09 September 2009

أنا و لعبة الحياة

بالأمس .. ككل ليلة أسهر أمام شاشة التليفزيون أتابع برنامج لعبة الحياة بشغف .. أقفز فرحاً عندما يختار اللاعب علبة بها رقم صغير .. أصيح تأففاً عندما يختار علبة بها رقم كبير فهذا يعني أنه قد خسر هذا الرقم و خرج من دائرة الأرقام المحتمل أن يحصل عليها المتسابق في نهاية اللعبة .

أيمن – متسابق حلقة الأمس – قدمته روازن مغربي – مقدمة البرنامج – بشكل ملفت للإنتباه حيث كادت أن تلقي خطبة عصماء عن أخلاقه الحسنة .. لم أتعاطف من قبل مع اللاعبين الذكور السابقين حيث كان معظمهم من النوع الذي يحب الظهور و الاستعراض و المغالاة في ردود الأفعال .

بعد 10 دقائق من البرنامج أدركت أن روزان كانت صادقة في حديثها عن أيمن و أخلاقه و أدبه .. أثارتني ردود أفعاله تجاه الخسارات المتتالية التي لحقت به نتيجة لإختياراته .. أدهشتني ردود أفعال المشاركين معه في اللعبة فقد بكى الكثير منهم .. كان يشعر بالذنب تجاههم و إحساسه بأنه سبب لهم التعاسة .. تمنى لو كان قبل العرض الأول للبنك بعد الجولة الأولى و أنهى هذه اللعبة حتى لا يكون سبب حزن للأخرين .

تمنيت من قلبي أن يخرج أيمن من هذه اللعبة و هو رابح و سعيد ليحقق ما تمنى له و لزوجته ريهام ( ريكو ) و لكن كالعادة فالطيبين دائماً ما يكون الحظ العسر حليفهم .. بكيت من أجله .. لم تفارق الابتسامة وجهه رغم حزنه .

اليوم .. جالس أنا أمام روزان مغربي .. تصفيق حاد من الجمهور إذاناً ببدء الحلقة التي صرت أنا المتسابق بها .. تقدمني روزان بحميمية على الرغم من أنها المرة الأولى التي تقابلني بها .. تعجبني طريقة روزان الكلامية و الحركية و ردود أفعالها و مساندتها المعنوية للمتسابقين و كأنها واحدة من صفوفهم و ليست في الجانب الأخر و قد جعلت من البنك هو عدو المتسابقين و المقامر الذي يلعب ضدهم .. ألتفت حولي ناظراً على الجمهور و على باقي المشاركين في اللعبة .. لا أعرفهم .. فقط مجدي الانسان الطيب و رامي صاحب الابتسامة الساحرة و تلك الفتاة صاحبة الشعر الاسود الناعم المسترسل التي تذكرني بالباربي جير و التي تقفز فرحاً اذا كان بحوزتها رقم صغير و اختاره المتسابق الذي يلعب لعبة الحياة .

شرحت لي روزان أن حلقة اليوم لن تكون كباقي الحلقات فهي حلقة خاصة جداً .. لن يكون هناك أرقام داخل العلب و لكن سيوجد في كل علبة واحد من أهم مقومات الحياة التي لا يستطيع انسان ان يحيى بدونها .. و في نهاية الحلقة سيكون هناك شىء واحد فقط من هذه الأشياء هو من نصيبي و جائزتي و أكملت قائلة أن محتويات العلب لن تظهر لي قبل إختيارها .

أجبت عليها ضاحكاً : شكلها بقت لعبة الحياة بجد
ابتسمت لي روزان ضاحكة و قالت : نعم هي هيك يا كيمو يا عسل

بدأت الجولة الأولي و اخترت ستة علب ، كانت محتوياتها كالتالي : المال – الجمال – الصداقة – الأحلام – العمل الناجح – الأولاد .. صدمات متتالية و اختيارات سيئة و حظ أسواء و لكني ما زلت أبتسم و روزان تحاول أن تخفف عني يبدو على وجهها الحزن و الألم أكثر مني .. لكني لا أشعر بالحزن الكثير فكل هذه المقومات لم أملكها و لن أحزن عند فقدانها هنا الآن .. الشيء الصعب هنا هو عملية الإختيار و الندم الذي يأتي بعد الاختيار الخاطىء . أعتقد أنه ما زال أمامي الحب فبالتأكيد الحب من أهم مقومات الحياة و بالتأكيد يوجد هناك في واحدة من تلك العلب . و هذا ما أحلم بأن أفوز به في الحياة .. أقصد في لعبة الحياة .

يرن الهاتف الذي أمام روزان و يعني هذا أن هناك عرض للبنك - العرض الأول – تستمع روزان وحدها لعرض البنك .. تنظر لي بتلك النظرات التي لا تنقل شىء سوي القلق .. تنهي المكالمة و تصمت قليلاً ثم تقول :

" البنك بيقول ان موقفك صعب كتير بعد ما فقدت كل هذه المقومات الضرورية للحياة ، علشان هيك البنك مقدملك عرض ( الحب المشروط ) "

نظرت إليها تملئني الدهشة : يعني أيه الحب المشروط ؟

أجابت روزان : الحب المشروط يعني الخضوع التام و المطلق للحبيب و عدم وجود أي مساحة للتفاهم أو المناقشة ، الحبيب هو صاحب القرارات فقط ، انك تعيش في قصر الحبيب بدون أن ترى او تتحدث مع أي انسان غيره ، و عند الإخلال بأي شرط من هذه الشروط مهما كان تافه سيتم فسخ و إنهاء هذا الحب .

أصمت أنا ، لا أعرف بماذا أجيب .. هل أرضى بهذا العرض و انهي هذه اللعبة أم أرفض و أكمل في لعبة الحياة ؟

صحيح أن الحب هو ما تمنيته في هذا الحياة و لكن الحب بتلك الشروط و هذه الظروف صعب جداً .. يضطرب قلبي .. ماذا أفعل ؟ .. أنظر لباقي الناس من حولي .. لا أحد يهتم و لا أحد يساعدني على إتخاذ القرار .. وحدي أنا صاحب القرار و متحمل مسئولية هذا الإختيار .

نظرت لروزان المشفقة عليّ و قلت لها " No Deal " صفق الجمهور و لكن قلبي بكى بشدة متسائلاً هل سأجد الحب المتفاهم في واحدة من تلك العلب الباقية ؟ و هل سيكون من نصيبي ؟ أم أنني لن أجد الحب مرة أخري و بماذا سأفوز في نهاية الحياة ؟ أقصد نهاية لعبة الحياة .



No comments:

Post a Comment

اشكرك على إهتمامك وتعليقك .. والإختلاف في وجهات النظر شئ مقبولة ما دام بشكل محترم ومتحضر .. واعلم أن تعليقك يعبر عنك وعن شخصيتك .. فكل إناء بما فيه ينضح .