18 June 2013

حب في زمن الإخوان


عقلي : اخرج ، فلن يأتي الحب إليك وأنت جالس هنا في صومعتك .
قلبي : لا تخرج ، فتعود بجرح جديد .

صراع قائم داخلي منذ أمس ولم يحسم حتى الآن .. باقي ساعة واحدة ويكون هناك في مقر عمله .. افكر في الخروج والذهاب إليه كما وعدته .. قابلته مرة واحدة قبل هذا .. أعجبني .. لكني أخفيت مشاعري عنه حتى يظهر هو ما يدل على إعجابه بي .. لم يظهر شئ .. عدت حزيناً يومها .

« شخصيتك تمنع اي حد انه يبين مشاعره .. يعني حاجة اشبه بهيبة السلطان .. مش عارف يمكن عشان كنت متخيلك كده من قبل ما اكلمك اصلا ، فالاحساس متغيرش بعد ما كلمتك »

قررت الخروج .. أسير بإتجاهه .. أخرج الهاتف لأخبره بأنني في الطريق إليه .. لكن جموع من الناس تجري بالشارع مزعورين ومن بعيد أرى شباب يحملون أسلحة بيضاء وعصي وسلاسل حديدية .. لا أفهم ماذا يحدث .. ينتابني الرعب .. أسأل .

إنهم متظاهرون يطاردون أنصار الإخوان الذين قاموا بضرب الثوار المعتصمين سلمياً صباح اليوم بالأسلحة البيضاء والخرطوش .. وجاء هؤلاء الشباب للإنتقام من أنصار الإخوان .

علامة إستفهام كبيرة تعلوا رأسي : كيف يتعرفون على أنصار الإخوان من بين الناس ؟ هل هناك شئ يميزهم عن باقي الشعب ؟ أنظر لنفسي متسائلاً : هل أنا أبدو إخوانياً ؟

ملابسي لا تدل على إني متدين .. ذقني ليست حليقة .. دائما أهذبها ولكني لا أحلقها .. أرتدي نظارة طبية .. أحمل حقيبة صغيرة بها بعض أشيائي الهامة التي لا أستغني عنها .. بالطبع لا أبدو إخوانياً .. ولكن .. معي كتاباً يتحدث عن تاريخ الإسلام لأحد الشيوخ واسم سيد قطب على الغلاف ككاتب لمقدمة الكتاب .. ماذا أفعل بهذا الكتاب ؟

في تلك الأوقات ليس هناك وقت للشرح والتوضيح .. لا أحد يسمع في تلك الأوقات حيث العقول تكون مغيبة .. في الحقيقة هي مغيبة معظم الأوقات .. إن ما يحدث الآن هو أن عامة الشعب والغوغاء الذين تم خداعهم باسم الدين قد فاقوا على كابوس الحقيقة المرة وأدركوا أنهم تم خداعهم فجاء دورهم للإنتقام .. الإنتقام من هؤلاء مدعي الدين ومن كل شئ يحمل رمز الدين .. لا أحد يستطيع لومهم ومطالبتهم الآن بإن يفرقوا بين مدعي الدين والدين والمتدينين الحقيقيين لأنهم لو كانوا يدركوا هذا الفارق من البداية ما إستطاع أحد أن يخدعهم ويضحك عليهم باسم الدين .

لابد أن أخفي هذا الكتاب .. حمدا لله أن الكتاب صغير الحجم وتستطيع هذه الحقيبة أن تحتويه داخلها .

- بس ، بس ، يا أستاذ .

أنظر خلفي لأجد سيدة تقف أمام محل كبير .. تشير لي قائلة :

- لو سمحت ، إنت من حركة تمرد ؟
- لا . بس لو حضرتك عاوزة إستمارة ممكن أطبع لك .
- لا أنا مضيت فعلا .. أنا بس كنت هسألك أيه اللي بيحصل ؟

شرحت لها ما يحدث .. قالت لي :

- لو إحتاجتوا أي حاجة أنا هنا .. أنا صاحبة المكان .. ربنا معاكوا .

شكرتها .. بدأت أستجمع شجاعتي .. أخرجت هاتفي وبدأت أغرد على تويتر لأنقل ما يحدث أمامي للعالم .. بدأت في تصوير ما يحدث .. إن هؤلاء ليسوا الثوار التقليديين .. إن ما يحدث ليس كالمعتاد .. المطارادات إمتدت للمساجد والمستشفيات بحثاً عن فريسة من أنصار الإخوان .. لو وجدوا أحدهم في هذا الوقت لتحول إلى أشلاء .. ولكن جاء الإنتقام من محلات وسيارات لأشخاص ينتمون للتيارات الإسلامية .

بعد مرور ما يقرب من الساعتين ، بدأت الجموع تهدأ فقد أخرجوا غضبهم نحو النظام بهتافاتهم عبر الشوارع مع تأييد واضح من باقي الشعب الغير مشارك في التظاهرات والذين خرجوا يشاهدون ما يحدث .. إحدى السيدات خرجت لتلقي الحلوى على جموع الشباب كنوع من التأيد لهم ضد النظام الحالي .

تعبت أنا أيضا من السير .. إتصلت به لأخبره بأنني في الطريق إليه .. وجدته في إنتظاري .. حكيت له عما حدث لي خلال الساعتين الماضيتين .

كان مختلف قليلاً عن المرة السابقة .. سألته هل ما زال يهابني ؟ أجاب : لا .. تكلمنا كثيراً .. أخبرته عن المعاناة التي لقيتها من إقامة علاقة مع شخص بعيد عني في المكان .. المسافة تجعل العلاقة وكأنها حلم وليس واقع .. لا تشعر حقاً بالإشباع .. المشكلة أنني لا أجد أحد قريب مني .

سألني : ألم تجد أحد من هنا حتى الآن ؟

إبتسمت قائلاً : هل تقصد .. أنت ؟ أنا تعلم أني أريدك ولكنك لا تريدني .
- من قال ذلك ؟ أنا أيضا أريدك ولكنك تعرف أن الفترة الماضية كنت منشغل بدراستي وقبلها بمرضي .
- هل هذا معناه موافقتك على الإرتباط بي ؟
- طبعا .. لكن هذا ليس معناه .. أن نكون مع بعض الآن .
- خذ وقتك .. لا داعي للعجلة .. ولكن لابد أن تبدأ علاقتنا قبل 30 يونيو .

يضحك .. فأضع يدي على كتفه قائلاً له :
« مش هتجيب بوسة بقى ؟ »