12 August 2017

يسوع العصر المثلي


كالعادة .. و كأنه قد كُتب عليّ أن أحيى كل التجارب الممكنة والمحتملة بكل التفاصيل المختلفة التي قد يحياها باقي البشر .. وكأنني يسوع العصر المثلي .. الذي يصلب فوق صليب الحب ليكفر عن كل ذنوب المثليين .

لا أدري لماذا يخصني الرب بكل تلك التجارب .. فوق صليب الحب تنزف جراحي .. أنتظر الخلاص من الرب .. هل سيرفعني إليه أم أن يسوع هذا العصر ، الرب غير راضي عنه ؟

لا أدري من أين أبدأ .. لم يعد الحكي من هواياتي المفضلة ، كما كان في الماضي ، فلم يعد هناك عائد من وراء ذلك .. وكذلك فقد أصبحت كل ثوابتي هشة .. لم أعد أؤمن بأي شئ .. نعم ، كفرت بكل شئ .. كفرت بالحب والإخلاص والوفاء وبكل أحلامي وأمنياتي في لقاء شخص مناسب .. تنازلت عن فكرة أن أحيى مع شخص ما .

أربعون يوماً منذ قابلته للمرة الأولى .. في البداية كنت أبحث عن صديق فقط ، يشاركني هواياتي .. جمعتنا القراءة وعشق الكتب .. قابلته .. كنت في البداية سعيداً ومنطلقاً في الحديث معه .. ولكن لم يدم ذلك طويلاً .. بدأت مشاعر أخرى داخلي تتحرك نحوه .. فبدأت أتلعثم أثناء حواري معه .. بدأت أتجنب النظر إليه طويلاً .. بدأت أضع لجام على لساني حتى لا ينزلق بكلمات الحب أو الإعجاب نحوه .. فأصبحت المقابلات مؤلمة لي !!

لم أحتمل ذلك طويلاً .. فقررت الإبتعاد عنه .. لكني لم أستطع .. بدأ الصراع النفسي بين أن أحاف؟ على الصداقة بيننا وبين محاولة كشف ميولي أمامه والمجازفة بفقدانه للأبد .

ذات مرة ، أثناء حواري معه ، سألته :
- متى سيعود والدك من السفر ؟
- بعد إسبوعين .
- جيد جدا .. من فضلك حدد لي معه موعد بعد عودته ، لأنني أريد أن أشرب معه القهوة .
- (بإندهاش) لماذا ؟
- كي أطلب يدك منه .
- (يضحك) وليه تطلب يدي من أبي .. تستطيع أن تطلبها مني أنا .
- هل هذا يعني أنك موافق ؟
- (مبتسما) نعم , موافق .

كان رد فعله صادم بالنسبة لي .. لم أكن أتوقع ذلك مطلقاً .. قال لي : إنك إنسان شفاف ، يستطيع أي إنسان أن يقرأ كل ما بداخلك .. لا أستطيع أن اصف كم سعادتي في هذه اللحظة والتي شعرت بها بأن الله – أخيراً – قد رضى عني .. وها هو صديق وحبيب وقريب مني أيضاً .

ولكن ما أقصر أوقات السعادة .. حينما أدركت أن أشد أنواع البخل قسوة .. هو بخل المشاعر .

بالرغم من أن المسافة بيننا قد لا تتجاوز الخمسة عشر دقيقة ، إلا أ، اللقاء بيننا أصبح صعب .. كرهت الحجج والأعذار والظروف .. كرهت عدم الإهتمام .. دائما أنا من يريد اللقاء .. دائما أنا من يشتاق .. دائما أنا من يحب .

أنا لا أحب اللوم أو العتاب .. لكن الوضع أصبح غير مقبول .. وأصبح مصدر سعادتي هو نفسه مصدر تعاستي .. لمحت له عن عدم إهتمامه ، فأعطاني الكثير الكثير من الأعذار و المبررات .. وقال : فلننسى الماضي ، القادم أهم .

صدقته .. لكن لا تغيير .. الماضي والقادم متشابهان تماماً .. ويبقى الحال على ما هو عليه .. بدأت أقلل من مكالمتي له – بالرغم من إحتراقي شوقاً – لم يفرق معه ذلك شيئاً .. الغريب أنه لم يبتعد ولم يتسائل عن إختفاء كلمات الحب من حواري معه .. فقررت أن يبقى الحوار في نطاق الصداقة فقط بعيداً عن الحب أو العلاقة .

ما أبخلك !!

قررت أن أنهي هذا الموضوع ولكني لا أعرف كيف ، فأنا أحبه ولكني لا أستطيع أن أتحمل هذه الطريقة .. ولم يعد هناك الكثير في الحياة .. وجدتني أحاول الإنتقام منه بأن أخونه أو أخدع نفسي بأنني أحب شخص أخر .. لم يعد وجوده وحده الذي يؤذيني ولكن تجاهله يدفعني لإرتكاب حماقات أخرى .. فالحب هو عقد شراكة بين إثنين ، يظل ساري المفعول طالما كان هناك إهتمام متبادل .

ربي لم أعد أطيق هذا الصليب .. أنزلني إلى أرض الواقع ، أريد أن أحيى .. أو إرفعني إليك .