24 December 2010

يوم فيلم 678


ثلاثة أسابيع
تفرقهما الظروف
غير قادرين على التلاقي .

أزمات مالية تطيح به
و أزمة صحية تمنعه
و ظروف عائلية تحول بينهم .

احساس بالحزن و الخوف .

***

ميدان طلعت حرب
نفس المكان الأول
أمام مكتبة الشروق
ينتظر ...

" غير متاح حاليا "

تمر الدقائق كالساعات
تتقافز أمامه أسواء الإحتمالات .

يمل من الوقوف
يفكر في مقهى للجلوس .

- كيف سيعرف مكاني هناك ؟

يجلس على الرصيف كالأخرين
يهش الأفكار السيئة عن رأسه .

يرن هاتفه ..
- انت فين ؟
- هنا
- خلاص شفتك .

عناق طويل .. عتاب قصير .. و فرحة غامرة .

***

- أنت جعان ؟
- جداً


***


- لا تنظر لي هكذا .
- حاضر .
يضحكان ..


- هذا لك ..
يوسف زيدان " النبطي "
" أردت حقاً أن أكمل ما بدأت أنت "
" مع حبي "


- و هذا أيضا لك ..
بيتر شبرد " 1000 سؤال "
" أردت حقاً أن تعرف ما أعرفه عن نفسي "
" و ما لم أعرفه "


- و هذا أيضاً لك ..
" صورته "
" أردت حقاً أن أكون معك طوال الوقت "

ينظر لها طويلاً .. يقبلها .. يضمها لصدره .
ينظر له .. يتمنى أن يضمه .

- لا تنظر لي هكذا .
يضحكان ..
يقبل يده .


***

عماد الدين
سينما رينسانس
تذكرتان حفلة 6:30 مساءاً
فيلم 678


يزداد السعال
يخرج الأقراص المهدئة
يبتلع قرصاً
يبدأ العرض ...




03 December 2010

في برج القاهرة


ميدان طلعت حرب
مكتبة الشروق
سلام باليد
و حضن سريع
نظرة متفحصة
و خجولة .

فرويد و باولو كويلهو
يجتمعان سويا
بحقيبة واحدة .

و بالحقيبة الثانية
ترقد فاطمة ناعوت
فوق سرير مرسوم عليه
نصف شمس صفراء
في حجرة كـُتـِبَ على بابها .

" أدعوا الله أن يكون اليوم هو البداية "


و كوبان من النسكافية
و اعتراف بمشكلة اخفاها عنه
خوفاً من رد فعله
و قرار نهائي بإنهاء هذه المهزلة .

و دموع بالعيون
و تسامح يأتي فرحاً .
و يدان لا تفترقان .


- البرج يا أسطى ؟
- برج أيه ؟
- برج القاهرة .. هو فيه غيره ؟


في المقعد الخلفي
لتاكسي يجوب شوارع المدينة
ابتسامات متبادلة
و عيون لامعة
و يدان متشابكتان
و قبلة يطبعها الأخر فوق يده .

أمام البرج ينزلان
قبل الصعود يزيد من ملابسه
خوفاً من البرد في الأعلى .

لا يتعرفان جيدا من أعلى
على معالم القاهرة
التي ترتدي زياً مختلفاً
ربما لأن الوقت ليلاً .

لا يهم .

المهم انهم معاً ..

نسمات الهواء البارد
تدفعهما للالتصاق .
يقترب منه لأقصى الحدود
يشم عطره يبدي اعجابه
يضع يده فوق كتفه
و يضغط برفق
تقف الكلمات عاجزة
عن نقل الكثير من المشاعر .

من الخلف يأتي رجل
في زي العصور الفرعونية
يعطيهم برديتان
مكتوب عليهما
تحليل شخصية كل منهما .

يقرأن السطور
ثم يضحكان .

عندها يتلاشى الناس
و يمتلئ بالرغبة
في انتزاع قبلة منه
يُقدم خوفاً و خجلاً
لا يعترض الأخر .

يُسطرالتاريخ ذكري أبدية
لأول قـُبلة لهما
في هذا المكان الرائع .



30 November 2010

فضل السماء


أحبك جداً
و أعرف أن الطريق إليك
طويلاً طويل

و أعرف أنك فضل السماء
و ليس لدي بديل

***

أحبك جداً
و أرفض من جنة حبك
أن أستقيل
و هل يستطيع المتيم بالعشق
أن يستقيل ؟

***

أنت الربيع الذي جاء فجأة
فبعثت في قلبي الحياة
و صوتك الدافئ يملأ روحى عطراً
يلف كل كياني
يجعلنى أحلق هناك
فوق السماء

كسرت كل ثوابتي
أحبك بدون شروط
و أرفض كل القيود

***

تبدو الحياة لي مختلفة
و كأنني ولدت بها من جديد

و كأنك سلبت العقل مني
فمحوت منه كل الماضي
ليبدأ تقويماً جديداً
من لحظة إحتلالك للفؤاد

----------
الحب المستحيل


28 November 2010

آلام العشق


عندما تشتعل آلام العشق في القلوب .. تصبح كالنار التى تصهر الذهب لتخلصه من كل الشوائب ليصير ذهبا نقياً .. هكذا تفعل آلام العشق في القلوب .. فتصير قلوب العاشقين كقلوب الملائكة .. خالية من الأحقاد و الأطماع الدنيوية و من كل الصفات البشرية السيئة .. و كم من عاشق في التاريخ صار من أولياء الله ..


كيف لا أقبل اعتذارهم و أسفهم على ما بدر منهم من إساءت و جروح حفروها بجدران هذا القلب .. كيف لا أسامحهم و أنا لم أحمل نحوهم ذرة كراهية ..


كل ما أتمناه أن يعوضنى الله عن ذلك ..
يا رب أنت الأدرى بحالي ..


شئ من بعيد

26 November 2010

الثلج الدافئ .. فيلم قصير


بطولة
كريم يوسف
مهند
مصطفى ماجد

تأليف و إخراج
كريم يوسف

ليس هناك انتقادات يمكن توجيهها للعمل
يكفيهم شرف المحاولة و الجراءة في طرح الفكرة

و أشكر فريق العمل
و لهم منى كل الحب و التقدير





12 November 2010

كل يوم جمعة


جدران حجرتي

ضاقت جدران حجرتي عليّّ .. أهرب من عقلي و الذكريات .. لا أستطيع ذلك .. أفكر في الخروج من هذه الحجرة الضيقة .. لكن إلى أين ؟ .. لا مكان هناك ألوذ إليه من عقلي و الذكريات .


اشتاق للقاهرة

أشتاق للقاهرة و شوارعها .. بالرغم من زحامها و ضوضائها .. و عدم خبرتي بمواصلاتها .. إلا إنها المكان الوحيد الذي شعرت به بالأمان .. الظروف لا تسمح لي بالذهاب إليها .. و تراودني فكرة هل لو جئت إليها هل سأجده هناك ؟ .. عن الأمان أتحدث .. أم أن القاهرة ستغلق أبوابها بوجهي .. و أجد شوارعها أصبحت موحشة لا مكان بها للأمان .


البيت

أحاول طرد هذه الفكرة من عقلي و أمنياتي .. حيث لم يعد لها مكان هناك داخلي .. تلك الكلمة التي لم تكتب في قاموس أحلامي و أمنياتي إلا معه .. انها وجود بيت يجمعنى مع من أحب حيث نعيش معاً .. لم أشعر يوماً ان هذه الأمنية قابلة للتحقيق إلا معه .. فقد كانت واحدة من أحلامه .. ما زلت لا أستطيع أن أتخيل غيره يشاركني هذا البيت .

رسم لي ع السما .. جنة فيها الهنا
و قال هنعيش هنا .. قلت إحلوت سنيني
بنى لي في الخيال .. قصور من الآمال
و قال مفيش محال .. نمت و غمضت عيني

و مرت الأيام .. و صحيت من الأحلام
مالقتش غير آلام .. و عذابي مستنيني
و أنا ياما اتحملت أنا .. دموع متنتهيش
و عذاب ميتنسيش .. لو فات مليون سنة


لماذا أنسى ؟

لماذا أنسى كل الجروح و اللآلام .. لماذا أنسى الإهانات و الإنتقام .. لماذا أنسى الخيانات .. لماذا أنسى ؟

لماذا لا أنسى كل الذكريات و الأحلام .. لماذا لا أنسى كل المواقف و الكلمات .. لماذا لا أنسى أدق التفاصيل و اللمسات .. لماذا لا أنسى ؟

لماذا أسامح و أغفر لهم حتى بدون أن يأتوني نادمين .. لماذا أسامح و أغفر لهم بدون حساب و شروط .. لماذا أتعذب وحدى ؟

هل هي السذاجة ؟ أم هي الطيبة ؟ أم هو الحب ؟


يخونني معه

قال لي قديماً : انه لم يحبك و كان يخونك .. لم يقدم لي الدليل على ذلك .. يبدو أنه كان يخونني معه .


كل يوم جمعة

يتصل بي كل يوم جمعة ليقول لي انه هناك في نفس المكان .. حيث كان اللقاء الأول .. يجلس على نفس المنضدة التى جمعتنا سوياً .. لا أدري ماذا يريد أن يقول لي .. هل يشتاق لي ؟ .. هل احتلت تلك الذكرى الوحيدة كل هذه الأهمية بداخله .. لماذا إذن لا يتجرأ مرة و يطلب لقائي بشكل جدي ؟ .. لماذا لا يخطو خطوة واحدة نحو ما يريد .. و إذا كانت ظروفي تمنعني من الذهاب إليه .. لماذا لا يأتي هو لي ؟


05 November 2010

الفرار إليه .. قصة قصيرة


زحام شديد .. أناس كثيرون من حوله .. لكن كل ذلك أصبح بالنسبة له أشباح أو ربما صور متحركة على شاشة عرض كبيرة .. و هو هناك مجرد مشاهد .. غير مشارك فيما يراه .. لا شئ يستطيع جذبه من وحدته تلك ليصير جزءاً من هذا العالم الأخر الذي يشاهده دون اكتراث .

فوق مقعد بجوار النافذة بقطار الجنوب يجلس وحيداً محاولاً القراءة لكن دون فائدة .. عيناه تلتهم السطور و الكلمات لتلقي بهما خارج العقل .. يبدو أن العقل أغلق موانيه و أعلن عدم ترحيبه بقدوم أي شئ إليه .. لا يستطيع النوم أيضاً .. ينظر خارج النافذة يراقف الأنوار البعيدة سريعة الحركة و الزوال و التى تبدو كنجوم في هذا الليل الحالك .

يصل للمكان المنشود الذي يطأه للمرة الأولى .. يشعر بالدفء .. درجة حرارة القطار أقل من الخارج بكثير .. محطة القطار شبه خاوية من البشر .. ربما لأن الوقت ليلاً .. ينتظر قدوم صديقه .. يهاتفه .. يخبره أنه في الطريق إليه .. يحاول مسح تفاصيل المكان من حوله بعينيه .. ليس هناك إختلافات كثيرة عن مدينته .. كل الأماكن تتشابه .. يفكر في لقاء صديقه المنتظر .. كيف سيقابله صديقه و كيف سيحكى له تفاصيل المشكلة .. لا يقوى على السرد .. يتمنى ألا يسبب له هذا اللقاء آلماً فوق ما يحمله الآن .

يأخذه صديقه في حضن طويل .. تمتلأ عيناه دموعاً .. و يمتلأ وجه صديقه إبتساماً .. يستوقف صديقه عربة و يصلا لبيته .. لا يقوى هو على الكلام .. لكن صديقه يخفف عنه و يبث داخله الثقة .. و أن ما يمر به ليس بشئ .


في تلك المدينة البعيدة عن مدينته .. التى جاء إليها هرباً من مشكلاته و أحزانه و خوفه الذي أفقده الاحساس بالغربة .. الغربة التي شعر بها و هو في حجرته ببيته .. بيته الذى تربى و كبر و عاش فيه كل سنوات عمره .. لم تعد الغربة في المكان تشكل أي مشكلة بالنسبة له .. جاء إليه بحثاُ عن الأمان الذي يشعر به دائماً عندما يكون بجواره .

بعد منتصف الليل بقليل .. يسير هو و صديقه سوياً في شوارع تلك المدينة الهادئة .. نسمات من الهواء العليل تهب محاولة مسح الحزن و الألم عنهما .. يستنشق أكبر قدر من الهواء البارد .. يتجه الاثنان نحو شاطىء النيل .. تنتشر رائحة الذرة المشوي في الهواء .. يشترى له صديقه واحداً لانه لا يحب الذرة .. يختارا مكاناً بعيداً عن الأضواء .. يجلسا سوياً منصتين لأصالة و هى تشدو .. انتهينا م العتاب .

يستلقى على ظهره .. ناظراً للسماء حيث النجوم المتلألئه .. يطلب منه صديقه أن يتوسد فخذه .. ينظر للسماء و لوجه صديقه ثم يبتسم .. يغمض عينيه عندما يتذكر مشكلته .. تتلاشى الابتسامه .. يحاول طرد أشباح الخوف من تفكيره .. لكنه لا ينجح .. تتملكه الأفكار المرعبة و الخوف الذي جعل قلبه كعصفور يحاول الفرار من صدره و كأن هناك من يحاول الامساك به و قتله .

تفر دمعتان ساخنتين من عينيه .. يعترف أمام نفسه و أمام صديقه أنه مذنب و أنه يتحمل جزء كبير من مسئولية الجرم الذي أُرتكب في حقه .. و أن برائته في التعامل مع الأخرين هي المتهم الأول في وقوع تلك الجريمة .. حيث انعدمت الأخلاق و انحطت خصال الناس لأقصى الحدود .. و يجب على الانسان ان يفكر مليون مرة قبل ان ينظر او يتفوه بكلمه لأي انسان .. حيث لم تعد المظاهر الخارجية تدل على الباطن الحقيقي للناس .. فقد تحطمت التابوهات القديمة للشر و الشررين .. و أصبحوا يرتدون ثياب الملائكة المطرزة بالأخلاق الحميدة .. و يخلعونها عند الهجوم حيث تظهر حقيقتهم البشعة الحقيرة .

يقبل يد صديقه لأنه سامحه و غفر له و أنه ما زال هنا بجواره و لم يتخلى عنه .. يطلب منه صديقه أن يهدأ و لا يفكر كثيراً .. فيجيبه بالايجاب طالباً منه أن يضع يده فوق قلبه ليهدىء من روعه .. يمد صديقه يده واضعاً إياها فوق قلبه المرتجف .. يشعر بدفء رهيب يسري من يد صديقه إلى قلبه المرتجف .. فيشعر بخدر لم يشعر به قبل الآن .. لا يعتقد أن مسكنات العالم قد يكون لها هذا التأثير القوي و الفوري .. تصدر منه أهه رغماً عنه ممزوجة بدموع دافئة تسيل على خده .. ينظر لصديقه دون كلام .. يتمنى أن تبقى يده تلك فوق قلبه للأبد .. يهدأ القلب لدرجة أنه يعتقد أنه توقف تماماً عن الحركة .. يتمنى أن يتوقف الزمن عند هذه اللحظة .


أنا و انت ظلمنا الحب
هوا يا هوا

01 November 2010

لا تحزن


مرآتي

أعتقد أنني لم أمر بتلك الحالة التي أعيشها هذه الأيام من قبل .. فقد فقدت صديقي الوحيد .. الذى كان هناك دائماً .. يستمع همومي و شكواي .. قلمي .. فلم أعد قادر على الكتابة .. وسيلتي الوحيدة لإخراج ما بداخلي .. وسيلتي لفهم ذاتي الحائرة .. قلمي لم يكن للكتابة فقط .. فقد كان مرآتي التى تظهر كل ما لا تراه العين المجردة .. يبدو اننى كسرته للتخلص من مواجهة الذات .

لا تحزن

أغلقت نوافذ العقل .. فساد الظلام داخل عقلي .. منعته من التفكير فيما يحدث في حياتي .. فعلت هذا بإختياري .. ربما بعد أصابتي بداء السكري الذي جاء كنتيجة مباشرة للحزن و الخوف الذان كانا قد أصبحا شريكان أساسيان في حياتي .. فعلت هذا خوفاً من تتدهور حالتي .. كل من يتكلم معى هذه الأيام .. سواء كان يحكي او يشتكي هموماً يعاني منها .. أقول له ( لا تحزن ) .. أقولها له ربما لأذكر نفسي بها أولاً .. ( لا تحزن ) أصبحت من مفرداتي الجديدة التى لم أكن أستعملها قبل الآن .. إلا مرة واحدة .. لا شئ يستحق .

الحب

إغلاق نوافذ العقل أفقدني الحياة .. لم أعد أشعر بأني أحيى .. عدم التفكير فيما يحدث لحياتي .. أفقدني الكثير من معانى الحياة .. و أهم هذه الأشياء الحب .. أعتقد انه من أهم الموضوعات التى أتجاهلها عن عمد .. فقد وضعته على رأس قائمة الأشياء التى أمنع عقلي من التفكير بها.

عايش وخلاص

المشكلة تكمن في هل حقاً أنا أعيش بهذا الشكل أم أننى أخدع نفسي .. لا أشعر بأى شئ .. التبلد هو الشعور المهيمن .. فقدت أيضاً القدرة على الحكم على الأشياء .. دوماً كنت أقف هناك أصدر أحكامي و نظرتى للأمور و التجارب التى قد ممرت بها .. و أخرج بتائج قد أكون صائب فيها أو مخطئ .. لا يهم .. لكنى كنت أرضى بما وصلت إليه .. الآن لم أعد قادر على إصدار الأحكام .. و أتجاهل التفكير بالماضي .

الكلاب الضالة

عندما لا تستطيع أن تكمل هدم أنقاض ماضيك القديم المنهار و تزيلها من حياتك .. فلن تستطيع أن تبنى الحاضر و لا المستقبل .

يبدو أنى أجلس هناك فوق صخرة الوحدة .. أقدم نفسي قرباناً للماضي السخيف .. منتظراً أضحية إلاهية .. معطياً ظهري لأطلال مدينتي حتى لا أتذكرها .. محاولاً تجاهلها .. غير قادر على استخدام معول الحاضر لإزيل هذه الأنقاض من حياتي .. كي يتسنى لي وضع أسس بناء جديد .. أعتقد أن هناك من سرق المعول .

يبدو أن هذا قد سمح لكثير من الكلاب الضالة و الحيوانات المتشردة بالدخول لأنقاض مدينتى المتهدمة .. ليعبثوا بها ليلاً .. تاركين مخلفاتهم الكريهه هناك .. و انا ممد فوق المذبح .. لا قوة عندي للدفاع .. إلى متى سأمكث هكذا .. لا أعلم ...


وننسى قد ما ننسى

20 October 2010

ليس الآن و لكن فيما بعد


كان يدرك مسبقاً أن اللعب مع الصغار لا يأتى من ورائه غير الحزن و الندم .. و يبدو أن الحذر لا يمنع القدر .. إنهم عديمي الخبرة .. فهم لا يقدرون قيمة ما تهبهم من عطايا و لا يحافظون على ما وهبوا .. فقد تعطي أحدهم شىء نفيس و لكنه لجهله و قلة خبرته في الحياة لا يقدر هذا الشئ و قد يلهو به و يتسبب في تدميره .. و هذا شئ متوقع .. فالجواهر في أيدي البلهاء زجاج لا قيمة له .

يلقاه صدفة .. يتصرف الأخر و كأن شيئاً لم يكن .. و كأنه لم يرتكب جريمة في حقه .. يصمت هو كثيراً منتظراً أن يبرر الأخر له سر إختفائه .. أن يعتذر .. أن يعطي مبررات .. و لكن دون شئ .. يصمت هو أيضا .. ثم يطلب هو منه أن ينسي كل ما كان .. يسأله هل هذا قرارك .. يجيب هو : نعم بدون شك .

ديكتاتوريا إن أُعْطِي ديكتاتوريا إن أَبْـخَلْ
وَقَّعْتُ - أَنَا - صَكَّ الهَجْرِ فالحاكِمُ يَعْزِلُ لا يُعْزَلْ

قال الأخر : إن كان هذا قرارك فلك السمع و الطاعة .. يجيب هو : جميل .. و لكن يبقى كلمة أخيرة أود أن أخبرك بها .. إعلم أنك سوف تندم عليً و سوف تدرك قيمتى .. ليس الآن و لكن فيما بعد .. أتمنى لك السعادة .

ينهض و يتركه خلفه جالساً .




11 October 2010

إنسان أبيض


قال لى : انها المرة الأولي التى أرى فيها إنسان أبيض
نظرت له مندهشاً قائلاً : كيف ذلك ؟

قال باسماً : لا أتحدث عن بشرتك
و لكنى أتحدث عن داخلك
أتحدث عن قلبك .



04 October 2010

زليخة العاشقة


** 1 **

يا زليخة ..
يا أجمل جميلات مصر
يا زوجة – كوتيفار - عزيز مصر
يا إحدى زوجات الإله آمون
يا عاشقة يوزرسيف .

ها قد أصبحت قصة عشقك لعبدك
- الذى أهداه لك زوجك - على لسان الجميع .
عبدك الذي راودتيه عن نفسه و غلقتى الأبواب
و قلتي له : هيت لك .. لكنه آبى ذلك .
و رفض أن ينصاع لك و لنساء مصر
و رضى بالسجن بديلاً و ملاذاً منكن
فالسجن أحب إليه مما تدعونه إليه .

سبع سنوات عاش هو بالسجن
و أنت هنا تعانين آلام الفراق و العشق
حتى حصحص الحق و اعترفتى بذنبك
و انك هي التى راودته عن نفسه
و إنه لمن الصادقين .



** 2 **

ها أنت الآن تعيشين وحدك
بين جدران قصرك المهجور
تتلمسين طريقك بتلك العصا
بعدما هرمتي و ذهب البكاء بعينيك
فألم العشق يذيب القلب و يجلب الهم .


و بين طرقات مدينتك
تطوفين بين الناس
بحثاً عن عشقك و معشوقك
تشتمين رائحته و أخباره
و أصبحت مثار سخرية الجميع
بعدما أذاب العشق قلبك .

لم تعودي تهتمين لمكانتك
فقد زهدتي في كل شىء
مالك و جاهك و مكانتك
و جمالك .. كل شىء ولى
و لم تعودي تملكى شئ
سوى قلبك و هذا العشق .



** 3 **

في الحجرة التي كان
يقطنها يوسف بقصرك
تتلمسين كل شئ بها
تجلسين حيث كان يجلس
ليناجى ربه .. لتناجي ربه :


يا رب يوسف
كنت أشعر بالوحدة
لكن الآن .. لا أدرى
أشعر أنك بقربي
تنظر إليّ في كل آن .

آه يا رب يوسف
أرجوا منك ألا تذرني وحيدة
عندما تكون بقربي
أشعر أن يوسف بقربي .

شكراً لك أنك تتفقدني
و تضئ عليّ ليالي المظلمة .

فأنا أنام الآن دون خوف
دون وحشة
أشعر أنك تحرسني .



** 4 **

يا يوسف
إن زليخة احتملت عذاباً شديداً

و قد كفرت عن ذنوبها
و هي الآن إمرأة مؤمنة موحدة .

عليك بمواساتها ..
إتخذ منها زوجة لك ..

و اعلم أن دعائك مستجاب بحقها
فما عليك إلا الدعاء و الطلب
و على الله سبحانه القبول و الإستجابة .



** 5 **

يضحك الملك إخناتون :
أتتخذ من هذه العجوز
زوجة لك ؟
إنها عليلة و سقيمة !!

إنه أمر الله و لا راد لأمر الله .
و ينتظر قدومها إليهم.

ها أنت الآن يا زليخة
تقفين أمام يوسف بعد ثلاثين عاماً
من الفراق و الشوق و اللهفة للقائه .

بين يديه تخرين خشوعاً
تمدين يدك المرتعشة الضعيفة
تتلمسين قدمه ثم تقبلين يدك
و تمسحين بها على قلبك
عله يهدأ من روعه .

يسألك يوسف العفو و المغفرة
عن السنوات الماضية
قائلاً : ماذا تريدين مني ؟

" أردت محبوبي و هو الآن بجواري ..
أردت معبوداً و أنا الآن فى محضره ..
بقى لي رجاء واحد .. رؤية يوسف . "

يا زليخة ..
أنت الآن موضع عناية الخالق الواحد .

و يدعوا لك يوسف ربه
فيعيد لك الله عيناك و شبابك
و يعوضك كل سنوات الحرمان
التى عشتها قبل الآن .

يا زليخة ..
لقد أصبحت آيه من آيات الله
فاسجدي يا زليخة لله رب العالمين
إسجدي فالسجود من أجمل تجليات العبودية .

-----------------


أشكر كل من شارك في تقديم
المسلسل الايراني يوسف الصديق

من أروع ما شاهدت من أعمال فنية دينية
عمل يستحق الاشادة و التقدير و المشاهدة

03 October 2010

فوضتك أمري


اللهم اشملني برعايتك
اللهم فوضتك أمري كله
اللهم أتوكل عليك

اللهم املأ قلبي بنورك
اللهم أعصمنى من نفسي و من الآخرين
يا حي يا قيوم



25 September 2010

حينما أتحدث


قال لي : عندما تكون ساهماً ..
شارداً ..
مفكراً ..
مهموماً ..
تبدو و كأنك في سن أكبر من سنك بكثير ..
قد تصل وقتها إلى الستين ..

و لكنك حينما تتحدث ..
تتبسم ..
تضحك ..
تفرح ..
تبدو أصغر من سنك بكثير ..
تبدو و كأنك أصغر منى ..
تبدو و كأنك تحتاج إلى من يرعاك ..
حتى أنني أشعر بالغضب الشديد
حينما أرى شخص ما يتعامل معك بطريقة غير لائقة .

ظللت أفكر طويلاً ..
لا أعلم هل هو يمدحنى أم يهجوني ..
لم أستطع الوصول إلى كلمات أقولها للرد عليه ..
فقط ابتسمت له شاكراً.


12 September 2010

مُخير أم مُسير ؟


على مر العصور - و مازالوا - الفلاسفة و المفكرين يتجادلون حول قضية " هل الإنسان مُخير أم مُسير ؟ " حيث انقسموا إلى فريقين أحدهم يقول أن الإنسان مُخير حيث أعطاه الله الحرية في الإختيار عندما عرض عليه الأمانة التى رفضتها من قبله سائر المخلوقات - حتى الجبال رفضتها - و قبلها الإنسان و أن الإنسان سوف يجازى يوم القيامة على ما اختاره في الدنيا و الفريق الأخر يقول أن الإنسان مُسير و هو مُجبل على كل شئ و ليس له حرية في اختيار أي شئ في الحياة .. انما هى حياته المرسومة و المقررة من قبل أن يولد و من قبل أن يحياها .. و بين كلا الرأيين سيبقى الجدال للأبد .. و قد تمر السنون من حياة الباحث قبل أن يصل إلى الحقيقة .. و هذا من شأن كل القضايا الجوهرية و الفلسفية في حياتنا البشرية .


و هناك فريق ثالث يدعوا إلى الوسطية في هذه المسألة .. حيث قالوا أن هناك بعض الأمور التى جُبل الإنسان عليها حيث لا خيار له فيها و بعض الأمور الأخرى التى يستطيع فيها الإنسان أن يختار و أن يقرر مصيره بحرية تامة وفق هواه و ميوله .. و بهذا يكون هذا الفريق قد أمسك العصا من منتصفها .


سؤالي اليوم هو إلى أي مدي قد يتحكم القدر في حياتنا ؟ و هل له القدرة على دحض و تحطيم مخططاتنا و ما قررنا القيام به ؟ و هل دائما القدر يتدخل في حياتنا ليُسبب لنا السعادة فقط أم أنه قد يُسبب لنا التعاسة أيضا ؟ هل يكون القدر في صالحنا دائماً أي أنه يجنبنا الأخطار و الأطراح كى نبقى على الطريق الذي به خير لنا ؟ أم أنه قد يُحيد بنا إلى طريق أخر و قد يقصينا عن الخير و الأفراح ليدفع بنا لطريق الشقاء الذي قد يكون مقدر لنا أن نسير به ؟


اليوم .. و للمرة الأولى .. أشعر بيد القدر تتحكم في حياتي بهذا الشكل المباشر الغير متوقع و الغريب .. حيث منعني من تنفيذ ما خططت له منذ عدة أيام .. منعنى من لقائه .. شعرت بالعجز الشديد أمام القدر اليوم .. اتصلت به و اعتذرت له على عدم مقدرتي للقائه .. و بكيت بعدها مبتسماً مندهشاً مما حدث .


05 September 2010

اللبن المسكوب


من منا لم يسمع هذه الحكمة من قبل - لا تبكى على اللبن المسكوب - و التى توجد في كل الثقافات و بكل اللغات .. لكن ربما الإعتياد الذي يفقد الأشياء بريقها و يجعلنا لا نهتم بالشئ الذى اعتدنا على رؤيته او سماعه مرات عديدة حتى يفقد معناه .

لا أدرى ما الذى دفعنى اليوم للتفكر في عظمة هذه الحكمة .. و التى لم أعمل بها يوماً قبل هذا .. فدائماً كنت أبكى و أنتحب على كل ما يُـسكب منى .. غير مدرك عواقب هذا البكاء و النحيب .


لا تبكى على اللبن المسكوب ليس تقليلاً من قيمة اللبن الذى سُكب منك .. و اللبن هنا رمز لكل شئ قد تفقده في حياتك .. ربما نقود ربما أشياء قيمة ربما فرصة قد تغير حياتك ربما حبيب أوأي شئ أخر .. الحكمة هنا لا تدفعنا للتقليل من شأن تلك الأشياء التى نفقدها .. و لا تدفعنا بالتحلى بصفة عدم الإكتراث بالأشياء .. و لكنها تحثنا على الإهتمام بما بقى لنا و لا نتمادى في الولوله على ما فقدنا .. لأن هذا التمادي في البكاء و الحزن قد يفقدنا أشياء أهم و أقيم من هذا الذى فقدناه .. فكن ذكياء و لا تضيع ما في يديك و ما بقى معك في مقابل ما فقدت .. و اعلم جيداً أن ما سُكب أو ضاع لن يعود مرة ثانية مهما فعلت و لن يفيدك البكاء أو الحزن عليه .


و هذه نصيحة أقدمها لكم و لي قبلكم .. لا تبكوا على اللبن المسكوب .. لا تحزن اذا فقدت حبيب .. لا تبكى عليه .. لا تحزن و لا تتمادى في حزنك .. فلن يعود لك .. و لن يكترث هو بحزنك الذي قد يفقدك ما هو أهم من هذا الحبيب .. فقد تفقد نفسك .. قد تفقد فرص أخرى أفضل منه .. فلا تحزنوا .. و لا تتوقفوا عند شخص .. و سيروا في الحياة و لا تتوقفوا .. حتى لو كانت تجاربكم غير ناجحة .. فهذا أفضل من أن تقفوا هناك تعانون صراعات مع ذكرياتكم و تكونوا أنتم وحدكم ضحايا هذه الصراعات .. اتمنى لي و لكم السعادة و راحة البال و النجاح .






25 August 2010

عيد ميلادي ال 30

عقبالك يوم ميـــــــــــــــــلادك
لما تنول اللي شغل بــــــــــالك

يا قلبي ..

عقبال حبك لما يغنـــــــــــــــي
ودموع عيني ترقص منــــــي

وانا مرتاح البال متهنــــــــــي
لما تشوف الناس جايّـــــــــالك

عقبالك يوم ميلادك ..

عمر حياتي عمر هوايـــــــــــا
نظره وكلمه .. تقابلو معايـــــا

وسنين حبي هيه هنايـــــــــــا
كتبو اول يوم في مـــــــــلادك

عقبالك يوم ميلادك ..

يا مفرقين الشمـــــــــــــــــوع
الحب عمره سنــــــــــــــــــــه
والقلب عاش ميت سنـــــــــــه

قلبي نصيبه فيـــــــــــــــــــــن
والهجر عمره سنيـــــــــــــــن
والفرح له ساعتيـــــــــــــــــن

عقبالك يوم ميلادك ..

قالو لي يوم ميــــــــــــــــلادك
لما تنول اللي شغل بــــــــــالك

يا قلبي ..




20 August 2010

خيراً منهم


جاء يحمل في طيات قلبه و ثنايا عقله ذكرى حب مضى وولى .. جاء و ترانيم أغنية سعاد حسنى و التى كتبها صلاح جاهين تدوي بأذنيه ..

" أنا راح مني كمان حاجة كبيرة
أكبر من إني أجيب لها سيرة !
قلبي بيزغزغ روحه بروحه
علشان يمسح منه التكشيرة
ادعوله ينساها بقى ويضحك "


كل مقاهى البورصة بشارع علوى مزدحمة فوق العادة .. تلتف الزبائن حول شاشات التلفاز و شاشات العرض حيث تذاع احدى مبارايات كرة القدم .. يبحث عن مكان او مقعد خالي .. لا يجد .. يتصل بصديق له على موعد معه .. يخبره الصديق أن أمامه نصف ساعة على الوصول .. يقرر كريم التجوال قليلا حتى يصل صديقه و حتى تخلو بعض الأماكن لكى يجلس .

يخرج من شارع علوى إلى شارع محمد صبري أبو علم يمر من أمام مطعم قزاز .. يحمل هذا المطعم كثير من الذكريات معه .. ينحرف يساراً حيث شارع البستان السعيدي .. يذهب لمقهى البستان .. الزحام شديد هناك أيضا .. لم ينوى الجلوس على هذا المقهى فذكرياته بهذا المكان سيئة للغاية .. يغادر سريعاً متجهاً نحو ميدان طلعت حرب .

تجذبه مكتبة الشروق يشاهد الكتب المعروضة بالفاترينه هناك .. لا يدخل .. يعبر الطريق متجهاً نحو مكتبة مدبولي بالجانب الأخر من الميدان .. يشاهد الكتب المعروضة لديهم .. مجموعة كبيرة من الكتب تتناول بالدراسة و النقد الحركة الوهابية بالسعودية .. لا يحب هذا الفكر الوهابي .. يتذكر أنه أراد الحصول على خريطة تفصيلية لمدينة القاهرة .. يدخل المكتبة .. فارق كبير بين مكتبة مدبولي و مكتبة ديوان في طريقة العرض و الخدمة .. يتمنى يوماً أن يكون صاحب مكتبة مثل مكتبة ديوان .. يسأل المسئول هناك عن خريطة للقاهرة .. يطلب منه أن ينزل السلم لأسفل .

يجد هناك شاب صغير سناً .. يعطيه الخريطة مع ايصال الدفع .. يدفع الخمسة عشر جنيها ثمن الخريطة .. يلفت انتباهه كتاب لصلاح جاهين بعنوان " الليلة الكبيرة و خمس مسرحيات أخرى " يعشق هو أوبريت الليلة الكبيرة و يحفظ الكثير من كلماته .. يتصفح الكتاب سريعا لكنه لا يشتريه .. يغادر مكتبة مدبولي سريعا عائدا إلى البورصة مرة أخرى .

ذاهبا لشارع علوى من احدى الشوارع الجانبية التى لا يعرف اسمها .. يمر على مقهى ساعة صفا ذلك المكان الذى كان به اللقاء الأول به .. ود أن يجلس هنا .. و لكن مكان لقاءه مع صديقه الذي على موعد به الآن ليس هنا و انما هناك في احدى مقاهي شارع علوى .. قرر أن يعود لهنا بعد مقابلة صديقه .. مرة أخرى لم يجد أى مقعد خالى هناك .. فما زالت مبارة كرة القدم مستمرة .. قرر أن يعود مرة أخرى لمقهى ساعة صفا .

هناك في نفس المكان .. في نفس المقهى .. في نفس المنضدة .. في نفس اليوم .. ينظر بعينان لامعتان باسمتان .. يتجرأ .. عكس طبيعته دائمة الخوف .. يشعر بالألفة .. لم يتحدث بشىء .. ربما الاندهاش من الصدفة الغريبة جداً .. هل من الممكن أن يحدث هذا ؟


يدرك أن الله هو الأكرم .. يدعوا الله أن تلتئم جراحه .. و أن يتخلص من تأثير من ألقوا قلبه هوناً و احتقاراً و إذلالاً .. و أن يعوضه خيراً منهم .. يتذكر كلمات كتبها منذ يومان يقول فيها " يمر الانسان بمواقف و تجارب يحسبها في الظاهر مصائب و إبتلاءات .. لكنها في الحقيقة قد تدفعه نحو السعادة و الخير .. سبحان رب العباد عالم الغيب " .





17 June 2010

قبل الآن بثلاثة أيام .. قصة قصيرة


الآن:

وحيداً.. شارد الفكر.. يجلس في إحدى عربات القطار المكيف المتجه نحو مدينة ما بعيدة عن مدينته ناشداً الأمان. يحاول التغلب على شروده وتفكيره بمحاولة يائسة لقراءة أحد كتبه التي اصطحبها معه، لكن دون جدوى. لم تفلح تلك الحيلة هذه المرة. يشعر ببرودة تسري في جسده النحيل. ليس التكييف المسؤول عن هذه البرودة الداخلية التي يعانيها؛ فالجو في الخارج أغسطسيّ شديد الحرارة، بينما الجوّ في داخله شتوي قارص البرودة ملبد بالغيوم. يعرف هو السبب جيدًا: إنه الخوف.

قبل الآن بسبعة أيام:

“أعتقد أنني قابلتك قبل هذا”- هكذا بدأ الآخر كلامه معه. يلتفت إليه شادي محاولاً البحث عن هذا الوجه في ثنايا ذاكرته الضعيفة نوعاً ما في تذكر الأسماء، القوية في تذكر الملامح والوجوه، لكنه لم يجده هناك. كان الآخر رجلاً أربعينيًا ذا بناء جسدي قويّ، شبابي الملبس. لم ينجح شادي في إعطاء التقدير العمرى الصحيح له حيث يبدو مظهره الخارجي أصغر من عمره الحقيقي.

“لا أعتقد أنني قابلتك قبل هذا”- هكذا أجابه شادي.

يدور بينهما حوار قصير عادي في لقائهما الأول كغريبين، حيث جمعتهما الصدفة سويًا في هذا المكان. يبدي الآخر إعجابه الشديد بأخلاق شادي وبأدبه في الحوار. يحمرّ وجهه كالعادة عندما يمدحه شخص آخر. يشكره.

الآن:

يزداد إحساسه بالبرودة. يحاول أن يبتعد بتفكيره عن هذا اللقاء وهذا الشخص. يحاول أن يشغل نفسه بمشاهدة الناس المحيطين به في هذا القطار، لكنه لا يستطيع ذلك. فالمقاعد المرتفعة تحجب الرؤية واصطفاف المقاعد في اتجاه واحد بخلاف القطارات العادية التي تتقابل المقاعد في شكل مربعات تسمح بتلاقي الركاب وجها لوجه. كلّ هذا لم يعطِه أية فرصة للانشغال عن ذاته. حتى المقعد المجاور له يجلس فيه طفل صغير في الثامنة من عمره نائم منذ البداية. متدثر بغطاء يعتقد انه يخصّ أمه التي تجلس في الصفّ المقابل لهما.

قبل الآن بثلاثة أيام:

يعود إلى حجرته. يحمل كوبيْن من عصير البرتقال. الآخر هناك يجلس أمام الكمبيوتر يتصفح موقعًا للأفلام الإباحية. يقدم شادي له العصير. يجلس بجواره. تبدو على وجهه علامات الدهشة. يسأله الآخر إذا كانت هناك مشكلة في تصفح هذه المواقع. يجيبه شادي بأنه ليس هناك مشكلة ولكنه مندهش لأنّ الآخر متزوج وبالتأكيد لا يحتاج لهذا النوع من المتعة. يجيب الآخر بأنها مجرد تسلية.

الآن:

يزاد الإحساس بالبرودة داخله. تصطك أسنانه. يرتجف جسده. يخاف أن يشعر به الآخرون من حوله. يحمد الله أنّ من بجواره طفل ونائم. يفتح حقيبته ويخرج منها تيشرت. يرتديه سريعاً فوق ملابسه الأخرى متمنيًا أن يتخلص من هذا البرد الرهيب.

قبل الآن بثلاثة أيام:

يسأله الآخر عمّا إذا كان هناك أحد في البيت غيره. يندهش لسؤاله لكنه يجيب بأنّ أمه هناك ولكنها نائمة وأخوه في حجرته. يطلب منه الآخر كوبًا من الماء لأنه يشعر بالظمأ. ينهض ليحضر له الماء. عندما عاد وجده يمارس العادة السرية. يتجنب النظر له ويسأله عما يفعل. يجيبه بأنه يشعر بالإثارة الشديدة وبأنّ هذا شيء عادي يفعله كل الرجال. يسأله الآخر إن كان يفعل ذلك. يجيبه شادي “أحيانًا”. يجلس بجواره غير قادر على التفكير في ردّ الفعل المناسب الذي يجب أن يقوم به تجاه هذا الموقف. يسأله الآخر عن سبب هذا الارتباك الواضح عليه واحمرار وجهه الشديد ولماذا يتجنب النظر إليه. لا يعرف شادي بمَ يجيب. يصمت.

“أيه يا ابني إنتَ مش راجل و لا أيه؟” قال الآخر. يغضب شادي قائلاً:

“طبعا راجل”.

يكمل الآخر بهدوء: “طيب فك بنطلونك وتعامل”.

الآن:

يمرّ عامل البوفيه بعربته التي تحمل المشروبات الساخنة والباردة وزجاجات مياه وبعض الحلوى. يطلب منه شادي كوباً من الشاي. يمسكه بين يديه. يضغط عليه بقوة محاولاً امتصاص أكبر قدر من الحرارة التي قد تساعده على التخلص من تلك الرجفة التي بدأت تزداد حدّتها مع مرور الوقت.

قبل الآن بثلاثة أيام:

ينهض شادي قائلاً له إنه سيبقى بالخارج حتى يفرغ الآخر مما يفعله. يمسكه الآخر من ذراعه طالباً منه أن يمكث بجواره. يصر الآخر على طلبه معللاً ذلك بأنه سيخبره بشيء هام. يسأله شادي مندهشاً أي شيء هام؟ يجذبه الآخر من ذراعه ليجلس فيجلس بجواره منتظراً هذا الشيء الذي شعر شادي بأنه شيء خطير. قال الآخر بأنه يعرفه قبل لقائه الأول به ويعرف كل شيء عنه. ينقبض قلب شادي الذي أجاب مستفسراً ماذا يقصد بكلامه وعن أيّ شيء يتحدث.

أخبره الآخر بأنه يعرف أنه مثلي الجنس ويعرف قصته مع “عمرو”، صديقه السابق. تندفع آلاف الأفكار في عقل شادي للدرجة التي يتوقف العقل عندها عن التفكير. تحدث له تلك الحالة -التي لا يعرف وصفها العلميّ- عند ازدحام العقل بالأفكار وعند الخوف. وقتها لا يكون هناك أيّ ردّ فعل منه تجاه الموقف الذي يمر به. يستغل الآخر هذه الحالة، يقف الآخر يأخذه من يديه نحو السرير، يحتضنه. يحاول شادي دفعه.. لا يستطيع. يخبره الآخر وهو يلتهمه بأنه يحبه وبأنه لن يفضحه ولن يخبر أخاه الذي يعرفه جيدًا. ترفرف فوقه أشباح الخوف والرعب من الفضيحة. أصبح عقله مشلولاً وجسده مسلوبَ الإرادة وكأنه يقف هناك يشاهد مشهد اغتصاب جسد ليس بجسده. يفقد القدرة على المقاومة. يقتحمه. يبكي –دون صوت– من الألم ومن الخوف. ينتهي الآخر. يتركه. ينهض.

الآن:

ينهض من مقعده متجها إلى آخر العربة –تلك المنطقة التي تقع بين العربات والتي لا يوجد فيها تكييف– حيث زادت حدة الرعشة في جسده ويخشى على قلبه من التوقف. يتمنى أن تتنقل تلك الحرارة الشديدة في تلك المنطقة لجسده.

قبل الآن بيوميْن:

يرن جرس الهاتف المحمول. إنه الآخر. يجيب عليه طالباً منه أن يبتعد عنه و أن يتركه في حاله وأن ينساه للأبد. يضحك الآخر. تتغير لهجته. يسقط القناع الذي كان يرتديه. يوافق على طلبه في مقابل أن يعطيه مبلغ 500 جنيه مقابل ابتعاده عنه وصمته وعدم إخبار أهله بأنه مثليّ الجنس. يغلق شادي الهاتف من دون أن يعلق على كلامه. يبكي. يتصل الآخر مرة ثانية وثالثة. لا يجيب عليه. يرسل الآخر له برسالة على الهاتف يهدده بأنه سوف يأتي لبيته الآن إذا لم يردّ عليه. يجيب على اتصاله. يُسمعه كلمات سباب وشتائم لم يسمعها قبل هذا كعقاب له لأنه أغلق الهاتف في وجهه. لا يجيب. يهدده إذا لم يحضر له النقود خلال يومين فسوف يأتي إليه مصطحباً مجموعة من أصدقائه ليمارسوا الجنس معه وإذا امتنع فسوف يقومون بفضحه أمام أهله والجيران. يغلق الهاتف تماماً وينهار وتنهار الدنيا من حوله.

الآن:

ما زال واقفاً هناك في منطقة اللاتكيف، وحيداً يبكي. يستعيد جسده الدفء قليلاً. يلج إلى حمام القطار يغسل وجهه بالماء. يخرج يقف قليلاً. يتأكد بأنه أصبح في حال أفضل. يفتح باب العربة ليعود لمقعده مرة أخرى.

يرنّ هاتفه المحمول. الآخر يتصل به. ينسحب الدفء من جسده مرة واحدة. يرتجف. يغضب من ذاته الضعيفة. يحاول التماسك رغماً عن الارتعاشة التي تملكته. يقاوم. يحاول تنفيذ الخطة المتفق عليها والتي نصحه صديق عزيز عليه –يعمل محاميًا– بتنفيذها مع هذا الآخر المجرم بعدما حكى له تفاصيل المشكلة الواقع بها. يتماسك. يرد عليه. يسأله الآخر عما اذا كان جهز النقود كي يخبره بالمكان الذي سيقابله به ليأخذها منه. يخبره بأنه لم يجهز شيئًا. يحاول أن يرسم القوة في صوته. لا يعبأ بمن حوله. يبدأ الآخر بالسباب والتهديد. يحاول أن يبدو غير مهتم. يحاول أن يقلب الموازين ضده في الوقت الذي كاد قلبه أن يقفز للخارج من قوة ضرباته في صدره. يخبره بأنه حكى الموضوع لصديق له “عقيد بالشرطة” والذي طلب منه أن يأتي إليه ليحرر له بلاغًا بسرقة النقود التي كانت بدرج المكتب أثناء زيارته له بالبيت منذ ثلاثة أيام.. وسيكون أيّ اتهام له وقتها بالشذوذ ما هو إلا وسيلة للدفاع عن النفس أو للانتقام منه. مجرد سباب يقال بين كل خصمين.

قال كل هذا الكلام وهو يكاد يتجمد من البرد والرعشة. لم يهتم بمن حوله وما هي انطباعاتهم عنه او ماذا فهموا من كلامه مع الآخر. المهم هو ردّ فعل الآخر الذي أغلق الهاتف دون تعليق من جانبه على ما قاله شادي.

يبكي بعد الانتهاء من المكالمة. يقوم مرة أخرى سريعاً نحو منطقة اللاتكييف باحثاً عن الدفء.




20 May 2010

سأرحل عن مدينتكم


سأرحل عن مدينتكم التى عشت بها سنوات كثيرة من حياتى .. مدينتكم التي لم أجد بها الإستقرار و لا الأمان .. فقط وجدت سراباً .. لهثت خلفه لسنوات معتقدا باننى سأصل إليه يوما و سأجد السعادة معه .. و لكن لم يحدث ذلك .

للحظات اعتقدت أن الله يقف ضدى .. لا يرضى لي أن أجد السعادة فى مدينتكم .. تحديته كثيراً .. طلبت منه أن يتركنى .. ابتعدت عنه .. دعوته أن أكون سعيدا حتى و ان كان هذا لا يرضيه .. و لكنه أبى ذلك .

تجارب عديدة – مريرة – عشتها بين ضواحى مدينتكم .. تركت بي جروحاً غائرة .. لم يستطع الزمان مداوتها و لا محو أثرها .. كانت التجربة الأخيرة هي الأقسى من كل النواحى .. فقد كانت التجربة الأكمل من وجهة نظرى على الأقل .. و لكن دائما كانت هناك حلقة مفقودة فى تلك التجربة .. بكيت كثيرا كثيرا بين يديه .. ليس ندماً على حماقات كثيرة ارتكبها كل منا .. ولكن حزناً على عدم اكتمال هذا الحب - رغم المحاولات الكثيرة - و على الفشل في العثور على تلك الحلقة المفقودة التي كانت ستجعل من العلاقة سلسلة مكتملة الحلقات .

فقد كانت الرغبة في الاستقرار و حلم الجمع بين حياتنا سويا لتصير حياة واحدة مشتركة من أهم سمات هذه العلاقة غير المكتملة .. و عندما فشلنا .. ذهب كل فى طريقه الذى ارتضاه .

بعد تلك التجربة .. عانيت كثيرا .. فترات طويلة من التفكير .. إلى أن قررت مغادرة مدينتكم .. ليس يأسا من أن أجد حب أخر ربما يفوق هذا الحب اكتمالا .. و لكن يقيناً من أنى حتى لو وجدت حب أخر فسوف يكون هناك حلقة مفقودة أخرى في موضع مختلف من سلسلة العلاقة .

لهذا قررت أن أرحل عن مدينتكم إلى مدينة آخرى .. مدينة سأنتقل إليها و أنا غريب .. لا أحمل زاد .. فقير .. ضعيف .. غير واثق من نجاحى بتلك المدينة الجديدة .. فقط معى الأمل و الرغبة فى ملاقات الدفء و الحنان و الإستقرار .. تمنوا لى الخير .



10 May 2010

قـــالوا لى


قال لى : " انت كالحمل و أنا كالنمر .. لن تستطيع انت ان ترتدي زيى النمر .. و لن أرضى أنا أن اكون حمل " .. و تركنى و اختفى للأبد .


قال لى آخر : " أنت حطام إنسان .. أردت أن أشيد منك بناءا شاهقا و لكنك أبيت ذلك .. أنت بلغت الثلاثون عاماً و ستبقى كما أنت .. مجرد حطام " .. و أحضر معوله ليشارك في الهدم .


قالت لى : " في يوم الفراشات و السمك و البيانو الجميل .. يوم احببتك .. تمنيت أن أكرهك " و ذهبت .


08 May 2010

الفيلم الوثائقي .. أنا مثلي


"جاءت الي ذات يوم وسألتني : ما هو أخطر شئ يمكن أن يحدث لانسان" هكذا بدأت منال حديثها و هى تروي لبي بي سي قصة شقيقتها روضة عندما أتت اليها لتصارحها بمثليتها.

والمثلية في العالم العربي ليست فقط شأنا خاصا. في المغرب تتداول الصحافة بين حين وأخر انباء مقتل ثري أوروبي على يد صديقه المغربي. اسرائيل تستقبل سنويا عددا من الفلسطينيين هربوا اليها من الاراضي الفلسطينية طالبين اللجوء. ومجتمعات الخليج المختلفة تتحدث عن "البويات" وخطرهن أو "خطرهم" . وفي مصر، يتقاطع الأمر مع السلطة بمفهومها الأمني و الطبقي.

"أنا مثلي" الوثائقي الجديد الذي تقدمه بي بي سي لتناقش من خلاله المسكوت عنه في ممارسة الأفراد لخياراتهم, وتطرح بي بي سي تساؤلات عن حدود الحرية الفردية والحقوق العامة.

تم تنفيذ الوثائقي في القدس وتل ابيب ومنطقة الخليج بالاضافة الى مصر والمغرب. ويحتوى على شهادات من أولئك الذين عاشوا ويعيشون بهوية جنسية مختلفة بالاضافة الى اسرهم و الاطراف المختلفة التي تتعامل معهم في المجتمع. ويعود الوثائقي بالذاكرة الى حادثة "كوين بوت" الشهيرة في مصر عندما ألقت السلطات القبض غلى أكثر من خمسين شخصا تم الحكم بسجن عدد كبير منهم.


أعد الفيلم الوثائقي عبد الرحمن الشيال وتقدم النقاش ليليان داوود
--------------------------------------
منقول .. BBC Arabic

01 April 2010

the secret


بعدما شاهدت فيلم ( السر ) الذي تدور فكرته حول قانون الإنجذاب .. و أن كل شيء يدخل حياة الإنسان هو نتاج ما يجذبه هو لحياته .. و أن رغبة الإنسان القوية في شيء ما تدفع الكون كله لتحقيق هذا الشيء .. إكتشفت حقيقة صعبة لم ألحظها من قبل ألا و هي أنني إنسان بدون أحلام أو رغبات أو أهداف .

أبحث داخلي عن أحلام أو أهداف أبثها من خلال رغبتي للكون كي تتحقق و تصير واقع و لكنني لم أجد شيء .. ربما السبب في ذلك يعود للإحباطات الكثيرة التي تعرضت لها أحلامي منذ الطفولة و استسلامي التام للظروف المحيطة بي .. إكتشفت أيضاً أنني لا أعرف أسباب سعادتي أو تلك الأشياء التي قد تجعل منى إنسان سعيد .. لكنني على علم تام بأسباب شقائي و تعاستي .

" المشكلة أن الناس دائماً يفكرون فيما لا يريدون .. و يتساءلون عن سبب ظهور الغير مرغوب به دوماً .. الكون يقول سنعطيك ما تركز عليه و ما تفكر فيه .. لا تركز على كل ما لا ترغب و ما تخشاه و تريد تجنبه .. و ركز في كل ما ترغب أن يحدث و تحلم به .. يجب ان تكون مدركاً لأفكارك و أن تختارها بعناية "

بدأت أفكر و أبحث عن أحلام و أهداف و أشياء أتمنى ان تحدث لي كي أصير إنسان سعيد .. أمنيات ابثها للكون من خلال رغبتي و من خلال مدونتي .. فكانت تلك هي أحلامي :

1 – بحلم ببيت أثري يكون مبني بتصميم قديم .. يحيط به حديقة بها الكثير من الأشجار .. و أعيش هناك مستقل بحياتي بعيداً عن الأسرة .. أو شقة في تلك العمارة التي أمر من أمامها كثيراً و يعجبني تصميمها .

2 – عاوز لاب توب علشان زهقت من الكمبيوتر .

3 – بتمنى أقابل الشخص المناسب اللي أحبه و يحبني و يعيش معايا في البيت اللي بحلم به .

4 – بحلم يكون معايا فلوس كفاية .. تخليني أعيش عيشة كريمة و أقدر أساعد ناس أعرفهم علشان أخلي حياتهم أحسن .

5 – بحلم يكون عندي مشروع ( بوك ستور) حاجة كده زي مكتبة ديوان .

6 – بحلم أن قصة إيساف تتعمل فيلم قصير .

7 – بحلم بأني أكتب رواية و تطبع في دار نشر الشروق و تحقق نجاح .




24 March 2010

يوم الحساب 2012

الخوف من أكثر المشاعر الإنسانية إيذاءاً للنفس البشرية .. حيث يفقد الانسان القدرة على التفكير أو التصرف بشكل سليم .. كان هذا هو الشعور المسيطر عليّ أثناء مشاهدتي للفيلم الأجنبي 2012 .. يجلس صغيري بجواري و يتسبب في سكب كوب الماء على المقعد .. أنهره و أعنفه بشدة و ألفظه خارج حجرتي .. في أوقات أخرى لا أعنفه على أخطاء أكبر من ذلك .. لا أعلم إن كان هذا لأنني لا أريده أن يشاركني مشاهدة الفيلم و هذا الشعور المؤلم الذي انتابني أثناء المشاهدة أم أنه إحساس الوحدة و الرعب الذي تملكني .

(فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيه * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) سورة عبس

أعتقد أن هول يوم القيامة سوف يكون كافي لتطيهر الأشقياء من ذنوبهم .. و أن من أهم الجزاءات التي سينالها الأتقياء هي تجنيبهم هذا الموقف المؤلم و المرعب .

يجسد الفيلم تلك التوقعات التي يتنبأ العلماء بحدوثها عام 2012 حيث تثور الشمس و يخرج منها ألسنه نارية تعمل على إرتفاع درجة حرارة باطن الأرض و من ثم تنصهر القشرة الأرضية التي يحيى عليها العالم .. يتكتم العلماء و الحكومات الخبر عن البشرية .. ليس الدافع هنا الخوف على مشاعر الناس و لكنه الخوف على مصالحهم و مخطاطهم بالفرار بأنفسهم في أفلاك يتم تصنيعها بالصين مجهزة لتتحمل هذا الدمار الشامل الذي سيحل بالكرة الأرضية .. هذه الأفلاك صنعت خصيصاً لحكام البلاد و أثرياء العالم فقط .

و بالفعل تنهار القشرة الأرضية في مشاهد مرعبة .. يندثر كل التراث الإنساني و تنهار المدن واحدة تلو الأخرى و تغطي الفيضانات - توسونامي - الكرة الأرضية و ينتهي العالم .

و يبدأ التقويم من جديد حيث يبدأ العالم من جديد عام 0001 و تختفي كل قارات العالم ما عدا قارة أفريقيا التي ترتفع آلاف الأمتار .. تتجه الأفلاك التي تحمل ما تبقى من البشرية نحو قارة أفريقيا التي يطلقون عليها اسم قارة الأمل .. و ينتهي الفيلم .

أنهض لأغسل وجهي .. أقف أمام المرآة الكبيرة المثبتة فوق الحوض .. منكس الرأس .. غير قادر على مواجهة نفسي و أنا أحمل مشاعر الخوف تلك .. أحمل داخلي نظرة مختلفة للعالم و الحياة .. كم هي تافهة تلك الحياة بكل ما بها .. أعرف أنه شعور مؤقت .. فالنسيان من أهم نعم الله على الإنسان .. أبحث عن صغيري .. أخذه بصدري .. ننخرط في حضن طويل .. حيث أبث الأمان داخلي من خلاله .. أعطيه حلواه المفضلة .. ترتسم الفرحة على وجه البرىء .. أقبله .. يخرج سعيداً .. أنظر له بعينين يملئهم الشفقة .. أتمنى أن يجد مكاناً له في الفلك .


19 March 2010

قلب و عينان .. بؤس و أحزان

قلب و عينان

الشاي الثقيل والسجائر المكدَّسة فوق صدري
تحتــفي بالأدخنة والانعدام

وفضلُ يشدو
( هوا يا هوا يا نسمة صيف رايحة تعدي على روحي وحبيبي)
وأنت نائمة جواري أطلُّ عليكِ من حين لآخر
لأطبع قبلتي فوق جبينكِ المبتلِّ
وأبتعد فورا كي لا تزعجك رائحة الدخان

أعرف أنك يا ملاكي لا تطيقين رائحته
أعدكِ أني سأتركُ التدخين قريبا لأجلكِ

لا ، لا تفيقي الآن
دعيني أستمتع أكثر بعينيكِ الجميلتين
المرسومتين بدقة وبراعة
أحبهما مستيقظتين ونائمتين أيضًا
أحبهما أكثر من أي شيء فيكِ

للحقِّ يا صغيرتي
أنتِ قلبٌ وعينانِ
قلبٌ ينبض حبًّا ينشر حنانا ودفئا
أما عيونك
فمصدرُ الرقة عيونك
ونبعُ الجمال عيونك
عيونك هذه تنبضُ بالشوق واللهفة

حضني الآن يبكي يستصرخ لألصقه بك
أحتاج لضمِّك كي أشعرك بالأمان أكثر
وأشعر أنا أكثر بعاطفة الأبوة نحوك
كم هو رائعٌ ذلك الشعور الأبويُّ
أن تكون لي طفلة جميلة مثلك
لا تنتظر من الدنيا إلــَّـاي



أيتها البريئةُ الصافيةُ
أحـبــُّــكِ


بؤس و أحزان


أنا والبؤس والأحزان
ثالوث ٌ
يواسي بعضُنا بعضًا
على الدنيا
على الضـِّــــحـْـــــكات
والشعرِ

فأغرق ُ في حنين القلب
للنسيانِ والبسمةْ
فلا أنسى ولا أبسِـمْ

فأنتِ اليومَ والأشعار
أعدائي من الدنيا
وأنتِ الذكرُ والتـــــــَّسبــيـــحُ
للشيطانِ في قلبي
وأنتِ محبـــــَّــةُ المــــجــهــــولِ
يا قِـــــيثـــارةَ البــُــؤسِ

لعنتُ الحبَّ والأحبابَ
من يأسي
لعنتُ القلبَ
حين يــَـهزني شوقي
إلى الذكرى

" أنا والحبُّ والطــــوفانُ ثالوثٌ "
من الأشجانِ
مَـنحوسٌ وملعونٌ ومنتظرُ

فلا المنحوسُ ذاقَ الحبْ
ولا الملعونُ يرحمُني
ولا الطــــُّــوفانُ يأتيني

يعودُ فلا يتوبُ عن الحنينِ
فتحملُه تفاعيلي بفلكِ الفكرِ والنجوى "
إلى أسوارِ حــِــرماني
وأنتِ بعيدةٌ شــــمَّـــــاءُ تنتظرينَ ألحاني
وأشجاني
وأشعاري

و يــبــكي الناسُ من حولي
و أبكيني
و أبكي قسوةَ الجلادِ في عينيكِ
يا عُـــمري

إنه الحبُّ ذاكَ العذاب المدنس
بالعشقِ والكفرِ
هذا الطريقُ اللعينُ
إلى النارِ و التعبِ المستديمْ

أيها الطوفانُ غـــــُــــرْ
قد فقدتُ الأملْ
غـــــُــــرْ فلا أنتظرْ
منكَ غيرَ الســـَّـــأَمْ

سوف لن أنتقمْ
سوف أبكي النــــــِّــــقــَــمْ
سوف أبكي الزمنْ
سوف أحكي العـِـــبــَـــرْ
عن هَـــواكِ الصـَّــقــَــر


*****
أشعار .. أحمد سعيد



06 February 2010

كلـمة أم لباقي البشر


تنويه .. هذه القصة حدثت بالفعل
" المثلية الجنسية خطيئة كبري و ذنب لا يغتفر .. المثليون جنسياً ملعونون و سيخلدون في الجحيم .. اذا أراد المثليون أن يتغيروا ، فلابد لهم أن يحرقوا طريقتهم في الحياة .. اذا ابتعد المثليون عن طريق الغواية ، فمن الممكن أن يعودوا طبيعيون مرة أخرى فقط اذا حاولوا و حاولوا بجد "

كانت تلك هي الكلمات التي قلتها لإبنى بوبي عندما اكتشفت انه مثلي الجنس .

عندما أخبرني بوبي أنه مثلي الجنس تحطم عالمي .

فعلت كل الأشياء التي من الممكن أن تساعده على التخلص من هذا المرض اللعين .

و لكن ..

منذ ثمانية أشهر ..

ألقى بوبي بنفسه من فوق كبري و انتحر .


أشعر الآن بالخزي و الأسف الشديدين بسبب جهلي بخصوص المثليين جنسياً .. اكتشفت أن كل ما علمته عنهم كان تعصب أعمى يفتقر لكل المشاعر الإنسانية .

لو كنت بحثت خلف ما قد أخبرت به .. لو كنت انصت لإبني عندما جاء إلي بقلبه الممزق ليخبرني عن آلامه و مشكلته .. لو كنت فعلت ذلك ما كنت واقفة هنا اليوم يملؤني الندم .

أعتقد أن الله كان مسرور بطيبة بوبي و روحه السمحة .. فالحب و الطيبة هى كل ما يريدها الله من البشر .

لم أكن أعلم كل هذا عندما كنت أُسمع بوبي كلمات اللعنة الأبدية للمثليين جنسياً .. في كل مرة كنت أشير إلي بوبي على أنه مريض و مفسد للمجتمع و قيمه و أنه خطر على الأطفال .. في كل مرة كنت أفعل ذلك كان يفقد هو إحترامه لذاته .. و إحساسه بالتقدير الذاتي كان يُدمر .

و في النهاية  كانت روحه تتحطم خلف ما يسمى بالإصلاح أو التغيير .


لم تكن مشيئة الرب هى التي دفعت بوبي ليصعد فوق سور أحد الكباري ليلقي بنفسه في ممر عربات الطريق السريع حيث شاحنه ذات 18 عجلة تمر فوق جسده فتقتله فوراً .. نعم .. لم تكن مشيئة الرب .

كان موت بوبي نتيجة حتمية مباشرة لجهل والديه و خوفهم من كلمة مثلي الجنس .

كان بوبي يحلم بأن يصبح كاتب .. و لكن ..

لم يكن من العدالة أن تسرق منه أحلامه و آماله و لكنها سرقت منه بالفعل .


أيها السادة .. هناك الكثير من الأطفال و الشباب مثل بوبي يعيشون حولكم و معكم في كل مكان .. ربما لا تعرفونهم .. و لكنهم ينصتون إليكم و أنتم تقولون " لا للمثلية الجنسية " تلك الجملة التي ستقولوها كنتيجة لكرهكم و جهلكم لمعني المثلية الجنسية .. و لكن أعلموا أن قولكم هذا سوف يخرس صلواتهم و دعواتهم للرب حيث يدعونه طالبين التفهم و القبول و الحب منكم .

لذلك ..
قبل أن تقولوا " لا للمثلية الجنسية "

يجب عليكم أن تفكروا ..

فكروا و تذكروا ..

أن هناك من يسمعكم و يتألم .


و إلي كل الأولاد و البنات المثليين جنسياً :

أقول لكم كلماتي هذه كما لو كنت أتحدث لأبنائي :

من فضلكم لا تفقدوا الأمل في الحياة و لا في أنفسكم .. أنتم مميزون جداً .. أنا هنا أعمل من أجلكم كي أجعل هذا العالم مكان آمن و أفصل لكم لتعيشوا سعداء .. عدوني أنكم لن تستسلموا كما استسلم بوبي .. عدوني انكم سوف لا تفقدون الأمل .

أدعوا الله أن يحفظكم .

============
هذا الحوار مأخوذ من فيلم " Prayers for Bobby " من قصة حقيقية حدثت بالفعل .


05 February 2010

الدميتين



هناك فوق تلال القلب الخضراء
سأحفر حفرتين
و سأصنع شاهدين
مكتوب فوق الأول
" يرقد هنا جثمان أكثر انسان أحببته في العالم "

و سأكتب فوق الشاهد الأخر :
" يرقد هنا جثمان أكثر انسان أحبني في العالم "

و سأصنع لكل منهما دمية
و سأدفنها هناك في الحفرة المخصصة لها

ربما أستطيع بعدها أن أواصل الحياة
بعيداً عنهم
بعد التخلص من ذكرياتي معهم

و إن لم أستطع
سأحفر الحفرة الثالثة بينهم
و سأضع بها قلبي.

==========




28 January 2010

المجنون الصامت عن الكلام


أغلق الكتاب الذي بيدي .. لم تنجح محاولاتي في متابعة القراءة به .. أشعر بدوار .. ربما لأنني لم أتناول الفطور بعد .. أحاول التماسك حتى الوصول للبيت .. أسند رأسي على النافذة التي بجواري .. مقاعد تلك العربة قصيرة و ضيقة و غير مريحة .. لم تتحرك العربة بعد في انتظار إكتمال مقاعدها بالركاب .. نسيت أن اليوم عطلة رسمية .. فخرجت للعمل مبكراً و ها أنا عائد للبيت مرة أخرى .

أشغل نفسي بمراقبة الأخرين السائرين في الشارع في هذا الجو البارد .. تأتي من بعيد بخطوات سريعة تلتفت حولها يميناً و شمالاً ترتسم على وجهها إبتسامة غير موجه لأحد .. مشيتها ووجهها أقرب للرجال منها للنساء .. سرعتها في المشي لا تتناسب مطلقاً مع سنها الذي رسم خطوطه العريضة على وجهها المجعد .. تتحدث مع شخص أعتقد أنه التابع و بقفزات سريعة تدخل العربة .. رثة الثياب .. أتمنى ألا تجلس بجواري .. يبدو أنها سمعت أمنيتي فحققتها لي بشكل معاكس .. ألقت بنفسها على المقعد المجاور لي .. و أخذت تحدق بي .. لم أنظر إليها .. ربما أرادت أن تخرج لي لسانها عقاباً لي على أمنيتي السخيفة .

كانت دائمة الحركة .. غير مستقرة في جلستها .. يبدو أنها تحاول لفت إنتباهي .. أتجاهلها .. تفقد الأمل في ذلك .. فبدأت تلتفت حولها للفت انتباه الأخرين .

- أين السائق ؟ لقد أكتملت العربة .

هكذا صاح أحد الركاب .. تكرر العجوز تلك الجملة مرة أخري بصوتها الحاد المزعج .. يدخل السائق العربة على وجهه علامات الغضب .. يخرج من فمه أصوات غير مفهومة أعاق خروجها ذلك الطعام الذي يلوكه بين فكيه و الذي أزاده بما بقى في يده من طعام .. تنشب مشادة كلامية بين السائق و تابعه الذي قطع عليه لحظات استمتاعه بتناول الفطور .. تقف العجوز ملوحه بيديها لهم معربه عن استيائها من هذا الشجار و لكن أدائها كان مسرحي ساخر مثير للضحك .. لم يعبأ بها لا السائق و لا تابعه و لم يتدخل غيرها من الركاب .. تميل نحوي طالبه منى التدخل حيث أنهم سيخجلون مني .. أبتسم تعليقاً على كلامها دون النظر إليها حيث لم أكن قادراُ على الكلام .

يرتفع صوت محرك العربة معلناً نهاية الشجار و بداية الرحلة .. و بداية إرسال برنامج من الحياة الذي ستقدمه السيدة العجوز من المقعد المجاور لي .. يبدو أن رغبتها في الكلام كانت جامحة حيث أنطلقت تحكي قصة حياتها و مغامرتها الغير مترابطة و التي كانت تستقي بدايتها من أشياء حولها قد تذكرها بحكاية أو موقف حدث لها في الماضي .

لم أكن أنصت لها بوعي كامل و أعتقد أنها أيضا لم تكن تتحدث لي وحدي .. صوتها - على الرغم من ارتفاعه - لم يصل لي بشكل قوي .. يبدو أن ارسالها كان مشوش .. لم أعرف من أين بدأت الحكاية و لكنها بدأت و لم تتوقف .

أول ما لفت انتباهي في كلامها هي حكايتها مع أرغفة العيش التي سرقتها و تلك السنوات الثلاث التي سُجنتها .. يبدو أن الباعث على هذه الذكري ذلك الفرن الذي مرت العربة من أمامه و طابور البشر الطويل أمام الفرن .. تنتقل لحكاية أختها و ابنها الذي جُرح في أذنه و رفض أختها بالسماح لها بحمل إبنها و الشجار الدائم بين اختها مع زوجها .. لا أعرف الباعث خلف تلك الحكاية .. ثم تحكي عن مطاردة كانت هي بطلتها و تسلقها لأسوار و قفزها من فوق أسطح .

أتسائل هل يدرك الانسان عندما يصاب بالجنون أنه مجنون ؟ ماذا يكون رد فعله عندما يدرك ذلك ؟ أعتقد أن عدم إدراكه رحمه له .. أتذكر الكاتبة الرائعة " فرجينيا وولف " و قصة انتحارها عندما شعرت أنها مقبلة على مرحلة الجنون فأنهت حياتها في النهر المجاور لبيتها الريفي بعد أن ملأت جيوب معطفها بالحجارة .. فعلت ذلك حتى لا تفسد حياة زوجها الذي أحبته و الذي ساندها كثيراً طول مشوار حياتهم .

أعود مرة أخري للعجوز .. أجدها تحكي عن مسحها سلالم أحد البيوت مقابل عشرة جنيهات .

ما هي الاسباب التي تدفع بالانسان للجنون ؟ هل الخوف ؟ هل الحزن ؟ هل الوحدة ؟ اعتقد ان كل هذه الاسباب قد تؤدي إلي الاكتئاب و الاكتئاب قد يؤدي إلي الجنون .. كل هذه الأشياء متوفرة لدي الآن و أشعر بها .. هل ممكن أن أصاب بالجنون ؟ ربما .. هل سأكون ثرثاراً مثل تلك العجوز ؟ أعتقد لا .. فأنا أقرب للصمت كثيراً .. المجنون الصامت عن الكلام .. أعتقد أن هذا أفضل كثيراً من الثرثرة .

تنخذني العجوز بذراعي .. ألتفت إليها .. تشير بذراعها نحو بعض الجنود الواقفين أمام أحدي المصالح الحكومية لحراستها .. تصيح بفرحة غامرة ها هي الحكومة تنظر لنا .. تنهض سريعاً من مكانها تستوقف السائق كي تنزل هنا .. تصيح بأنها ستخبر الحكومة بأنها فقيرة ليس لديها طعام .. تكمل بأنها واثقة بأن الحكومة سوف تطعمها .. بقفزات سريعة نزلت من العربة .. أنظر حولي أجد كل العيون تنظر لها .. لا أحد يبتسم و لا أحد حزين .. كل الوجوه خالية من كل التعبيرات .

أسند رأسي مرة ثانية على النافذة .. أفكر فيّ و في المجنون الصامت عن الكلام .






15 January 2010

لا طاقة عندي لذلك



مُعلق أنا بحبال الوحدة .. موثوقة قدماي بحبال الذكريات .. لا أرض أستطيع الوقوف عليها .. و لا شيء أستطيع أن أتشبث به .. في الفراغ وحدي أحاول النجاة .. أعبث في عقلي و قلبي علّني أجد شيئاً أو فكرة تنقذني .. لكن دون جدوى .. لا شيء هناك .. يبدو أن كل الأشياء سقطت مني هناك في الفراغ .

***

أكره البدايات الجديدة .. أكره أن أحكي الحكاية من البداية .. لا طاقة لي لذلك .. أعرف أنني أترك إنطباعات سيئة عند الأخرين .. لا طاقة عندي للتجمل .. أعرف أنهم معذورين في ذلك .. أتسأل هل هناك من يستطيع أن يقبل إنسان غير قادر على الكلام ؟ .. هل هناك من يستطيع أن يفهمنى بدون كلام ؟ .. لا طاقة عندي للكلام .. أعتقد أن هذا هو السبب الأكبر لوجود هذه المدونة .. هل هناك من لا يطالبني بتفسير كل الأفعال ؟ .. لا طاقة عندي لتفسير كل الأفعال .. هل هناك من لا يضعني في موضع إتهام و يجبرني على إرتداء روب الدفاع ؟ .. لا طاقة عندي للدفاع .

***

هل لابد أن أكون مثلهم كي أعيش ؟ هل لابد أن أحصل على رخصة كي أكون داعر بحكم القانون لا يجروء أحد على المساس بشرفي .. هكذا وجدت الكثيرين منهم يحملون هذه الرخصة حيث لا يعانون و لا يفكرون و لا يحبون فقط ينامون مع من يشأون .

" تزوج و إفعل ما تشاء .. هذه هي الرخصة .. أمام الناس تكون رجل و هناك نم مع كل من تشاء ".

سحقاً لهذه الرجولة الزائفة .. سحقاً لهذا المجتمع الزائف .. سحقاً لهذه الشخصيات الداعرة .. سحقاً لكل المتزوجين من الرجال الممارسين الدعارة المغايرة أو المثلية في الخفاء ..حيث الحياة بستان و هم الفراشات ، لهم الحق في امتصاص رحيق كل الأزهار .. المتظاهرين أمام الناس و أمام زوجاتهم بالتقوى و العفة و الصلاح .. رافعين رايات التدين و الحفاظ على العادات المجتمعية .. حيث تجدهم أوائل المنددين بالحب و الارتباط المثلي .






12 January 2010

العنكبوت .. قصة قصيرة


" اقتربي منى يا حبيبتي .. فهذا البيت الحريري صنعته من أجلك .. لكِ وحدكِ دون منازع .. سأجعلك أميرة و ربة هذا البيت .. سأحبك حباً لم و لن تجديه مع غيري .. فأنا لست مثل باقي من عشقتيهم ." قال لها تلك الكلمات بنعومة بالغة .

تنساق الفراشة مغيبة الوعى خلفه .. يجرها بخيط رفيع جداً ناعم الملمس و خيط أخر غير مرئي يخرج مع كلماته الساحرة حتى وصلا الإثنان لبيته الحريري .. تلقي نفسها داخل البيت .. يرفرف جناحيها من السعادة .

" أخرجي يا مجنونة .. ماذا تفعلين .. ألا تبصرين أين أنتِ ؟ " هكذا صاحت صديقاتها و لكنها أجابت عليهم " نعم أري البيت الحريري الناعم .. أنه يحبني .. يمطرني بكلمات الحب و العشق التى حُرمت منها . "

يقرب منها يأخذها بين أذرعه الثمانية يلفها بخيوط من حرير .. تزداد فرحتها و يقترب من جسدها تشعر بوخزة طفيفة يتبعها إحساس بالخدر يسري بجسدها .. تتقزز من شكل أذرعه الثمانية .. و لكنها تتغاضى عن هذا .. تغمض عينها عنه محاولة الاستمتاع بما لديها من مشاعر .

تصرخ صديقاتها " ألا تفهمين ما يحدث لك .. إنك مُقيدة .. لستِ حرة .. أنتِ واهمة بالسعادة " تجيب الفراشة " نعم لست قادرة على تحريك زراعي .. أشعر أيضا بلزوجة من حولي و لكن .. و لكنه يحبني ."

يصيح بها العنكبوت " ابتعدي عن هؤلاء الأشرار أنهم حاقدون عليكي يغيرون منك .. إهتمامكِ بهم يُنقص إهتمامكِ بي و أنا لا أريد أن ينشغل عقلك بغيري " تجيب عليه حائرة " إنهم أصدقائي و لو ابتعدت عنهم سأصير وحيدة و ستكون الحياة صعبة "
يقترب منها يضمها إليه يعيد نسج خيوطه حولها " أنتِ أميرتي الوحيدة في بيتي الحريري .. اذا أردتي أن تتحدثي فلتتحدثي معي أنا فأنا كل شيء لكِ و أنت كل شيء لي " تجيب متسائلة " و لكن لديك الكثير من الأصدقاء لماذا إذا تريد أن تجعلني وحيدة ؟ " يجيبها بحدة "أصدقائي ليسوا مثل أصدقائك " و يقترب منها أكثر و تغمض الفراشة عيناها و تشعر بالوخز و لكنها لا تتمرد .. فقط تتلوى بين أذرعه الثمانية .

و تمر الأيام .. و تذبل الفراشة و تصاب بالوهن و الحزن و الإكتئاب و الوحدة القاتلة .. لم يعد هناك أصدقاء لها .. لم يعد هذا البيت الحريري مكان للراحة كما كانت تتخيل في البداية .. أصبح تعامله معها سيء جداً و كثيراُ ما أهانها و جرحها بكلماته و لكنها كانت تصفح و تنسى و تسامح .. و يعيد نسج خيوطه من حولها من جديد .. و لكنها سأمت كل هذا حتى أنها لم تعد تشعر بالسعادة في كل مرة ينسج خيوطه من حولها .. حتى قررت أن تقطع تلك الخيوط الحريرية و تخرج من هذا البيت .. و جدت صعوبة في البداية و لكنها فعلت .

لم تستطع الطيران بعد خروجها من البيت كسابق عهدها .. فقد وهن جناحاها و لم يستطيعا أن يحملاها لتحلق في الهواء .. إكتشفت أنها لم تخرج من هذا البيت سليمة .. بل يملأها الكثير و الكثير من الجروح .. و رغم كل هذا إلا أنها لم تستطع الصمود بعيداً عنه لفترة طويلة .. وجدت الحنين يجرفها مرة ثانية له و لبيته الحريري .. قررت أن تعود مرة ثانية إليه .

من بعيد تمشي نحو البيت الحريري تجر آلامها ووهنها .. ترفع رأسها لتنظر للبيت الذي نامت به شهوراً طويلة .. و كانت المفاجأة التي صدمتها و شلتها عن الحركة حيث وجدت فراشات كثيرة هناك ملفوفات بالحرير نائمات معلقات غائبات عن الوعي مثلما كانت هي هناك .. سابحات في الإحساس الزائف باللذة و النشوة و الخدر .. و وجدته هناك .. يلف إحداهن بأذرعه الثمانية يقص عليها تلك الكلمات التي كان يقولها لها دائماً " اقتربي منى يا حبيبتي .. فهذا البيت الحريري صنعته من أجلك .. لكِ وحدكِ دون منازع .. سأجعلك أميرة و ربة هذا البيت .. سأحبك حباً لم و لن تجديه مع غيري .. فأنا لست مثل باقي من عشقتيهم ."