27 September 2014

أبحث عنك يا نصفي الآخر


أبحث عنك يا نصفي الآخر
هل أنت موجود في عالمي ،
أم أنت في عالم آخر ؟

لم أعد قادراً على الصمود
وحيداً في هذه الدنيا
وتلك الدروب

قلبي مُحطم من تجارب مع آخرين
اعتقدت خطأ أنهم أنت
فتعالى ولملم فتات قلبي المعذب
الحائر المسكين .

أبحث عنك في كل العيون
لكنك لست واحداً من تلك العيون
التي أكسبتني الحزن والداء !

لا أريد من الدنيا شئ سواك
يكفيني أن أعيش بين يديك
ترويني من حبك ومن حنان عينيك
فتعالى فقد طال إشتياقي إليك !


20 September 2014

يبقى اسمك إتجوزت


- لسه مالقيتش واحدة زميلتك ولا حاجة تتجوزها؟ اللي أصغر منك إتجوزوا ومعاهم عيل وإثنين

لم أجيبها وتركتها صامتاً ودخلت غرفتي .. تمددت على سريري، أكمل قراءتي في كتابي .. جاءت خلفي .

- إنت مش بترد عليا ليه ؟
- لو سمحتي ياماما متكلمينيش في الموضوع تاني
- يا واد أنا عايزة أفرح بيك
- هو إنتي اللي هتتجوزي ولا أنا
- لا إنت
- خلاص لما أحب أتجوز هتجوز
- أه يبقى زي الناس ما بيقولوا إنك مالكش في النسوان .

لم أرفع عيني عن كتابي .. لم أصرخ في وجهها كالعادة .. لكن الدماء صعدت إلى عقلي الذي أصبح يغلي من الغضب والحزن .. أريد أن أصرخ في كل العالم «إتركوني في حالي» .. لكنها نهضت وخرجت من الغرفة عندما لم أجيب عليها .. ألقيت الكتاب بجواري وأخذت أحاول أن أخفف من حدة الغضب والحزن الذي يملاء صدري عن طريق إستنشاق أكبر كم من الهواء .. أغمض عيني وأتوسل إلى الله أن يرحمني من هذا العذاب الذي أحياه كل يوم .

بعد مدة وجدتها بجواري مرة ثانية في حجرتي تبكي .. وتسألني :

- أعملك شاي معايا ؟
- لاء شكراً

تمسح دموعها وتقول لي :

- الشهر الجاي هدي لك 10 ألاف جنية .. إتجوز أي واحدة من أي حتة .. وبعدين طلقها .. يبقى اسمك إتجوزت .

لا أجيب عليها .. تكرر كلامها للمرة الثانية وهي تبكي ولا أجيب عليها .. تنهض متجهة نحو المطبخ لإعداد كوبين من الشاي .


09 August 2014

حكمت المحكمة


اليوم الجمعة .. الجو حار وخانق في هذا العنبر المليئ بسرائر المرضى المكدسة بالزوار الذين جاءوا باكراً . فاليوم هو يوم الزيارات المفتوح .. كل سرير يحمل مريض واحد وأكثر من خمس أخرين جاءوا ومعهم أطعمتهم الكثيرة .. هي وحدها تجلس فوق سريرها وحيدة لم يأتي أحد لزيارتها .. شابة في الثامنة عشر من عمرها .. بيضاء نحيفة تتمتع بجمال الفقراء .. أجمل ما فيها شعرها الأسود الناعم المسترسل لما بعد جزعها .. لكن قلبها عليل منذ صغرها .. شاردة الفكر .. تتسائل لماذا تأخرت أمها اليوم عن زيارتها ؟ .. السرائر المجاورة بدأت تضيق بزوارها فبدأوا الزحف فوق سريرها .. فقامت تاركة لهم السرير وخرجت تجلس في المكان الذي يسمى حديقة المشفى والذي لا يحتوى إلا على بعض الحشائش التى نبتت عن طريق الصدفة ليس إلا .

***

قامت الأم منذ الفجر لتنهي ما لديها من عمل كلفها به زوجها .. هذا العمل اليدوي والذي هو مهنة الأب الذي يوكل معظم عمله للأم ويجلس هو ليدخن الشيشة ويشاهدها وهي منكبة على العمل .. انتهت هي من معظم العمل .. في نفس الوقت كانت تعد الطعام لإبنتها الكبرى التي ترقد في المشفي والتي يجب أن تذهب لزيارتها اليوم .. وأثناء أدائها لكل هذه الأعمال فإنها تحمل رضيعها البالغ عاماً في حجرها حتى لا يبكي .

إنتهت من إعداد الطعام وقد قاربت الساعة العاشرة .. وضعت الطعام في ذلك السبت الذي ستحمله فوق رأسها وتذهب به لإبنتها .. إرتدت جلبابها الأسود ولفت رأسها بالطرحة السوداء وقالت لزوجها :

- أنا ماشية رايحة المستشفى للبت .
- إنتي خلصتي الشغل ؟
- لسه شوية .. كمل انت لحد ما أرجع وأكمله .
- مش هتمشي إلا لما تخلصي الشغل .
- بس لو خلصته هتأخر ووقت الزيارة هيخلص والبت هتقلق لو ما روحتش دلوقتي .
- بقولك خلصي الشغل الأول .
- الشغل ما بيخلصش .. انا لازم أروح للبت .

نهض غاضبا حاملاً اقرب شىء طالته يداه .. وكان ابريق المياة النحاسي الذي تسكب له منه المياه كل صباح ليغسل وجهه وهو في سريره .. وأخذ يضربها به .. اتخذت هي وضع الجنين كل تحمي وجهها من الضربات حتى لا يظهر عليه أثار الضرب .. فجاءت معظم الضربات على ظهرها وقال لها :

- لو مشيتي .. مترجعيش على هنا .. روحي على بيت أمك .

لم تجيبه .. حملت السبت فوق رأسها .. وطفلها الرضيع بين ذراعيها ودموعها المنهمرة فوق وجهها وجبال من الآلم والعلامات فوق ظهرها .. متجهه نحو المشفى لزيارت إبنتها المريضة .

***

من بعيد رأت أمها تأتي مهرولة تنوء بأحمالها الكثيرة .. فقامت لتقابلها وتخفف عنها .. حيث أخذت منها الطفل الرضيع – أخوها – وسألت أمها :

- إتأخرتي ليه كده يا مه ؟
- على ما خلصت عمايل الأكل .
- لاء .. شكلك معيطة .. أبويا زعقلك ؟
- لاء يا بنتي .
- لاء شكله مزعقلك وضربك كمان .

لم تستطيع الأم أن تخفي ما بداخلها أكثر من ذلك .. لم تجيب إبنتها عن السؤال ولكن دموعها كانت إجابة كافية .. فبكت البنت أيضاً .. بعد قليل قامت الأم لتـُدخل بنتها لسريرها داخل العنبر الخانق المزدحم بالبشر .

***

عادت من المشفى على بيت أمها كما طلب منها .. والذي لا يبعد كثيرا عن بيت زوجها .. يفصل بينهم حارة واحدة .. حكت لأمها عما حدث اليوم .. والذي يحدث كثيراً وكل يوم .. حاولت أمها أن تطيب خاطرها بأن الرجال جميعا يضربن زوجاتهم .. بعد قليل جاء ولديها الأخرين يسألنا عنها .. حيث أرسلهم أباهم ليتأكدوا من أن أمهم عادت من المشفى علي بيت أمهم .. أحضرت الجدة الطعام لابنتها ولأحفادها .. مشى الولدين ليخبرا أباهم أن أمهم عادت .

وجلست الأم ترضع صغيرها من ثدييها .. وبجوارها تجلس الجدة العجوز .. وإذا بالأب يدخل غاضباً حاملا بيده عصا غليظة .. صاح فيها :

- إنتى إيه اللي جابك هنا ؟
- إنت مش قلت لي مترجعيش على هنا .. روحي على بيت أمك
- والشغل اللي في البيت ده مين اللي هيخلصه يا بنت الكلب .

ونزل فوقها بالعصا .. فحاولت الجدة أن تحمي إبنتها فجاءت العصا الأولي فوق ذراعها فشلها الآلم عن الدفاع عن إبنتها .. وجاءت باقي العصي فوق الأم التي حاولت ان تخفي الرضيع بين رجليها ولكن إحدى العصى فلتت من ظهرها لتستقر فوق رأس الرضيع .. الذي صدر منه صرخة واحدة وهمد بعدها .. توقف هو عن الضرب إثر تلك الصرخة التي صدرت من الرضيع .. تمسك الأم بالرضيع .. ترفعه .. تهزه .. ليس هناك اي رد فعل أو أي علامة من علامات الحياة .. تصدر عنها صرخة قوية .. يفر هو هاربا ويتجمع الجيران على صرخة الأم .

ليلتها يرقد الطفل في القبر .. وينام الأب في النقطة ليتم تحويلة للنيابة ومن ثم المحكمة .

***

تسير الأم المتشحة بالسواد ، تضم يدها لصدرها تحمل الهواء الذي كان يحتله طفلها الرضيع سابقاً .. وبجوارها أمها المجبورة الذراع .. ووبجوارها من الجهة الأخرى يسير أخوها الأصغر والذي أصبح كبير العيلة بعد رحيل الأب .. أخوها الذي ما زال يخدم بالجيش منذ تسع سنوات حيث شارك في حرب 1967 (حرب الستة أيام أو النكسة) عندما خسرت مصر سيناء ولا يعلم متى ستكون الحرب التي ستعود فيها سيناء .. لم يكن أخوها موجود وقتما قتل زوجها إبنها الرضيع .. ولكنه الآن معها أثناء توجهها للمحكمة للمثول أمام القاضي لتقص عليه ما حدث لطفلها .

يسألها أخوها :

- هتقولي أيه للقاضي ؟
- هقوله اللي حصل .
- طيب لما جوزك يتسجن ، مين اللي هيأكل الثلاث عيال ؟

تصمت .. فيكمل أخوها الحديث :

- لو قلتي إن جوزك اللي ضرب الولد .. هيتسجن .. وولادك مش هتلاقي اللي يصرف عليهم ولا يربيهم .. لو أنا مكنتش في الجيش وكنت بشتغل مكنتش خليتك محتاجة حاجة .. وكنت انا اللي هصرف على ولادك .. لكن الجيش مش راضي يسيبني والله وحده أعلم إمتى هخلص جيشي .
- طيب إنت شايف أعمل أيه ؟
- قولي للقاضي ان جوزك كان بيضربك ، وإنتى بتجري منه ، ابنك وقع منك على الأرض .. وقع على راسه فمات .
- لكن أنا مش عاوزه أرجع له .. هخرجه من السجن .. بس لا يمكن أرجع له .

***

يقف الأب فى قفص الإتهام .. ينادي حاجب المحكمة على إسم المتهم .. ثم اسم الزوجة .. يطلب منها القاضي أن تقترب لتحكي ما حدث لإبنها الرضيع .. قصت عليه الحكاية التي نصحها أخوها بها .. فحكم القاضى ببراءة الزوج .. وخرج من السجن .. وعادت هي لبيت أمها .. لم يتم الطلاق كما أرادت .. ولكنها مكثت ببيت أمها ثلاث سنوات وعادت بعدها لبيت زوجها تحت ضغط المجتمع والأهل .. وإستمرت الحياة .






21 June 2014

الخبز الجاف


وصل القطار الذي استقليته من مدينتي إلى محطة رمسيس في تمام الساعة الخامسة مساءا .. وهذا كان الموعد المحدد بيننا .. أسرعت نحو مدخل المحطة كي أصل إلى سلم المترو حيث المكان المتفق عليه .. لم أجده هناك .. لم نكن بعد في عصر الهواتف المحمولة .. وقفت في انتظاره .. مر أكثر من نصف ساعة .. اشعر بالخوف والقلق .. انظر في وجوه الماريين علني أجده قادم هناك .. إكتشفت أن عقلي لم يحتفظ بصورته .. فقد كان لقائي الأول به لقاء عابر لم يستغرق 10 دقائق .. ولم تنطبع صورته في ذهني .

أبلغ من العمر ثمانية عشر عاماً .. ابحث عن الحب والحنان في حضن شخص من نفس جنسي .. ربما ليعوضني عن حنان لم أجده عند أبي .. 10 دقائق أخرى وسأنصرف عائداً من حيث أتيت .

- أسف حبيبي .. إتأخرت عليك؟

ألتفت لأجد رجل في منتصف الثلاثين من العمر .. إنه هو .. إبتسمت له ولم أجيبه بشئ .. يأخذني من يدي .. وأسير منصاعا لا أعرف إلى أين .

***

بجواري يقف في عربة المترو .. يقترب مني .. يعبر عن اشتياقه لي بصوت منخفض .. فقط ابتسم ولا أقوى على النظر له .. لا أدري كم مرة توقف المترو قبل أن نغادره .. نخرج من إحدى محطات المترو لأجد نفسي وسط سوق مزدحم بالبشر وبالخضروات والفاكهة .. يمسك يدي ويتخلل الزحام وأنا خلفه .

في إحدى عربات الميكروباص يدفعني ويجلس بجواري .. سألته : إلى أي مكان نحن ذاهبان ؟ أجابني ولكن اسم المكان لم يمكث في عقلي .. يقترب مني ثانية يخبرني أنه سيعطيني السعادة الليلة بلا حدود .. أبتسم له دون إجابة مني .. يبدو أنه مسرور بخجلي هذا .

ما يقارب الساعة ونحن لم نصل بعد للمكان الذي سيجمعنا سوياً .. بدأ الظلام يحل في الأفاق .. وستائر الخوف داخلي بدأت تغطي كل شئ .. وأخيراً وصلنا .

لا أدري أين نحن .. مكان يكسوه الظلام إلا قليل .. عمارات كثيرة حولنا ولكن لا أصوات ولا بشر .. ينقبض قلبي بشدة .. عقلي يسألني كيف ستعود ؟ ولكني لم أجد إجابة .. فسألته هو :

- إنني لا أدري كيف سأعود وحدي كل هذا الطريق .

أخبرني بأن لا أقلق وبأنه سوف يوصلني ولن يتركني أعود وحدي ولكن ليس الليلة بل غداً .. ينقبض قلبي للمرة الثانية .. وأتوقف عن السير قائلاً :

- ولكني لم أنوي المبيت عندك ولم أخبر أهلي أني سأتغيب للغد .

يسحبني من يدي .. محاولا تهدئتي .. راسماً لي كيف سنقضي الليل كله نرتشف الحب والسعادة سوياً .. شرحت له بأنني يجب أن اتصل هاتفياً بأهلي لأخبرهم بأنني سأنام الليلة عند أحد الأصدقاء .. فذهب بي لمحل بقالة به هاتف عمومي واتصلت بهم كي أطمئنهم .. ولكن من يطمئنني أنا ؟

***

يتحسس باب إحدي الشقق ليولج المفتاح بمكانه وانا أقف منتظرا في الظلام .. وينفتح الباب ويدخل هو لينير المصابيح ويناديني :

- إدخل .

دخلت لأجد مكانا خاليا من كل شىء ما عدا كرسيين أحدهما خشبي والأخر مغطي بجلد ممزق كان في الماضي جزء من طاقم انتريه .. وقطعة خشبية موضوعة بينهما تستخدم كمنضدة .

- إجلس .

قالها وهو يجلس على الكرسي الجلدي الممزق .. وجلست أنا على الآخر .. ثم نهض ودخل إحدى الغرف المظلمة وعاد بعد قليل بعد أن استبدل ملابسه أو بمعنى أدق تخلص من قميصه وبنطاله وعاد فقط بالملابس الداخلية .. سألني :

- هل أنت جائع ؟

لم أجيب عليه بالرغم من جوعي .. فانا لم أتناول شىء منذ الظهيرة .. شكرته .. لكنه لم ينتظر إجابتي ودخل مكان اخر اعتقد أنه المطبخ .. وسريعا عاد يحمل طبقاً ورغيفين من الخبز ووضعهم أمامي على تلك القطعة الخشبية التي تستخدم كمنضدة .. أعطاني رغيفاً وبدأ في كسر رغيفه .. كان الخبر جاف جدا وبدأ في طمس كسرات خبزه في الطبق الذي كان يحتوي على سائل بني اللون أعرفه إنه «المش» ذلك السائل الذي توضع به الجبن البيضاء كي تحفظ لمدة أطول وتصير الجبنة بلونها وتسمي «جبنة قديمة» .

- مش بتاكل ليه ؟

يسألني وهو يلوك لقيمات الخبز الجاف بين أسنانه .. تظاهرت بأنني أكل .. بالرغم من جوعي إلا أنني لم استطيع تناول أكثر من كسرتين وشكرته وتظاهرت بالشبع .. وسؤال يلح على عقلي .. نحن كنا منذ قليل عند محل البقالة .. لماذا لم يفكر في شراء اي شىء قابل للأكل طالما لا يوجد هنا ما يصلح للعشاء .. تمنيت لو اقترحت عليه ان ينزل لشراء طعام وأعطيه أنا النقود لذلك ولكني خفت أن يغضبه ذلك أو أن أجرح مشاعره .. بعدما فرغ من تناول رغيفة نهض ليعيد الطبق حيثما كان وسالني إن كنت أريد أن أحتسي شاي فأجابته بنعم .

***

نجلس أرضا في البلكونة المطلة على الظلام الممتد بعدما أعد كوبان من الشاي واشعل الراديو ونسمات من الهواء العليل مع صوت أم كلثوم الذي يصدح في هذا السكون :

«هات عينيك تسرح قي دنيتهم عينيه، هات ايديك ترتاح للمستهم ايديه .. يا حبيبي تعالى»

أخذني بحضنه بدأت أبكي .. عقلي لا يتوقف عن التفكير .. لماذا أنا هنا وأين أنا ؟؟ ماذا لو حدث لي مكروه هنا ؟؟ لن يعرف اهلي أين أنا .. من هذا الشخص الذي أنا بين يديه ؟؟ هل حقا يحبني كما يقول ؟؟ هو يفسر دموعي على أنها دموع سعادة .. ولكني أشعر بالرعب والخوف .

بدأت أشعر بالنعاس .. ليس نتيجة شعور بالأمان والراحة ولكنه كوسيلة للهروب من كل ما أنا فيه .. أخذني للداخل .. وفوق فراش مبسوط على الأرض مددني بعد أن جردني من كل ملابسي .. محاولات فاشلة في اقتحامي .. يزدادي شعوري بالنعاس ويزداد شعوره باليأس .

***

في الصباح استيقظ مبكرا .. بطني تؤلمني من الجوع .. اوقظه لكنه لا ينهض يخبرني ان اليوم أجازته .. أرتدي ملابس وادخل الحمام للمرة الأولي في هذا المكان .. اغسل وجهي واجلس على الكرسي الخشبي انتظره .. يمر الكثير من الوقت .. اوقظه مرة ثانية واطلب منه أن ينزل معي لشراء أي شئ أكله .. ينهض بتكاسل ويخبرني بأنه سيعد الطعام .

بعد خروجه من الحمام يحاول إثارتي جنسيا ويتحرش بي لكني أتخلص من ذلك :

- أرجوك أنا عايز أمشي .. انزل وصلني .

يتركني ويدخل المطبخ ويبدأ في إعداد الطعام .. يحاول تلطيف الجو بيننا .. يناديني .. المطبخ ليس به سوي موقد ومجموعة قليلة من الأطباق والأواني ولكنه مهتم بنظافتها .. يطلب مني مساعدته في إعداد الأرز .. أخبره بأنني أستطيع ان أطهوه وحدي .. فترك لي مهمة إعداده .. وخرج لا أعرف لأين وعاد بعد قليل ومعه قطعتين من لحم الدجاج .. سألته أين كان ؟ فأجاب بأنه كان عند الجيران يحضر منهم تلك القطعتين من الدحاج لأنه ليس لديه ثلاجة يحفظ بها هذه الأشياء .. رائحة الأرز أثناء طهوه زادت من احساسي بالجوع .. انتهيت من إعداد الأرز .. وانتهى هو من إعداد الدجاج .. قام بوضع الأرز في طبقين وفوقهم قطعتي الدجاج وخرج بهم حيث الكرسيين .. كان الوقت قد قارب الظهيرة .. تناولت طبقى كاملا .

طلبت منه أن أنصرف .. أرتدى قميصه وبنطاله وقادني للمكان الذي نزلنا به ليلة أمس من الميكروباص وتركني ومشى .. وقفت كثيرا في هذا المكان الشبه خالي من الناس حتى ظهر ميكروباص .. لا أتذكر كيف عدت إلى بيتي .




24 May 2014

سراب


سراب

في الماضي كنت أحلم برجل يحبني وأحبه ونعيش سوياً .. عندما يأتي المساء نتناول عشاءاً من صنع أيدينا .. نشاهد فيلماً سوياً .. نضحك ونبكي سوياً .. أقرأ له كتاب أعجبني .. أنام فوق صدره .. يرعاني إذا مرضت .. نتقرب من الله سوياً .. يختار لي ملابسي .. نحتفل سوياُ بعيد الحب وأعياد الميلاد .. أبذل كل ما في وسعي لأجعله سعيداً .. أرى الحب بعينيه دون كلام .. أشعر بعشقه لي في لمساته .. أن تذوب روحي بين شفتيه .

الآن أدركت أن كل هذه سراب لا يمكن تحقيقه في الواقع .


أشكال أخرى للحب

للحب أشكال كثيرة .. فهو ليس هذه المشاعر الرقيقة الرومانسية الحالمة فقط .. ولكنه قد يظهر في أشكال أخرى عنيفة خصوصا عندما يكون هذا الحب بلا أمل .

الأبله

كونك مثلي الجنس ، لا يعني أن تصبح تافه ،
وتضحك طوال الوقت بدون اسباب كالأبله .


عدم إهتمام

مفيش حاجة اسمها «مشغول»
دي حجة بنقولها علشان نداري بيها
عدم إهتمامنا بحد تاني .


نفاق مجتمعي

الجنس زمان كان طقس من طقوس العبادات الدينية .. بس طبعا احنا انطبع جوانا ان الجنس عيب وحرام وخطيئة .. حتى في الحياة الزوجية الشرعية، المتزوجون مش بيقدروا يتخلصوا من عقدة الذنب .. وبالرغم من ذلك تلاقي الخيانة الزوجية منتشرة جدا بين المتزوجين .. لان اللقاء الجنسي بيكون بين الأزواج بارد وتقليدي .. الزوج بيخاف يعمل حاجات بيعملها مع عشيقته لا يقبل أن يعملها مع زوجته .. معتقداً بذلك أن هذا يحفظ شكله أمامها ولا يعودها اشياء قد لا يقبلها أن تكون في زوجته .. والزوجة لا يمكن أن تعبر عن نشوتها الجنسية خوفا من ان زوجها يفكر انها خبرة ومجربة الجنس قبل كده .

لقائي الأول بك

مشكلتي اني بحس جدا باللي قدامي .. ولما حسيت بخوفك .. ده ضايقني جدا وده خلاني أبذل مجهود مضاعف في اني اخبي اني حاسس بخوفك .. وطبعا بما اني انا اللي مضيفك فكان لازم ابدو مرحب بيك وفرحان بزيارتك .. فبقيت حاسس بإني مزيف وكنت بحاول أداري كل ده بكلام كتير مش فاكر عن أيه وابتسامة مستمرة بالرغم من إني كنت مضايق جدا .. ولو كان الوضع معكوس .. يعني لو انا اللي كنت جايلك كنت همشي مش هقعد لاني مكنتش حابب الجو ده .


أفكاري الجديدة

اللي مانعني من الكتابة هو ان معتقدات وافكار كتير قوي اتغيرت جوايا .. ولحد ما افكاري تستقر وتتبلور وتاخد شكل محدد اكيد هكتب تاني .. حتى لو كانت أفكاري الجديدة مختلفة تماما عن السابق .. وصادمة للكثيرين .

ألف صديق على الفيس بوك

قالوا قديما في الأمثال : «عصفور في اليد، خير من عشرة على الشجرة» وأنا أقول لكم : «صديق واحد في الواقع، خير من ألف على الفيس بوك»


زوجة تريها صنوف العذاب

تعايرني أمي بأن إبن إحدى القريبات تزوج حديثاً .. هذا الشاب الذي يصغرني سناً والحاصل على دبلوم زراعي ويعمل حاليا كبائع بإحدى محلات المفروشات المنزلية .. وكأن ليس هناك أي إنجاز يذكر قد يحققه الإنسان في تلك الحياة سوى الزواج وليس هناك أي أهمية للنجاحات الأخرى التي قد يحرزها الإنسان ... كم أتمنى لو كنت تزوجت وجاءت زوجة تريها صنوف العذاب وتصر هي وأهلها على أن لا تعيش أمي معنا .. هل وقتها كانت ستكون سعيدة أني تزوجت أم كانت ستتمني أن ظللت إبنها الذي يرعاها ويخدمها ؟!


سعادة المثليين

حتى لحظات سعادتنا بتكون مخلوطة بالخوف ،
الخوف رفيق حياتنا الدائم الذي لا يرحل عنا أبداً .
متى تأتي السعادة ومعها الأمان ؟


أزمة المثليين الأولى

للاسف المثليين مش بيحبوا بعض .. يعني مثلا فكرة زي «راديو كريم» لو كنت لقيت مثلا تشجيع من المثليين كنت استمريت حتى لو كان الموضوع مرهق جدا ومحتاج وقت كتير .. كمان أنا مثلا عمري ما شفت حد من المثليين اللي بيقرأ في مدونتي بيشير قصة او موضوع عجبه علشان باقي الناس تقراه وتوصلها الفكرة أو الرسالة .. المثليين مبيحبوش نفسهم أصلا .. ودي أزمة المثليين الأولى .


هذيان

كلام غريب يتداول بين الشباب المثلي هذه الأيام .. حيث يستخدمون كلمة «شاذ» لوصف من يمارس الجنس مع شخص من نفس جنسه .. أما هذا الذي يحافظ على بكارته ولا يتعدي لقاءه القبل والأحضان مع شخص أخر من نفس جنسه فهو «مثلي» .. ما هذا الهذيان ؟!!

«المثلي» هو ذلك الشخص الذي يميل عاطفيا وجنسيا لنفس أفراد جنسه .. أما «الشاذ» هو ذلك الشخص الذي يخرج عن النطاق الطبيعي في العلاقة العاطفية أو الجنسية سواء كانت مع ذكر أو أنثى .. مثل محبي تعذيب النفس أو تعذيب الأخر أو البحث عن علاقات متعددة أو جنس جماعي أو الشراهة الجنسية أو التعلق بأشياء معينة في العملية الجنسية مثل ملبس معين او شكل معين أو أي ممارسات تخرج عن النطاق المقبول .

فأنا لا أطلق على نفسي مثلي طالما لم أرتبط بشخص عاطفيا وعندما أرتبط بشخص احبه وتبدأ الممارسة الجنسية بيننا فنصير شواذ .. هذا هبل .. فأنا مثلي ما دمت وحيدا ومثلي عندما أحب ومثلي أيضا عندما ارتبط وامارس الجنس مع من احب .

والشذوذ الجنسي صفة ليست خاصة بالمثليين كما يفهم عامة الناس .. فقد يكون الرجل نائم مع امرأة ويمارس ممارسات شاذة ويستحق لقب شاذ بجدارة .


لن تكتمل الدائرة

فى مدار المثليين ..
تبتعد .. يقتربوا
تقترب .. يبتعدوا
و لذلك لن تكتمل الدائرة .


القشرة الصلبة

أحيانا فيه ناس بتخاف من الناس وبتخاف من الحب .. فبتتعامل مع اللي بيحاول يقرب منها بحدة .. كنوع من أنواع الحماية ضد المتلاعبين والكاذبين .. ولكن تقع هذه القشرة الصلبة عندما يثبت الأخر أنه صادق وليس متلاعب .. وكذلك يهرب المتلاعبين عندما يجدون هذه القشرة الصلبة لا يدركون أن خلف هذه القشرة الصلبة شىء أخر ..

13 January 2014

لم يعد في البوح أي لذة


مساء الخير .. جئت إليك كي احكي وأتكلم فقط .. لا لتبيع لي الأوهام .. أنا أسف ولكني أحب الصراحة حتى لو كانت جارحة .

تسألني لماذا اخترتك أنت .. ببساطة لأنني فقدت صديقي الأقرب منذ ساعات وكذلك هجرت الكتابة منذ شهور .. أعرف ما ستقوله بأن الكتابة نوع من أنواع العلاج النفسي .. كنت في الماضي أكتب كثيراً بمدونتي .. سأعطيك عنوانها في نهاية الجلسة .

لن أحكي لك تفاصيل حياتي فهي أطول مما تتخيل ولن تكفي عدة لقاءات معك كي أقصها عليك .. ولكني سأحكي عن تجربتي الأخيرة والتي دفعتني للمجئ إليك لأنني لم أجد أحداً غيرك كي يسمعني .

بالرغم من أنني حرمت الحزن على نفسي إلا أنه يطاردني أينما ذهبت .. حاولت أن أتعامل مع أحزاني على أنها لا تخصني .. وكأنني أقرأ رواية تراجيدية لست واحداً من أبطالها .. قد أحزن قليلاً تعاطفاً مع أبطال الرواية ولكن لن يدفعني ذلك للحزن من أجلهم أو للكتابة عنهم .. وهذا ما منعني من الكتابة بالرغم من مرور الكثير من الأحداث والمواقف في حياتي .

فالكتابة توثق أحزاني داخلي وتجعلني أتذكر أدق التفاصيل ألماً .. وبدلاً من محاولة نسيان آلامي، فإنها تصبح أكثر تجسيداً داخلي حيث يتضاعف الحزن إلى أحزان .

وكأنني أصبحت مسيح هذا العصر معلقاً فوق صليب المثلية لأكفر عن أخطائي وأخطأ كل مثليّ العصر .. صدقني لم يعد في البوح أي لذة .

كانت تجربته الجنسية معي فاشلة تماماً .. بررت ذلك بأنه عديم الخبرة .. حاولت التخفيف عنه قائلاً : أنا لا أريد منك شيئاً سوى أن أبقى في حضنك وأنظر لعينيك .. قال لي : هل تستطيع أ، تحضر بنتاً إلى هنا ؟

نظرت لعينيه مندهشاً : لماذا ؟
أجاب مبتسماً : كي نمرح سوياً .

سكت ناظرا إليه بدون أي تعبير على وجهي ربما لكثرة المشاعر المختلطة الحائرة داخلي فلم يستطع وجهي ترجمتها إلى شئ محدد .. بعد فترة من الصمت قطعه هو سائلاً : لماذا لا تتزوج ؟

قلت : لأنني لا أحب النساء ولن أستطيع أن أعطيها الحب ولا حقوقها الشرعية .
قال : تزوج وأنا سأتكفل بكما .
سألته بمرارة : كيف ؟
قال : سأنام معكما سوياً .

نظرت له ساخراً غاضباً صامتاً .. لم أريد أن أجرحه وأذكره بفشله منذ قليل ولكني قلت له بصوت إنسان خسر منذ قليل كل رأس ماله : اذا اعتبرنا ما أفعله الآن معك ليس خطأ .. فلماذا أتزوج وأظلم إنسان أخر معي وأجعلها ترتكب خطأ وأجعل منها زانية ؟!!

أردت أن أزيد على كلامي أيضا : إنني لم أختار أن أكون مثلي الجنس .. فلماذا أختار أن أكون ديوثــاً أيضاً ؟!!

لكني لم أقول له ذلك .. مرت فترة صمت بيننا .. نهض من الفراش قائلاً : يجب أن أذهب الآن .. وذهب .

مساءاً .. أرسل لي رسالة على الفيس بوك يقول فيها أن أمه قرأت المحادثات التي كانت بيننا على الفيس بوك لأنه قد دخل إلى حسابه من هاتفها المحمول ونسى أن يخرج من حسابه قبل أن يعيد الهاتف إليها .. فرأت هي رسائلنا .. وأنها غاضبة منه وأنه يجب أن نبتعد عن بعضنا البعض لفترة ولا داعي مطلقاً للاتصال الهاتفي بيننا .

وقام بإلغاء الصداقة بيننا وعمل «بلوك» حتى لا أري أي شئ بصفحته هناك .

لا أستطيع أن أجزم بمدى صحة هذا الرواية .. لكن إحساسي يقول أنه كاذب .. وأنها مجرد طريقة كي ينهي هذه العلاقة التي لم يجد من ورائها ما خطط له من البداية وتأكد من أنه لن يحصل عليه .. وبالرغم من عدم حزني مقارنة بما مر بي في التجارب السابقة .. إلا أنني أردت أن أحكي مع شخص ما .

شكرا لك إنك أعطيتني هذه الفرصة وشكرا لك على وقتك .. إلى اللقاء .