21 September 2009

كل شخص هو أفضل عاشق لنفسه


لا يعرف الانسان قيمة الشىء إلا بعدما يفقده أو يتنازل عنه بكامل إرادته نتيجة لجهله بقيمة هذا الشىء ، ربما يحاول بعد إدراك قيمة و أهمية هذا الشىء أن يستعيده مرة أخرى بشتى الطرق السلمية في البداية حتى يصل للطرق الهجومية التي يترتب عن استخدامها خسائر للطرفين ، و عند استعادة هذا الشىء لا يمكن أن توصف درجة السعادة الناتجة عن هذا الحدث الفريد حتى مع وقوع الخسائر فاستعاده هذا الشىء المفقود يمحو أثر أي خسائر أخرى .. و ها أنا سعيد جداً بإستعادة حريتي .

***

عشت سنوات أبحث عن السعادة أو بمعنى أخر انتظرها معتقداً انني سأجدها هناك في جعبة الحبيب المنتظر و الذي سيهديها لي فور وقوع الحب بيننا كما يفعل بابا نويل ليلة الكريسماس مع الأطفال و أمنياتهم و هداياه لهم .. كم هي فكرة ساذجة .. فالحقيقة ليست كذلك فالسعادة ليست هناك في جعبة أي انسان أخر غيرك .. السعادة تكمن داخلك أنت فأبحث عنها و ستجدها .. لا تحمل أحد غيرك مسئولية أن يكون مصدر سعادتك أو تعاستك .. كن سعيداً و أفعل كل الأشياء التي تجلب لك السعادة مهما كانت أشياءاً صغيرة قد يصفها البعض بالتفاهة .. و ابتعد عن كل الأشياء التي قد تكون مصدر تعاسة لك .. لا تنتظر مخلوق غيرك ليسعدك .

***

شعار جديد لفت انتباهي " كل شخص هو أفضل عاشق لنفسه " هو شعار مهرجان قرأت عنه حدث مؤخراً بالمملكة المتحدة .. حيث يقوم المهرجان على الدعوة لممارسة المتعة الذاتية و التي تسمى الاستمناء " الاستمناء هو نشاطنا الجنسي الأول ، ومصدر طبيعي من مصادر المتعة المتاحة لنا جميعاً طوال حياتنا ، وشكل فريد من التعبير الخلاق عن الذات . ففي كل مرة تمارس فيها الاستمناء تحتفي بجنسانيتك ومقدرتك الفطرية على الاستمتاع ، فإذن أعِنْ نفسك بنفسك! "

و عن الأسباب التي دفعتهم للدعوة لممارسة الاستمناء ، كانت اجابتهم كالتالي : " 1. لأن المتعة الجنسية هي حق كل شخص بالولادة. 2. لأن الاستمناء هو الممارسة القصوى للجنس الآمن. 3. لأن الاستمناء تعبير مبهج عن حب الذات . 4. لأن الاستمناء يقدم العديد من المنافع الصحية التي تتضمن: التخفيف من آلام الحيض ، التخفيف من الضغط النفسي ، إطلاق المورفينات الداخلية ، تقوية عضلات الحوض ، التخفيف من انتانات غدة البروستات عند الرجال وزيادة المقاومة الإنتانات الفطرية عند النساء. 5. لأن الاستمناء منشط ممتاز للجهاز القلبي الوعائي. 6. لأن كل شخص هو أفضل عاشق لنفسه. 7. لأن الاستمناء يزيد من الإدراك الجنسي. " .

لا أدري مدى صحة المعلومات الصحية في هذا المقال .. فقد قرأت كثيراً قبل هذا أن الاستمناء شىء ضار صحياً و غير مفيد و يؤدي لمشاكل صحية مستقبلية .. لا أدري هل كان هذا الكلام صحيح أم هو مجرد نتيجة لتحريم الإستمناء و محاولة تأكيد هذا التحريم بأدلة طبية كدليل على صحة الموقف الديني من هذا الموضوع .. و لكن بعيداً عن هذا الموضوع فالشعار هو أشد ما أعجبني في كل هذا الموضوع فعلاً .. ربما لأنه يتماشى مع موقفي الحالي من الحياة .

***

كل ما يمر بالانسان في حياته من مواقف و تجارب تعتبر من الأشياء الهامة و الضرورية لتكوين مبادئه و أفكاره و شخصيته .. فتعامل مع هذه المواقف على أنها دروس تتلقاها في مدرسة الحياة على يد مدرسين مخلتفين .. معلم لكل موقف .. فلا تحزن اذا تعرض لموقف أو تجربة مؤلمة فهذا مجرد درس سينتهي و ستستفيد منه في حياتك المستقبلية .


أدركت الآن أن تامر كان أعقل الشخصيات التي قابلتها في حياتي و أحكمهم .. ربما في الماضي لم أكن أفهم كثير من أفعاله و كلماته و أحيانا فسرت الكثير منها بشكل مختلف تماماً طبقاً لمبادئي و تفكيري .. لكني الآن فهمت .


***

09 September 2009

أنا و لعبة الحياة

بالأمس .. ككل ليلة أسهر أمام شاشة التليفزيون أتابع برنامج لعبة الحياة بشغف .. أقفز فرحاً عندما يختار اللاعب علبة بها رقم صغير .. أصيح تأففاً عندما يختار علبة بها رقم كبير فهذا يعني أنه قد خسر هذا الرقم و خرج من دائرة الأرقام المحتمل أن يحصل عليها المتسابق في نهاية اللعبة .

أيمن – متسابق حلقة الأمس – قدمته روازن مغربي – مقدمة البرنامج – بشكل ملفت للإنتباه حيث كادت أن تلقي خطبة عصماء عن أخلاقه الحسنة .. لم أتعاطف من قبل مع اللاعبين الذكور السابقين حيث كان معظمهم من النوع الذي يحب الظهور و الاستعراض و المغالاة في ردود الأفعال .

بعد 10 دقائق من البرنامج أدركت أن روزان كانت صادقة في حديثها عن أيمن و أخلاقه و أدبه .. أثارتني ردود أفعاله تجاه الخسارات المتتالية التي لحقت به نتيجة لإختياراته .. أدهشتني ردود أفعال المشاركين معه في اللعبة فقد بكى الكثير منهم .. كان يشعر بالذنب تجاههم و إحساسه بأنه سبب لهم التعاسة .. تمنى لو كان قبل العرض الأول للبنك بعد الجولة الأولى و أنهى هذه اللعبة حتى لا يكون سبب حزن للأخرين .

تمنيت من قلبي أن يخرج أيمن من هذه اللعبة و هو رابح و سعيد ليحقق ما تمنى له و لزوجته ريهام ( ريكو ) و لكن كالعادة فالطيبين دائماً ما يكون الحظ العسر حليفهم .. بكيت من أجله .. لم تفارق الابتسامة وجهه رغم حزنه .

اليوم .. جالس أنا أمام روزان مغربي .. تصفيق حاد من الجمهور إذاناً ببدء الحلقة التي صرت أنا المتسابق بها .. تقدمني روزان بحميمية على الرغم من أنها المرة الأولى التي تقابلني بها .. تعجبني طريقة روزان الكلامية و الحركية و ردود أفعالها و مساندتها المعنوية للمتسابقين و كأنها واحدة من صفوفهم و ليست في الجانب الأخر و قد جعلت من البنك هو عدو المتسابقين و المقامر الذي يلعب ضدهم .. ألتفت حولي ناظراً على الجمهور و على باقي المشاركين في اللعبة .. لا أعرفهم .. فقط مجدي الانسان الطيب و رامي صاحب الابتسامة الساحرة و تلك الفتاة صاحبة الشعر الاسود الناعم المسترسل التي تذكرني بالباربي جير و التي تقفز فرحاً اذا كان بحوزتها رقم صغير و اختاره المتسابق الذي يلعب لعبة الحياة .

شرحت لي روزان أن حلقة اليوم لن تكون كباقي الحلقات فهي حلقة خاصة جداً .. لن يكون هناك أرقام داخل العلب و لكن سيوجد في كل علبة واحد من أهم مقومات الحياة التي لا يستطيع انسان ان يحيى بدونها .. و في نهاية الحلقة سيكون هناك شىء واحد فقط من هذه الأشياء هو من نصيبي و جائزتي و أكملت قائلة أن محتويات العلب لن تظهر لي قبل إختيارها .

أجبت عليها ضاحكاً : شكلها بقت لعبة الحياة بجد
ابتسمت لي روزان ضاحكة و قالت : نعم هي هيك يا كيمو يا عسل

بدأت الجولة الأولي و اخترت ستة علب ، كانت محتوياتها كالتالي : المال – الجمال – الصداقة – الأحلام – العمل الناجح – الأولاد .. صدمات متتالية و اختيارات سيئة و حظ أسواء و لكني ما زلت أبتسم و روزان تحاول أن تخفف عني يبدو على وجهها الحزن و الألم أكثر مني .. لكني لا أشعر بالحزن الكثير فكل هذه المقومات لم أملكها و لن أحزن عند فقدانها هنا الآن .. الشيء الصعب هنا هو عملية الإختيار و الندم الذي يأتي بعد الاختيار الخاطىء . أعتقد أنه ما زال أمامي الحب فبالتأكيد الحب من أهم مقومات الحياة و بالتأكيد يوجد هناك في واحدة من تلك العلب . و هذا ما أحلم بأن أفوز به في الحياة .. أقصد في لعبة الحياة .

يرن الهاتف الذي أمام روزان و يعني هذا أن هناك عرض للبنك - العرض الأول – تستمع روزان وحدها لعرض البنك .. تنظر لي بتلك النظرات التي لا تنقل شىء سوي القلق .. تنهي المكالمة و تصمت قليلاً ثم تقول :

" البنك بيقول ان موقفك صعب كتير بعد ما فقدت كل هذه المقومات الضرورية للحياة ، علشان هيك البنك مقدملك عرض ( الحب المشروط ) "

نظرت إليها تملئني الدهشة : يعني أيه الحب المشروط ؟

أجابت روزان : الحب المشروط يعني الخضوع التام و المطلق للحبيب و عدم وجود أي مساحة للتفاهم أو المناقشة ، الحبيب هو صاحب القرارات فقط ، انك تعيش في قصر الحبيب بدون أن ترى او تتحدث مع أي انسان غيره ، و عند الإخلال بأي شرط من هذه الشروط مهما كان تافه سيتم فسخ و إنهاء هذا الحب .

أصمت أنا ، لا أعرف بماذا أجيب .. هل أرضى بهذا العرض و انهي هذه اللعبة أم أرفض و أكمل في لعبة الحياة ؟

صحيح أن الحب هو ما تمنيته في هذا الحياة و لكن الحب بتلك الشروط و هذه الظروف صعب جداً .. يضطرب قلبي .. ماذا أفعل ؟ .. أنظر لباقي الناس من حولي .. لا أحد يهتم و لا أحد يساعدني على إتخاذ القرار .. وحدي أنا صاحب القرار و متحمل مسئولية هذا الإختيار .

نظرت لروزان المشفقة عليّ و قلت لها " No Deal " صفق الجمهور و لكن قلبي بكى بشدة متسائلاً هل سأجد الحب المتفاهم في واحدة من تلك العلب الباقية ؟ و هل سيكون من نصيبي ؟ أم أنني لن أجد الحب مرة أخري و بماذا سأفوز في نهاية الحياة ؟ أقصد نهاية لعبة الحياة .