08 April 2011

الجهل و التخلف و الثورة المصرية


في كتابه ( نحو ثورة في الفكر الديني ) أوضح الدكتور محمد النويهي أهم أسباب فشل ثورة 52 في تحقيق أهدافها و التي تتشابه لحد كبير مع أهداف ثورتنا الحالية – ثورة 25 يناير – و التي نادت بالقضاء على الفساد و المحسوبية و توفير عدالة إجتماعية لكافة المواطنين المصريين .. تلك المطالب التي لم تتحقق منذ ثورة 52 و ما زلنا نطالب بها حتى عصرنا هذا .. يري الدكتور محمد النويهي أن الجهل و التخلف  هما السبب الرئيسي وراء هذا الفشل في تحقيق نهضة هذه البلد .

و يري النويهي أن الثورة جاءت في المجال السياسي و الاقتصادي و لم يواكبها ثورة ثقافية للمجتمع .. و قد أدى هذا الجمود الفكري الثقافي للشعب إلى عرقلة هذا التقدم السياسي و الاقتصادي و بالتالي فقد وقف التخلف في وجه التقدم في المجاليين السياسي و الاقتصادي و من ثم فقد أجهضت أهداف الثورة .

و قد حمل النويهي هذا الاخفاق في تحقيق ثورة ثقافية على عاتق المثقفين المصريين و العرب .. و أنهم كان من واجبهم أن يتكلموا و يواجهوا هذا التخلف و الرجعية التي يعانى منها مجتمعاتهم و أنهم المسئول الأول عن هذا .. بالطبع لم يحملهم النويهي وحدهم المسئولية كاملة .. فقد حمل الحكومة جزءاً من المسئولية .. لأنهم تخاذلوا عن دورهم في توفير مناخ حر للتعبير يسمح للمفكرين بنشر فكرهم و ثقافتهم بحرية .. بل عاني المثقفون من القهر و العقاب و من تخاذل الحكومات عن توفير حرية التعبير و حمايتهم من أعداء التقدم و من مستفيدي الرجعية و التخلف .

و مع مرور الوقت و وجود الحكومات الفاسدة و التى كانت المستفيد الأول من تخلف شعوبها .. بل و ساهمت بشكل كبير في نشر هذا التخلف الثقافي بين ربوع الوطن .. و تهميش الدور السياسي لكافة طوائف الشعب .. مستخدمة العنف و القهر تارة و تشويه المثقفين و تهديدهم تارة .. و تهميش المبدعين و المثقفين .. و رفع مكانة التافهين و المغالاة في رفع أصواتهم .. و تشتيت انتباه الشعوب بمشكلات طائفية .. و تدمير العملية التعليمية لخلق أجيال كاملة تعاني من الأمية الثقافية .. حتى وصلت نسبة الأمية الثقافية للمجتمع المصري 95 % كل هذا حتى لا يكون هناك منازع لهم على السلطة و لا مقاومة لفسادهم .

و انتشرت ثقافة " الإشاعة " تلك الثقافة السمعية الشفاهية و التي حظر من خطورتها الدكتور جابر عصفور في كتابة " نقد ثقافة التخلف " تلك التى تتسم بالنزعات التي تقترن بالميل إلى التصديق دون تمحيص و شيوع كثير من الأكاذيب التى يلتبس فيها الحق بالباطل و يستبدل التعصب بالتسامح .

و هذا ما رأيناه في تجربة الإستفتاء الأخيرة التى أجريت على التعديلات الدستورية مؤخراً .. فقد صعقت مما قامت به الجماعات الإسلامية من لعب بعقول البسطاء – و البسطاء هنا تشمل المتعلمين عديمي الثقافة و الأميين – حيث ربطوا بين الموافقة على التعديلات بالدين .. رافعين شعارات ( نعم مع الله ) و ( نعم للدين ) و ( نعم تعنى الاستقرار ) .. و قالوا أيضا أن ( لا تعنى أمريكا و اسرائيل و البلطجة ) .. و بالتأكيد كلنا شاهدنا خطبة الشيخ محمد حسين يعقوب تعليقا على نتيجة الإستفتاء و الذي وصفها بأنها غزوة الصناديق .. و الغريب أن نتيجة الإستفتاء جاءت صادمة – صادمة لي على الأقل – فقد كانت نعم ( 14 ) مليون و لا ( 4 ) مليون .. و هذا يعني أن تقريبا 5 % من الشعب لم يوافقوا على تلك التعديلات و أعتقد أن هذه النسبة البسيطة هم مثقفي هذه البلد .

خلاصة القول : أعتقد أن العدو الأول لثورة 25 يناير هو الجهل و التخلف الذي انتشر في هذا المجتمع مثلما انتشر الفساد .. حيث الجهل هو المناخ المناسب و التربة الصالحة لنمو الفساد .. فهل لنا أن نتخلص من هذا الجهل و التخلف و نخلق مناخ صحي صالح لتحقيق المساواة و العدالة الإجتماعية في هذا الوطن ؟و ان تحقق هذه الثورة كل أهدافها !!!



No comments:

Post a Comment

اشكرك على إهتمامك وتعليقك .. والإختلاف في وجهات النظر شئ مقبولة ما دام بشكل محترم ومتحضر .. واعلم أن تعليقك يعبر عنك وعن شخصيتك .. فكل إناء بما فيه ينضح .