأونة الأخيرة عن قناة تسمى طيور الجنة على قمر النايل سات يتحدث عنها أطفال الجيران و الأقارب و وجدتهم ينشدون أغاني لم أسمعها قبل هذا و بلهجة ليست مصرية .. توقعت كالعادة أن تكون القناة كشاكلتها من القنوات التي يقال انها مخصصة للطفل حيث الطريقة المتبعة من تقديم الكم الهائل من افلام الكارتون الغربي غالباً و المدبلج باللهجة السورية أو اللبنانية .. تلك الأفلام التي تفصل الطفل عن عالمنا الحقيقي حيث الخيال المجنح الذي لا يفيد الطفل بشىء في أرض الواقع و لا يعدل و لا يقوم سلوك و لا يربي و لا يبث قيم و لا أخلاق فقط الإثارة لجذب الطفل الذي يجلس فاتحاً فاهه .. و ليست تلك الحالة تنتاب الأطفال فقط و انما الكبار أيضا عندما يشاهدون هذه النوعية من أفلام الكارتون أو الانيميشن كما تسمى .

و تتخل هذه الأفلام مجموعة من البرامج الحوارية التى غالباً تقدمها مذيعات يتصنعن حب الأطفال او يقوم طفل او طفلة بدور المذيع و هنا يتصنع الطفل دور الكبار . و غالباً لا تجذب هذه او تلك انتباه الأطفال و تكون ممله و ساذجة .

جلست اليوم لأشاهد تلك القناة و ما الجديد لديهم .. صراحة بالرغم من بساطة القناة و ما يقدمونه إلا أنها حقاً القناة الأولي المتخصصة للطفل بمعنى الكلمة .. حيث الأفكار المتناولة بسيطة و تهتم بعقلية الطفل .. و تقوم القناة بتصوير الواقع الحقيقي لمجموعة من الأطفال مثل ( عصومي ، وليد ) و أعتقد أنهم أبطال القناة و هناك أيضا بنات فريق طيور الجنة الغنائي و مطربهم ( عمر الصعيدي ) الصوت الغنائي الرجولي بالقناة .

و تقوم القناة على استخدام القليل من الأنيميشن في العروض المستخدمة و تقدم الأغاني الخاصة بمواقف حياتية يتعرض لها الطفل مع اعطاء التصرف السليم .. حيث تشكل الأغنية موقف تربوي حيث الهدف ليس الغناء فقط و انما التربية ايضا و نجد هذا في اغنية مثل ( مين بتحبو أكثر ماما و لا بابا ؟ ) و كذلك أغنية ( بابا تليفون ) و كذلك أغنية ( ألعاب الجيران ) .

و تعتمد القناة على الغناء في المقام الأول للمادة المقدمة و ربما يرجع هذا لعلمهم أن الطفل يميل أكثر للتعلم عن طريق الغناء و تعتبر هذه من المشكلات التي وقع بها الإعلام المصري حينما لم يهتم بأغنيات الطفل و لم يعد هناك أغاني خاصة بالطفل في الفترة الحالية مما دفع الأطفال نحو الأغاني الشعبية الهابطة و هذا ليس خللاً في الأطفال و لكن هذا طبيعي حيث يميل الطفل للألحان المميزة و السهلة و الكلمات البسيطة لذلك لو سالت طفل من المحيطين بك عن أفضل الأغاني اللتي يحبها ستجده يقول لك مثلاً ( العنب .. ايظن .. الحنطور ) و بالطبع لأن الطفل لم يجد الأغاني البديلة الخاصة به و السهلة و ذات الإيقاع المميز و التي يراها في وسائل الإعلام المتاحة .

و على الرغم من أن القناة تقدم بلهجة غير مصرية إلا ان هذا لم يكن عائق أمام الأطفال من سن 4 سنوات و اقل من ذلك لمتابعتها و عشقها و حفظ أغانيها الهادفة التربوية .. طيور الجنة ما أروعك .

أغنية مين بتحبه أكتر
أغنية بابا تليفون
أغنية ألعاب الجيران
أغنية زينو الحرم
أغنية الأرنب و التعلب


24 April 2009

نقص الرجولة .. مرض العصر

إستفزني خبر قرأته بجريدة الشروق و الخبر يقول :

" مع انتشار جرائم الاغتصاب بشكل مخيف في مجتمعنا المصري ، يثور جدل حول ضرورة تنفيذ عقوبة الإعدام في المغتصبين علنا لزيادة درجة الردع لمرتكبي هذه الجرائم ، بينما يرى البعض أن العلانية في تطبيق العقوبة تنتهك حقوق الإنسان!

هل أنت مع إعدام المغتصب علنا ، سواءً استنادا إلى أسباب وأسانيد دينية أم مجتمعية ، أم أنك تعتبر العلانية بالفعل تجاوزا على عقوبة الإعدام لا يقره القانون ولا المباديء الإنسانية؟! "

طبعاً مع احترامي للكاتب إلا انها طريقة سطحية لتناول قضية هامة و شائكة مثل هذه القضية .. أنا طبعاً ضد هذه الاقتراح .. لسبب بسيط ان هذا الإعدام العلني ليس علاجاً للمشكلة بأي شكل من الأشكال و عودة للبدائية و عصور التخلف و التخلي عن كل التقدم الذي من المفترض أن يقود الانسان إلي مكانة أعلى في التفكير و في التعامل مع القضايا الإجتماعية .. و ان هذا الإقتراح هو نتاج لعقول متبلده لا ترغب في التفكير في أسباب المشكلة الحقيقية .. و بدوري سأطرح سؤال مضاد .. هل لو طبقنا الإعدام علناً هل ستنعدم حالات الإغتصاب ؟ هل لا يعرف المغتصب انه يرتكب جريمة قد تؤدى به لحبل المشنقة ؟ هل سيهتم سواء هذا الحبل كان في حجرة مظلمة أو في ميدان عام ؟ بالطبع يعرف و لكن بالتأكيد هناك خلل لابد من البحث عن أسبابه و البحث أيضا عن طرق علاج هذا الخلل .

و من وجهة نظري أن من أهم أسباب مشكلة الإغتصاب و سبب أيضاً في مشكلات أخرى كثيرة هو نقص الرجولة .. نعم نقص الرجولة أصبح من أخطر أمراض العصر في مجتمعنا المصري .

و أحب أن أوضح هنا أن مرض نقص الرجولة هنا لا اقصد به مرض نقص الذكورة .. فهناك فارق كبير بينهم .. نقص الذكورة تستطيع أن تذهب لطبيب أمراض الذكورة ليعالج هذا النفص .. أما نقص الرجولة فهذا مرض إجتماعي يعاني منه مجتمعنا المصري منذ فترة و المرض يتفشي و يزيد مع الوقت .. تستطيع ان ترصده عيناك بسهولة في كل شوارع مصر الآن .. دقق النظر حولك و ستجد المصابين به كثيرون لا حصر لهم . و سأعطيك أمثلة فقط على ذلك و تستطيع ان تكتشف أنت نماذج أكثر ..

- الهمجية و قله الذوق في التعامل مع الأخرين و محو كلمات مثل ( شكرا – بعد اذنك – لو سمحت ) من القاموس اللغوي للشارع المصري .. و كذلك انعدام وجود الابتسامة على وجوه الناس في الشارع و استبدالها بالتكشيرة و استقطاب الحاجبين و الوجوه الخشبية ممحوة التعبيرات و الملامح .


- الانانية و تفضيل الذات على الأخر .. تراه في وسائل المواصلات و طابور العيش و الشارع و في العمل حيث روح النميمة و نقل اخبار الزملاء لرئيس العمل كوسيلة للتقرب منه


- عدم احترام الأخرين و خصوصاً الصغير للكبير .. منذ يومان كنت اسير في الشارع حيث مجموعة من الشباب كانوا يضحكون على رجل كبير في ال 60 يمشي بجوارهم لانه كان يمشي ببطء بسبب مرض ما و يلقون عليه كلمات استهزاء ناسين انهم سيكونوا مثله في يوم ما .

- عدم احترام الانثي و النظر لها كأنها أداة جنسية و التحرش بها سواء كانت محجبة او غير محجبة - لم تعد تفرق هذه الأيام - و اتهام المرأة بأنها هي السبب في ذلك و خصوصاً لو لم تكن محجبة و انها هي المسئولة عن التحرش بها . و الغريب اننا لو عدنا للسبعينيات سنجد ان النساء كانوا يرتدون ملابس قصيرة جدا و كان هذا شىء عادي جدا و مقبول اجتماعياً و لم يكن هناك حالات اغتصاب مثل هذه الأيام بالرغم من انتشار الحجاب و النقاب بين النساء و لكن كانت هناك الرجولة .

- انتشار الفساد و الرشوة و أخذ حقوق الغير بالباطل مثل فرص العمل التي قد يستحقها شخص أفضل و لكن الوسطة و الرشوة لها الذراع الأطول .


- البحث عن من هو أضعف للانتقام منه و اشباع الرغبة الداخلية المريضة بأنك الأفضل و الأقوي .. ترى ذلك في الانتقام من الأقليات الدينية و التوجهات الجنسية المختلفة مثل المثليين او التعامل مع الفراء و المحتاجين او تعامل صاحب المنصب مع الأخرين.

- عدم تدخل أحد لإنقاذ أو مساعدة مستغيث في الشارع مثل تلك الحالة التي حدثت عند اغتصاب فتاة في الشارع أمام المارة و لم يتدخل أحد لانقاذها .. و هذا أيضا شاهد على نقص الرجولة بالشارع المصري .


- المغلاة في تكاليف الزواج و المهور و متطالبات بيت الزوجية و عدم مراعاة الظروف الحالية للشباب في ظل ارتفاع السعار و اعتقد ان هذا يرجع لنقص الرجولة لدى أولياء الأمور حيث نسوا كيف بدأوا هم حياتهم قبل أن يصلوا لما هم عليه الآن .. و طبعاً ازادات معدلات العنوسة عند الاناث و الذكور أيضا .

- انتهاك الكثير من حقوق المصريين في الداخل و الخارج و الفقر الذي اصبح الرفيق اللدود للشعب المصري و الرضا به و انتشار العشوائيات حيث الاف الأسر الباحثين عن مأوى أدمي و لكنهم لا يجدوه و التعامل مع المصريين في الداخل و الخارج على انهم حيوانات و ليسوا بشر .. كل هذا دليل على نقص الرجولة في المجتمع المصري .


لذا ادعوا علماء الإجتماع و علماء الدين أيضا الذين قد يساندوا اقتراح الإعدام العلني أن يأخذوا موقف ايجابي لحل المشكلة و البحث عن الأسباب الحقيقية لمشكلة نقص الرجولة و تدهور أخلاق الشارع المصري و البحث عن حلول واقعية و صحية لبث الصفات و الأخلاق الحميدة بالشارع المصري .. و أعتقد انهم المسئول الأول عن هذا .. و الإبتعاد عن الطرق التقليدية و الخطب الصماء القائمة على التذكير بالموت و عذاب القبر .. و البحث عن طرق تناسب العصر الحالي و تتعامل مع مشكلات الناس الحقيقة بشكل واقعي بعيداً عن الأوهام و ان ينزلوا من ابراجهم العاجية و يختلطوا بالناس و مشكلاتهم الحقيقية .

كلمة أخيرة .. ليس بالعقاب و التهديد و الوعيد تـُبنى الأخلاق و يربي المجتمع .







11 April 2009

ليس هناك من يستحق


فترة طويلة لم أدون هنا يومياتي .. فترة غريبة أمر بها .. مشاعر غريبة أحس بها هذه الأيام .. فشل علاقة .. تزلزل الأفكار و المبادىء داخلي .. يبدو أنه قد كُتب عليّ أن أخوض كل أنواع التجارب و المشاعر الإنسانية .

فشل علاقة .. تجربة غريبة بكل المقاييس مررت به الفترة السابقة .. كلانا كان يهرب من الماضي .. في فترات الضعف يظهر الحنين للماضي .. فالماضي لم يمت بعد .. و لكن رغبة داخلية لدي للإستمرار رغم كل شيء .. ربما كان حب يغلب عليه العقلانية .. وعود من الطرف الأخر تتلاشي عند المحن و ظهور المشكلات .. كلام يبدو عليه من الخارج الحكمة .. عند المحك يتبخر و تظهر الأنانية و الإندفاع و عدم التسامح .

ضغط في العمل يشغل كل وقتي حتى في البيت .. لم يعد لدي وقت للتفكير في شيء .. احمد الله على ذلك .. فقد منعني هذا الضغط من المرور بفترة ما بعد الفشل و البكاء على أطلال التجربة الفاشلة .. قد أفسر عدم كتابتي هنا هروباً من التفكير في أسباب فشل العلاقة .. لا أريد أن أسلك نفس المشاعر التي عشتها بعد تامر .. فقد تعلمت انه ليس هناك من يستحق ذلك .. لا أجد كلمة فصحى تعبر عن معنى كلمة ( طظ ) و لكن يكفي أن يصل المعنى إليكم .

زلزال المبادىء و الأفكار .. أشعر به منذ بداية انهيار العلاقة الأخيرة .. ليس هذا الزلزال خاص بموضوع المثلية .. فموقفي ثابت نحو هذا الموضوع .. و لكن الموضوع يتعلق بالحب .. لم أعد أعتقد في الحب .. ليس هناك شيء بهذا الاسم في هذه الحياة .. ربما رغبة .. ربما شهوة .. و لكن نتيجة لرغبة داخلية لدى بعض الأشخاص في الاحساس بالأمان الناتج عن ضمان وجود مصدر اشباع الرغبة لديهم هو ما يدفعهم لإطلاق مسمى الحب على شكل هذه العلاقة .. هناك اشخاص كثيرون يعيشون بدون حب و لكنهم يضمنون مصدر الإشباع لحاجاتهم و ناجحون جدا في علاقتهم بذاويهم .

و بحثاً عن علاقة ناجحة غير قائمة على الحب و انما فقط على اشباع رغبات داخلية و ضمان وجود مصدر اشباع هذه الرغبات فقد قررت ألا أقابل أي من قراء مدونتي .. حيث كانت يومياتي تلك من أهم أسباب فشل علاقاتي السابقة .. و حقاً لم أعد واثقاً هل كانوا هؤلاء يحبونني لشخصي ( كريم الإنسان البسيط ) أم أنهم أحبوا تلك الصورة التي رسمتها عقولهم قبل مقابلتي .. و الرغبة داخلهم في الوصول إلى أشهر مدون مثلي في مصر ( على ما أعتقد و ليس هذا غرور مني فلست أتباهى بذلك ) .. و أعتقد أن لقائي بشخص لا يعرف يومياتي سيكون أكثر هدوءاً و أقل توتراً بالنسبة لي .

17 March 2009

لن يعود .. قصة قصيرة


يحاول الإتصال للمرة الألف بصديقه تامر .. الغير متاح حالياً .. لم تعد فيروز تشدوا بأغنيتها ( حبيتك تنسيت النوم ) لتعلن عن اتصاله به حيث كانت تلك هي النغمة التي خصصها تامر له .. اربعة ايام من القلق المتواصل .. يشعر كريم طوال هذه الأيام بالعجز التام .. غير قادر على فعل أي شىء او معرفة أي اخبار عن تامر .. غير قادر على انجاز أي من مهامه الوظيفية المكلف بها .. يجلس بمكتبه عقله مشغول و القلق يعتصر قلبه .. يفتح الرسائل القصيرة على موبيله و يقرأ أخر رسالة وصلته منذ أربعة أيام منه .. يقرأها للمرة المائة محاولاً تلمس أو فهم ما بين السطور :

( ماما عرفت كل شىء و البيت مقلوب )

علامات استفهام كثيرة تحوم حول هذه الجملة : ما هذا الذي عرفته بالتحديد ؟ و كيف عرفته ؟ و متي ؟ و ما دليلها ؟ و ما رد فعلها ؟ ..... إلخ . لا يستطيع كريم الوصول لأي من الاجابات التي قد توضح له الموقف أو المشكلة التي يقع تامر بها و تمنعه من الإتصال به.

بعد محاولات مضنية , استطاع الوصول لمجموعة من الأرقام عن طريق البحث في دليل الهاتف الإلكتروني عن طريق الاسم .. من المفترض ان يكون من بينها رقم تليفون منزل تامر .. لكنه متردد في الاتصال .. كيف سيتكلم و من سيجيب عليه .. و ما هو الوقت المناسب للإتصال .. كان الخوف يملأه و لكن لابد من الاطمئنان على تامر .. ربما يكون قريب من الهاتف فيجيب هو عليه .

لذلك قرر أن يتصل به اليوم في فترة الظهيرة .. من المحتمل ان يكون باقي أفراد الأسرة بالخارج في العمل أو الدراسة .. انتظر كريم حتى ذهب زميله الذي يعمل معه في نفس المكتب لتصوير مجموعة من الأوراق في الحجرة المجاورة .. حيث اصبح وحده بالمكتب .. اخرج الورقة التي دون بها مجموعة الأرقام و قام بالاتصال بالرقم صاحب الاحتمال الأكبر .. دقات قلبه أعلى من رنين الهاتف .. حتى أجابه صوت نسائي قائلاً :

- ألو
- السلام عليم .. ممكن أكلم تامر ؟
- انت مين ؟
- زميله في الجامعة
- اسمك ايه ؟
- اسمي عمر
- انت في سنة كام ؟
- في سنة رابعة
- أية اسماء المواد اللي انت بتدرسها السنة دي ؟
- هو فيه أيه حضرتك ؟ أيه لزمة الأسئلة دي كلها ؟
- انت عاوز ايه ؟ ( بصوت عالي يكاد يكون صراخ )
- تامر موبيله مقفول من كام يوم .. فكنت قلقان عليه و كنت عاوز اطمن عليه
- تطمن عليه بصفتك ايه ؟
لا يعرف كريم بما يجيب و لكنه يكمل متوتراً : ممكن اعرف مين حضرتك ؟
تجيب هي منفعلة حيث زادت حدة نبرات صوتها : و انت مالك .. انت عاوز أيه؟
- حضرتك بتسألي أسئلة غريبة و كأني بتصل علشان اعاكس .. انا كل اللي عاوزه اني اكلم تامر و اعتقد ان دي مفهاش حاجة.

كل هذا الحوار و نبضات قلب كريم في ازدياد .. حتى انه لم يعد يعرف ان كان يتنفس أم لا و تابع الحوار معها حيث قالت :

- أنا أخته .. ممكن أعرف أنت عاوزه ليه ؟
- عاوز أطمن عليه
- تتطمن عليه ليه .. أنت مين ؟
- قلت لحضرتك اني زميله
- لا انت مش زميله
- أوكي يا ستي .. مش مهم أنا مين و مش عاوز أكلمه .. المهم هو كويس و لا لاء ؟
- و انت مالك ؟ بتسأل عليه ليه ( بصوت صارخ )
- خلاص يا ستي متشكر جدا ليكي .. سلام عليكم

كاد كريم يغلق الموبيل و لكنها اكملت كلامها بصوت مرتفع قائلة :
- منكوا لله .. منكوا لله
- خلاص يا ستي انا مش عاوز اكلمه
- ما هو انت مش هتقدر تكلمه تاني علشان خلاص
- خلاص ايه ؟ هو فيه أيه ؟
- انت بتقول انك زميله مش كده ؟
- ايوة

بدأ صوتها يميل إلى البكاء قائلة :

- و انت يا زميله متعرفش انه مات و اندفن امبارح ؟

نزلت الكلمات على كريم ألجمت لسانه .. لم تعد الكلمات قادرة على الخروج من فمه .. سبقتها الدموع التي انهمرت من عينيه و صراخها يزداد حدة قائلة : منكوا لله .. انتوا اللي قتلتوه .. منكوا لله

أغلق كريم الموبيل و انهار باكياً .

****

انفتح باب المكتب .. كريم مازال يبكي .. يدخل هشام – زميله فى العمل - يجري تجاه كريم بعدما شاهده منهاراً يبكي .. على الرغم من محاولات كريم في اخفاء دموعه و لكنه لم ينجح في ذلك :

- مالك يا كريم .. فيه أيه ؟

لم يستطع كريم أن يجيب .. ما زال غير قادر على الكلام .. اخذه هشام في صدره ليهدء من روعه و بدأ يربت على ظهر كريم الذي ازداد في البكاء لكنه لم يستطيع أن يبوح بشىء مما حدث له .. حاول التماسك و مسح دموعه بيديه و انصرف ذاهباً للحمام ليغسل وجهه .. و عندما عاد .. قال لهشام أن أحد أقاربه قد توفي و أنه لابد أن ينصرف الآن لانه لن يستطيع أن يكمل عمله و هو في تلك الحالة لهذا استأذن للإنصراف و طلب أجازة لمدة يومين .. و مضى سريعاً ليهرب من أسئلة الزملاء و رغبتهم في معرفة سبب هذا الانهيار الذي أصابه .

***

فتح باب الشقة و اتجه مباشرة إلى حجرته .. متجاهلاً سؤال أمه عن اعداد الغداء .. لم يريدها ان ترى عيناه الباكية .. ليس قادراً على مواجهة أى أسئلة الآن .. رمي جسده فوق السرير محاولاً ترتيب افكاره و استرجاع الحوار الذي دار بينه و بين الصوت النسائي .. هل حقاً هي صادقة ؟ لا أعتقد انها قادرة على تمثيل كل هذا الدور من صراخ و بكاء .. و لكنه كيف مات ؟ هل انتحر ؟ هل قتلوه ؟ يريد كريم ان يتأكد من هذا الخبر .. قرر الاتصال مرة أخرى :

- سلام عليكم .. ممكن أكلم تامر ؟
- ( صوت نسائي بلهجة عنيفة ) مش قلتلك انه مات .. مات
- أرجوكي .. بلاش تقولي كده .. ازاي تقولي على أخوكي كده ؟
- ( بصوت حاد اقرب للصراخ ) علشان هو مات فعلاً
- طيب مات ازاي ؟
- و انت مالك ؟
- يبقى مش مات
- خبطته عربية و مات
- ازاي خبطته عربية و هو مش بيخرج من البيت
- انت مين ؟ و عاوز ايه ؟ انت تعرف كريم ؟

صمت كريم مندهشاً و لكنه أجاب قائلاً :

- ايوة أعرفه .. أنا كريم
- طيب قولي كان فيه أيه بينك و بين تامر .. أرجوك قولي كل حاجة .. أنا أمه مش أخته .. عاوزه أعرف كل حاجة أرجوك
يبكي كريم قائلاً : طيب قوليلي هو مات ازاي ؟
- أبوه قتله .. أبوه قتله لما عرف اللي بينكوا

لم يستطيع الرد عليها للمرة الثانية .. حاول ان يعلن سخطه عليها و عليهم لكن صوته ينحشر من البكاء .. فأغلق الهاتف و رماه فوق سريره .. اخد يسير كالمجنون في حجرته .. غير قادر على كبت دموعه .. يكتم صوت صرخة داخله خوفاً من أن تسمعه أمه و الجيران .. مرت لحظات على هذا الحال ثم مسح وجهه و خرج إلى الحمام .. فتح الدش ووقف تحت المياة الباردة علها تهدىء النار التي بداخله .. يقف هناك طويلاً ربما متمنياً ان يتوقف الزمن لكنه يخرج .. يجفف جسده و يرتدى ملابسه و يخرج من البيت متجهاً لمدينة الزقازيق تلك المدينة التي يعيش بها تامر و التي تبعد عن مدينته حوالي الساعتين .. كانت الساعة قد قاربت السادسة مساءاً .. لم يستطيع أن يصبر للغد ليسافر نهاراً .

***

في العربة المتجهه نحو مدينة الزقازيق .. جلس بجوار الشباك ناظراً للخارج محاولاً اخفاء عيناه الدامعتين عن باقي الركاب .. و مرت الساعتين كأنهم عامين و مرت خلالهم كل ذكرياته مع تامر .. كل شىء منذ اللقاء الأول و حتى اللقاء الأخير .. و حينما يتذكر خبر موت تامر تنهمر دموعه .. حتى وصلت العربة لنهاية الطريق و نزل منها .. وقف مكانه حائراً لا يعرف إلى أين سيتجه و لا يعرف أين هو الآن .

وقف برهة من الوقت يحاول أن يستجمع كل المعلومات و تفاصيل الأماكن و الشوارع و المعالم التي مر بها في تلك المدينة التي زارها مرة واحدة فقط مع تامر .. تلك الزيارة التي أراد تامر ان يعرض له فيها اين يعيش و اين يمشي و كل الأماكن التي يحبها .. كانت زيارة واحدة .. حتى انه لم يكن يعطي كامل انتباه لمعالم المدينة التي يزورها للمرة الأولى في حياته بقدر ما كان ينظر دائماً لتامر ذلك الشخص الذي عشقه و أحبه أكثر من نفسه .

أخذ يمشي و يمشي محاولاً الوصول إلي أي مكان يتذكره ليبدأ منه رحلة البحث و التأكد .. ظل يمشي حتى وصل إلي كبري أو ممشي صغير يقع فوق أحد القنوات أو فروع نهر النيل .. تلك النهر الذي يقسم المدينة لنصفين .. لا يعرف هو أسماء الأماكن و لكنه تذكر انه قد مشي فوق هذا المكان مع تامر .. بدأ الأمل يدب في قلبه .. عبر فوق هذا الممشى الصغير إلى الناحية الأخري من المدينة وجد نفسه أمام الشارع الذي تقع به عيادة والد تامر .. نعم انه الشارع الذي به عيادة والد تامر .. ها هي اللافته تحمل اسم والده .. خفق قلب كريم .. صعد يجري على السلالم للدور الثالث حيث العيادة .. كاد ينكفء على وجهه عدة مرات أثناء صعوده جارياً .. وجد العيادة مفتوحة و بها بعض المرضى .. فرح كريم فرحاً شديداً .. لو كان تامر قد مات أو قتل فلن يستطيع والده فتح العيادة .. لم يدخل كريم العيادة و لكنه أخذ رقم هاتف العيادة المكتوب على اللافته و نزل كريم على السلم فرحاً .

بعد معرفة مكان العيادة تذكر كريم الطريق لبيت تامر لأنه لم يكن يفصل بينهما سوى شارعين .. أخذ يسرع و يسرع حتى وصل للبيت .. وقف أمام البيت ينظر لأعلى حيث يعيش تامربالدور الرابع مع أهله .. يرى نور حجرة تامر مضاء .. فقد اخبره تامر أن تلك الحجرة المطلة على الشارع هي حجرته .. أراد أن يصرخ منادياً بأعلى صوته .. أراد لو أنه يمتلك قدرات خارقة مثل سوبرمان او سبيدرمان ليطير لأعلى ليصل لحجرته ليطمئن عليه و يراه .. يدخل العمارة و يصعد السلم - لم يكن هناك مصعد في هذا المبنى - حتى وصل للشقة التي بها يعيش تامر .. نبضات قلبه كانت تعلو و تعلو كلما اقترب .. وقف كريم أمام باب الشقة قليلاً لا يعرف ماذا يفعل بعد ذلك .

***

وقف كريم هناك لحظات أمام الباب لا يعرف ماذا يفعل .. تمنى لو كان لديه الشجاعة على انتحال أي شخصية و لو حتى جامع القمامة ليدق الباب ربما استطاع أن يراه و لكنه لم يستطع فعل شىء .. نزل إلي الشارع مرة أخري يشعر بالحزن و الضعف .. ينظر مرة أخري لأعلى .. ما زالت عيناه معلقتان على شباك حجرته .. اخرج الهاتف اتصل بهاتف عيادة والد تامر .. جاءه صوت رجولي قائلاً : ألو
- السلام عليكم .. لو سمحت ممكن أكلم دكتور سعيد ؟
- دكتور سعيد لسه موصلش .. أي خدمة ؟
- أيوة حضرتك .. كنت عاوز اتاكد من خبر وفاة حد قريب الدكتور .. الكلام ده صحيح ؟
- حالة وفاة ؟ حد من البلد ؟
- تقريباً
- معنديش فكرة والله
- طيب أوكي متشكر أنا هتصل بيه على البيت.

أغلق كريم الموبيل .. ها هو الآن يتأكد أن تامر ما زال هناك .. ينبض بالحياة .. صحيح أنه لم يراه و لم يعرف عنه شيء .. هل يعذب ام محبوس هناك في حجرته .. المهم انه ما زال هناك على قيد الحياة .. اراد ان يصرخ بأعلى صوته اسفل نافذته و يقول له أنه يعشقه .. و لكنه مشى .. يكفيه ما حدث له اليوم .. يدهشه أداء تلك السيدة التي أدت الدور ببراعة و اتقان .. صراخ و صوات و بكاء .. استطاعت ان تخدعه .. تذكر أنه لم يتناول أي شيء طوال هذا اليوم .. اشترى بعض العصائر و الحلوى كي يتناولهم في طريقه نحو موقف العربات العائدة لمدينته .

***

في عربة العودة .. نام كريم .. لم يشعر إلا بالرجل الجالس بجواره يوقظه ليعلمه بالوصول .. بعدما عاد للبيت .. اتصل بصديقته المقربة له .. حكى لها كل ما حدث له في هذا اليوم العصيب الذي لم يعيش مثله في حياته و يتمنى ألا يعيش مثله مرة ثانية .. انصتت له حتى انتهى من قص تفاصيل هذا اليوم ثم قالت له :

- عاوز نصيحتي يا كريم ؟
- أكيد طبعاً
- بلاش تستنزف مشاعرك .. أهله عمرهم ما هيأذوه .. مهما حصل مش هيأذوه .. و من الأفضل إنك تبعد .. لأن علاقتكوا كده انتهت.

صمت كريم و لم يجيب و لكن قلبه امتلأ حزناً و أكملت هي قائلة :

- حتى لو بعدين أهله سابوه و قدر يخرج و يكلمك و قدرت تقابله .. عمر ما مشاعره ليك هتكون زي الأول .. سألها كريم حزيناً : ليه ؟

- انت متعرفش لما يرجع و يخرج من الأزمة دي هيكون لسه بيحبك و لا لاء .. كمان هيفضل فاكر انك سبب من أسباب المشكلة اللي هو فيها دلوقتي .. و مش بعيد يحملك الذنب كله .. و هتفضل علاقته بيك مرتبطه بالألم اللي اتعرضله دلوقتي .. فبلاش تستنزف مشاعرك.

بعد إنتهاء المكالمة ظل كريم حزيناً .. بفكر في كلام صديقته التي عهدها دائماً بصواب الرأى و حكمتها و رأيتها الصحيحة للأمور .. هل حقاً ستكون هذه هي النهاية .. و انه لن يعود إليه مرة أخرى حتى لو انتهت الأزمة .. هذا ما ستكشفه الأيام.