استقل العربة عائداً لبيته .. جلس في المقعد الأخير كالعادة بجوار الشباك .. كان ذلك بعدما خرج مع أحد الأصدقاء لشراء بعد الأشياء لهذا الصديق . يشعر بالضيق و الأختناق من ارتفاع درجة الحرارة فما زالت العربة واقفة لم تتحرك منتظرة امتلاؤها بالركاب .. لم يعبأ بالضجيج المحيط به و لكنه بدأ في اغلاق عينيه و استنشاق أكبر قدر من الهواء الذي بدأ يهب مخترقاً الشباك ومن ثم بدأ في استعادة توازنه و هدوءه نتيجة استنشاق الهواء البارد الذي خفف من درجة الحرارة .
أخذ يتامل البشر من حوله ، من بين الواقفين في ممر العربة كان هناك شاب يرتدي قميص بأكمام به خطوط طولية و بنطلون جينز و كاب ، يتمتع الشاب ببناء جسدي جيد ، لم ينجذب للشاب جسدياً ولكنه فقط كان يتأمله . لم يستمر في تأمله كثيراً حيث اتجه بنظره في اتجاه أخر بعيد عن الشاب و بدأ يتذكر منذ قليل حينما دخل و صديقه احدى محلات الملابس و التي اعجب صديقه بقميص معروض لا يوجد منه في المحل غير تلك القطعة التي يرتديها المانيكان الواقف في مدخل المحل .. قام البائع بتعريه المانيكان و خلع القميص عنه و اعطاه للصديق الذي دخل حجرة البروفة ليجرب القميص .
وقف هو هناك في مواجهة المانيكان النصف عاري .. يتأمل التمثال .. اعجبه دقة تفاصيل جسد هذا المانيكان ، تمنى ان يمد يده ليلمس تلك العظمتين البارزتين اسفل الرقبة و اعلى القفص الصدري ، تمني ان يلمس عضلات صدر هذا التمثال ليس شهوة و انما ليكتشف الفرق بينها و بين اجساد البشر الأحياء .. لكنه لم يفعل .. تذكر تلك القصيدة التي كتبها في الماضي عندما احب شخص ما و لكنه كان يخشي الإعتراف له بالحب لذلك كتب له تلك الكلمات :
" أتمنى ان اصنع لك تمثالاً
لا اخشى منه الرفض
لا أنشد منه إلا الحب .
أتمنى ان اصنع لك تمثالاً
او ان اصبح فارس احلامك
لا اخشى منك الرفض
لا انشد منك إلا الحب . "
تذكر تلك الأبيات و بدأ يفكر .. في الماضي كان يريد التمثال لانه يخشي الواقع و لكنه الآن يتمنى التمثال لانه كره الواقع .. هل حقاً يستطيع ان يعشق تمثال ؟ سؤال راود عقله . و لكن ما المانع ما دام هذا التمثال لن يكذب عليه .. لن يخدعه .. لن يهجره .. لن يرفضه .. ما هذا ؟ هل أصابه الجنون ؟ قاطع تفكيره صوت صديقه الذي خرج من البروفة مرتدياً القميص قائلا له :
- أيه رأيك يا كريم ؟
يصل الهواء محملاً برائحة دخان شيشة التفاح ، يستنشق الهواء البارد المعطر برائحة الشيشة مستمتعاً .. كم يحب تلك الرائحة .. فقط الرائحة لأنه لا يشرب الشيشة و لا أي نوع من الدخان .. تنطلق ذكرى اخرى في عقله .. من يومين حينما ذهب إلي الكافتريا لمقابلة شخص ما تعرف عليه من خلال النت ، كان هذا الشخص يتحدث معه كثيرا على التشات ، و كان يسمعه أحلى كلمات الحب و العشق مثل " انني خلقت فقط لأسعدك .. أنا مستحيل ابعد عنك .. انا اتخلقت علشان اكون جنبك " إلى اخر تلك الكلمات . طلب منه كريم التوقف عن التعبير عن مشاعره تلك حتى يتقابلا في الواقع لانه ليس هناك حب قبل اللقاء في الواقع و لكن الطرف الأخر قال انه لا يهمه شكله و كل ما يهمه تلك الروح التي عشقها .
بعد نهاية اللقاء و عودة كل منهما إلي بيته ثم اللقاء على التشات مرة اخرى قال هذا الشخص له انه لن يستطيع ان يحبه لان كريم مازال يعشق حبيبه السابق و انه هكذا سوف يظلمه معه ، ضحك كريم لهذا الكلام ، و تذكر ان هذا الشخص قال له سابقاً ان ذكريات الماضي لا تضايقه لانها جزء منه .. فهم كريم ان هذا الشخص لم يُعجب بشكله و لكنه كان في حيرة .. ما الذي يدفع انسان ان يقول كلمات حب لا يشعر بها او ان يعطي وعوداً لا يكون قادر على الوفاء بها ، أليس من الأسهل ان يصمت الانسان ان لم يكن هناك مشاعر داخله ، أو أن يكون صريحاً .. لا احد يجبر انسان أخر على اطلاق كلمات حب غير نابعة من القلب .. و لكنه تذكر ان هذا الشخص قال له اثناء حوارهم في الكافتريا انه كان من هواة الجنس الهاتفي .. لهذا لم يستمر كريم كثيراً في حيرته حيث ان كل تلك الكلمات التي قيلت له هي مجرد كلمات .. شىء عادي يقال في كل مكالمة جنسية يجريها هذا الأخر .. عادي .
يدرك كريم جيداً انه ليس من ذوي الأشكال الفاتنة و لا يتمتع بكثير من مظاهر الجمال و لكنه في النهاية انسان يستطيع ان يحب و يتمنى ان يُحب . و أن الجمال الخارجي ليس كل شيء و لا يدوم طويلاً . و يعرف انه يتمتع بالقبول من الأخرين و لديه القدرة على جذب حب الأخرين و يعتقد انها هبة من الله .. أوقات كثيرة يكره كريم شكله و يتمنى أن يكون جميلاً مثل فلان أو فلان و لكن يعود فيقتنع أن كل انسان يحمل داخله مواطن جمال تختلف من انسان لأخر .
ينتبه كريم و ينهض للنزول من العربه حيث محطة نزوله ، يغادر العربة متجهاً نحو بيته يشعر بمشاعر لا يعرف هل هي حزن ، ألم ، يأس ام كل تلك المشاعر معاً .. يصل كريم إلي الشارع الذي يقع به بيته ، من بعيد يرى طفله الصغير يجري نحوه حيث كان يجلس على درجات السلم أمام البيت .. حينما رأى كريم نهض يجري تجاهه ، تلقفه في حضنه و قبله و سأله:
- انت قاعد هنا كده ليه ؟
فقال له الطفل فرحاً :
- كلهم ناموا و أنا قاعد مستنيك .
حضنه كريم مرة ثانية ودخل البيت حاملاً طفله و هو فرحاً شاعراً بالسعادة التي محت كل الهموم و المشاعر الأخرى التي كانت داخله منذ قليل . فما زال هناك من يحبه كما هو .
أخذ يتامل البشر من حوله ، من بين الواقفين في ممر العربة كان هناك شاب يرتدي قميص بأكمام به خطوط طولية و بنطلون جينز و كاب ، يتمتع الشاب ببناء جسدي جيد ، لم ينجذب للشاب جسدياً ولكنه فقط كان يتأمله . لم يستمر في تأمله كثيراً حيث اتجه بنظره في اتجاه أخر بعيد عن الشاب و بدأ يتذكر منذ قليل حينما دخل و صديقه احدى محلات الملابس و التي اعجب صديقه بقميص معروض لا يوجد منه في المحل غير تلك القطعة التي يرتديها المانيكان الواقف في مدخل المحل .. قام البائع بتعريه المانيكان و خلع القميص عنه و اعطاه للصديق الذي دخل حجرة البروفة ليجرب القميص .
وقف هو هناك في مواجهة المانيكان النصف عاري .. يتأمل التمثال .. اعجبه دقة تفاصيل جسد هذا المانيكان ، تمنى ان يمد يده ليلمس تلك العظمتين البارزتين اسفل الرقبة و اعلى القفص الصدري ، تمني ان يلمس عضلات صدر هذا التمثال ليس شهوة و انما ليكتشف الفرق بينها و بين اجساد البشر الأحياء .. لكنه لم يفعل .. تذكر تلك القصيدة التي كتبها في الماضي عندما احب شخص ما و لكنه كان يخشي الإعتراف له بالحب لذلك كتب له تلك الكلمات :
" أتمنى ان اصنع لك تمثالاً
لا اخشى منه الرفض
لا أنشد منه إلا الحب .
أتمنى ان اصنع لك تمثالاً
او ان اصبح فارس احلامك
لا اخشى منك الرفض
لا انشد منك إلا الحب . "
تذكر تلك الأبيات و بدأ يفكر .. في الماضي كان يريد التمثال لانه يخشي الواقع و لكنه الآن يتمنى التمثال لانه كره الواقع .. هل حقاً يستطيع ان يعشق تمثال ؟ سؤال راود عقله . و لكن ما المانع ما دام هذا التمثال لن يكذب عليه .. لن يخدعه .. لن يهجره .. لن يرفضه .. ما هذا ؟ هل أصابه الجنون ؟ قاطع تفكيره صوت صديقه الذي خرج من البروفة مرتدياً القميص قائلا له :
- أيه رأيك يا كريم ؟
يصل الهواء محملاً برائحة دخان شيشة التفاح ، يستنشق الهواء البارد المعطر برائحة الشيشة مستمتعاً .. كم يحب تلك الرائحة .. فقط الرائحة لأنه لا يشرب الشيشة و لا أي نوع من الدخان .. تنطلق ذكرى اخرى في عقله .. من يومين حينما ذهب إلي الكافتريا لمقابلة شخص ما تعرف عليه من خلال النت ، كان هذا الشخص يتحدث معه كثيرا على التشات ، و كان يسمعه أحلى كلمات الحب و العشق مثل " انني خلقت فقط لأسعدك .. أنا مستحيل ابعد عنك .. انا اتخلقت علشان اكون جنبك " إلى اخر تلك الكلمات . طلب منه كريم التوقف عن التعبير عن مشاعره تلك حتى يتقابلا في الواقع لانه ليس هناك حب قبل اللقاء في الواقع و لكن الطرف الأخر قال انه لا يهمه شكله و كل ما يهمه تلك الروح التي عشقها .
بعد نهاية اللقاء و عودة كل منهما إلي بيته ثم اللقاء على التشات مرة اخرى قال هذا الشخص له انه لن يستطيع ان يحبه لان كريم مازال يعشق حبيبه السابق و انه هكذا سوف يظلمه معه ، ضحك كريم لهذا الكلام ، و تذكر ان هذا الشخص قال له سابقاً ان ذكريات الماضي لا تضايقه لانها جزء منه .. فهم كريم ان هذا الشخص لم يُعجب بشكله و لكنه كان في حيرة .. ما الذي يدفع انسان ان يقول كلمات حب لا يشعر بها او ان يعطي وعوداً لا يكون قادر على الوفاء بها ، أليس من الأسهل ان يصمت الانسان ان لم يكن هناك مشاعر داخله ، أو أن يكون صريحاً .. لا احد يجبر انسان أخر على اطلاق كلمات حب غير نابعة من القلب .. و لكنه تذكر ان هذا الشخص قال له اثناء حوارهم في الكافتريا انه كان من هواة الجنس الهاتفي .. لهذا لم يستمر كريم كثيراً في حيرته حيث ان كل تلك الكلمات التي قيلت له هي مجرد كلمات .. شىء عادي يقال في كل مكالمة جنسية يجريها هذا الأخر .. عادي .
يدرك كريم جيداً انه ليس من ذوي الأشكال الفاتنة و لا يتمتع بكثير من مظاهر الجمال و لكنه في النهاية انسان يستطيع ان يحب و يتمنى ان يُحب . و أن الجمال الخارجي ليس كل شيء و لا يدوم طويلاً . و يعرف انه يتمتع بالقبول من الأخرين و لديه القدرة على جذب حب الأخرين و يعتقد انها هبة من الله .. أوقات كثيرة يكره كريم شكله و يتمنى أن يكون جميلاً مثل فلان أو فلان و لكن يعود فيقتنع أن كل انسان يحمل داخله مواطن جمال تختلف من انسان لأخر .
ينتبه كريم و ينهض للنزول من العربه حيث محطة نزوله ، يغادر العربة متجهاً نحو بيته يشعر بمشاعر لا يعرف هل هي حزن ، ألم ، يأس ام كل تلك المشاعر معاً .. يصل كريم إلي الشارع الذي يقع به بيته ، من بعيد يرى طفله الصغير يجري نحوه حيث كان يجلس على درجات السلم أمام البيت .. حينما رأى كريم نهض يجري تجاهه ، تلقفه في حضنه و قبله و سأله:
- انت قاعد هنا كده ليه ؟
فقال له الطفل فرحاً :
- كلهم ناموا و أنا قاعد مستنيك .
حضنه كريم مرة ثانية ودخل البيت حاملاً طفله و هو فرحاً شاعراً بالسعادة التي محت كل الهموم و المشاعر الأخرى التي كانت داخله منذ قليل . فما زال هناك من يحبه كما هو .