كلنا نعلم أن أي مصطلح علمي ينتهي بكلمة فوبيا فهو يعنى الخوف من شىء ما . و لا يقصد به الخوف الطبيعي و لكنه الخوف المرضي مثل الخوف من الظلام أو من المرتفعات .. إلخ .
اذا ما معني هوموفوبيا ؟؟؟ الهوموفوبيا تعني رهاب المثلية أو الخوف الغير مبرر للمثليين أو الكراهية اللا عقلانية للمثليين بدون أسباب ارتكبها المثليين في حق هذا الشخص المصاب بالهوموفوبيا .
و بالطبع فالمجتمعات الشرقية و القليل من المجتمعات الغربية لديها الهوموفوبيا و قد يرجع البعض السبب وراء هذا المرض إلى تقاليد المجتمع أو رأي الدين في المثلية .
و لكن هل فكرت قبل هذا بالفرق بين رد فعلك تجاه المثلية كذنب او كمعصية مقارنتة بالذنوب و المعاصي الأخرى التي قد تتساوي معها او تفوقها ؟
دعني افترض معك موقفا .. فلنتفترض أن هناك شاب يجلس معك في مكان ما . أو صديق أو انسان تعرفه قبل هذا اللقاء و بطريقة ما سواء بالكلام او بالايحاء او التلامس او حتي التحرش
او عن طريق اظهار حبه لك او ان يقولك لك انه معجب بك او يحبك .. دعنا نفترض الأسواء .. و نقول انه دعاك لممارسة الجنس معه أو بعيداً عن كل ذلك و أنه أراد فقط ان يعترف لك باختلافه و انه مثلي الجنس . ماذا سيكون رد فعلك تجاه هذا الإنسان ؟
بالطبع ستختلف ردود الأفعال بإختلاف شخصيتنا . ربما رد فعلك سيكون الضرب مثلا او السباب او الاحتقار . أو أن تبتعد عنه و لا تقبله صديق أو أن تهدده بانك ستخبر أصدقاءك عنه
أو انك سوف تخبر اسرته و تفضحه أمام الأخرين . أو أن تأخذ دور الواعظ الذي ينصحه بالإبتعاد عما يفعله و أن يتوقف عن هذا الفعل غير المقبول
او ... او .... او ..... ردود افعال كثيرة و مختلفة قد تقوم بها بعد هذا اللقاء أو الاعتراف من جهة الشخص المثلي .
إلا رد فعل واحد نادر الحدوث : و هو أن تواجهه بهدوء و تقول له " انا لست مثلي الجنس و لا احب معاشرة الرجال و لكني غير مستاء من كونك مثلي و أتمنى أن تجد من تحبه و يحبك "
هل ممكن هذا ان يحدث ؟
هل ممكن ان يكون ذلك رد فعلك ؟
كل ردود الافعال سابقة الذكر ما عدا طبعا رد الفعل نادر الحدوث تفيد بأننا نعاني من الهوموفوبيا .
و لكن لدي سؤال : ما هو الدافع خلف تلك الهوموفوبيا التي قد نعاني منها ؟ هل هو الدين ؟ هل هي التقاليد ؟ ام ربما تكون ردود أفعالنا تلك عبارة عن ميكانزم دفاع أو طريقة غير ارادية منا لكي نثبت لأنفسنا اننا رجال و اننا لسنا مثليين و لسنا مثل المثليين و أن من يعجب بنا هم النساء فقط و المفروض ألا يفتن بنا الرجال الأخرين .
ربما عندما أضرب أو أسب أو أفضح شخص مثلي فإن هذا يثبت لى و للأخرين اننى رجل مكتمل الرجولة و اننى لا أعاني و لا اشبه ذلك المثلي .
و لكن هل الهوموفوبيا مرض خاص بغير المثليين ؟؟؟
الغريب ان كثير من المثليين يعانون منه أيضا و في تلك الحالة يسمي رهاب المثلية الباطني و تعني عدم الإرتياح الشخصي للأشخاص المثليين تجاه أنفسهم و قد يصل الموضوع لمرحلة كره المثلي لنفسه ، و بالطبع يسبب هذا الرهاب الباطني صراع داخلي عند الشخص المثلي . هذا الصراع الدائر بين المعتقدات الدينية و الإجتماعية و بين الإرادة العاطفية للشخص المثلي و يؤدي هذا الاكتئاب في بعض الحالات إلى الإنتحار .
و بالفعل فقد عانيت كتير جداً من هذا الصراع الداخلي و الإنشطار بين نفسي و بين المجتمع .. على الرغم من اني لست سعيداً بكوني مثلي إلا اننى الآن أحسن حالاً من الماضي وقد بدأت اتقبل نفسي كما أنا .
اعتقد اننا ندرك الآن مدى انتشار هذا المرض سواء عند المثليين او المغاييرين . اذا ما هو العلاج أو كيف نتخلص من هذا الخوف أو الهوموفوبيا تجاه المثليين ؟؟
قد يلجأ الكثير من المثليين عندما يعاني صراع نفسي إلى حل مؤقت و هو العفة الجنسية . أي ان لا يمارس المثلي الجنس أو يحاول ان يبتعد و أن يكف عن كونه مثلي سواء عن طريق التدين أو اللجوء الى طبيب نفسي يري انه يُمكنه من أن يتحول أو يطوع ذلك الإعوجاج العاطفي للمثلي ليصير مغايير .
و قد اختلف علماء النفس حول موقفهم من المثلية الجنسية : منهم من يرى ان التوجه الجنسي غير قابل للتطويع و الأخرون يرون انه قابل للتطويع و التغير .
و يري علماء النفس الغربيين ان العلاج الأمثل هو القضاء على الصراعات الداخلية للإنسان المثلي و بالطبع التخلص من رهاب المثلية الباطني و ان يتقبل الانسان المثلي نفسه كما هو دون بحث عن سبل للتغير - الغير ممكن من وجهة نظرهم - و هذا ما يفعله اطباء العلاج النفسي في الخارج و القليل هنا في مصر .
أما لعلاج الهوموفوبيا للاشخاص الغير مثليين : فلن أتحدث في هذا الموضوع و لكن عليك انت أن تفكر في الموضوع . و أن تتاكد ان المثلي هو أيضا انسان له الحق في الحياة و الحب و العشق و الجنس . مع من يفعل هذا ليس هذا هو المهم . فالناس لا تتقابل في حجرات النوم .. و ما يحدث فيها من أسرارنا الشخصية و التي من المفترض انها لا تهم سوي الشخص نفسه و من يعاشره سواء كان رجل او امرأة .
فكلنا بشر ..