16 June 2020

ماذا لو كان قوم لوط زناة ؟


لا أدري لماذا دائماً عندما يتحدثون عن المثلية والمثليين يصفونوهم بقوم لوط ؟!! هل ذلك لإشتراك الفريقين في فعل واحد وهو الممارسة الجنسية مع نفس الجنس ؟ وكأن جريمة قوم لوط وسبب عقابهم هو ممارسة الجنس المثلي .

وكأنهم لم يكونوا يكفرون بإلاه لوط الذي دعاهم لعبادته ورفضوا الإيمان بإلاهه .. أليس الكفر بالله كان جريمة أقوام أخرين واستحقوا العقاب لهذا السبب كقوم عاد وقوم ثمود ؟! أم أن الجنس المثلي أهم من الإيمان بالله ؟

ألم يكن قوم لوط قاطعين طرق ؟ يروعون الناس ويسلبونهم الأمن ويعيشون على السرقات ؟! ألا يستحقون العقاب على هذه الجريمة أيضا ؟ ولماذا لا تنسبون اللصوص وقاطعين الطرق لقوم لوط أيضا ؟ أم أن الجنس المثلي أخطر من ترويع البشر وسرقتهم ؟

ألم يكن قوم لوط مغتصبين الأخرين ويمارسون معهم الجنس بالإكراه ؟ لا يهمني ان كان المُغتصَب ذكر أم أنثى .. فالجريمة واحدة .. أليست جريمة الإغتصاب جريمة تستحق العقاب ؟ فلماذا لا تنسبون المغتصبين والمتحرشين لقوم لوط ؟

ألم يكن قوم لوط يمارسون الرزيلة والفجور على الملأ وفي تجماعتهم ؟ وكانوا لا يهتمون بالنظافة ولا الأداب العامة ولا يتطهون .. أليس الفجور على الملأ جريمة تستحق العقاب ؟ فماذا لا تنسبون مرتكبي الفجور لقوم لوط ؟

هل لو كان قوم لوط زناة – يمارسون الجنس مع النساء – ولكنهم كفرة وقاطعين طرق ومغتصبين ويمارسون الفجور على الملأ ولا يتطهرون ؟ هل كان رضى الله عنهم ولم يعاقبهم ؟ هل كان صنفهم من الأقوام التي لا تستحق العقاب ؟

وهؤلاء الذين يقولون أن الله عاقب إمرأة لوط لأنها فقط كانت متفتحة ومتقبلة ما يفعله قومها (اوبن مينديد) .. وما أدراكم أن هذا كان جرمها ؟ هل وجودها في بيت رسول وكونها زوجة له هل يعني أنها كانت مؤمنة بإلاه زوجها ؟ اذا لماذا مات ابن نوح عندما رفض ان يركب السفينة مع أبيه ؟ أليس لأنه لم يؤمن بأنه لا عاصم اليوم إلا الله وأوى إلى قمة الجبل ومات غريقاً ؟ هل كان ابن نوح متفتح مثل باقي القوم ويري أن الجبل هو العاصم وليس الله وسفينة أبيه ؟ أم أن الذنب هو عدم الإيمان المطلق بكلام أبيه ولا برسالته وأنه كان يشارك قوم نوح الإستهزاء بهذا الرجل الذي يبني سفينة في الصحراء حيث لا ماء بها لتبحر ؟

ولماذا عاقب الله نساء قوم لوط أيضا وهم نصف المجتمع ، ما دام الجرم كان بين الذكور اللوطيين ؟ وما كان موقف النساء في مجتمع كهذا ؟ هل كانوا متفرجين ومشاهدين لتلك الممارسات ؟ أم شاركوا في الجرائم كلها ؟ لذلك استحقوا العقاب هم أيضا .. ألا تتفكرون ؟!!

لماذا تنسون كل جرائم قوم لوط الأخرى و(الأهم) والتي استحقوا عليها العقاب وتنسبوننا لهم ؟ لمجرد اشتراكنا في فعل من أفعالهم وهو المثلية ؟
أيها المجتمع المنافق .. نحن لسنا قوم لوط ولو لم تفهموا ذلك فأنتم أيضا قوم لوط لأن الكثير منكم كفرة والكثير منكم قاطعين طرق ولصوص والكثير منكم مغتصبين ومتحرشين والكثير منكم يمارسون الفجور على الملأ بل وتتباهون بذلك .. والكثير منكم يستحقون العذاب والعقاب أكثر منا .



14 June 2020

وداعاً سارة حجازي


لم أعرف سارة قبل اليوم وليس لدي أي تواصل مع أفراد المجتمع المثلي ولست من هواة الصدام مع أحد او بمعنى أخر ليس لدي القوة للمواجهة أو الدفاع عن أحد أو الدخول في مناقشات تخص حقوق المثليين .

منذ البداية أخترت الحفاظ على القليل الذي لدي بحياتي البسيطة .. فلست بفارس ولست أتمتع بشخصية تتحمل أي نوع من أنواع الصراعات .. يكفيني صراعي النفسي اليومي الذي لا ينتهي ومع من حولي في دائرتي الصغيرة ولذلك أثرت السلامة .

أعلم أن بعضكم قد يصفني بأنني جبان .. ولكن كل منا يعرف قدر نفسه وقدر تحمله .. وقد اتخذت شكلا أخر من التواجد في هذا العالم وهو الحكي ونقل حياتي وصراعاتي وتجربي وأفكاري لكم .. ربما يكون دور صغير وغير مجدي ولكنني راضي بذلك .. وتركت ساحة النضال لمن يتمتعون بقوة الشخصية والعزيمة ومن لدية القوة النفسية لتحمل مثل هذه الصراعات .

ولكن بالطبع هناك من يوضع في المواجهة رغماً عنه .. توقعه الظروف وحظه العاثر في هذا المكان الذي لا يحسده عليه أحد حيث يعاني من لهيب النقد والرجم من ذلك المجتمع الذي لا يرحم ولا يتعاطف .. بالطبع تقف خلفه بعض الجمعيات والكيانات التي تعمل في مجال حقوق الإنسان – وأحب أن أتوجه لهم بالشكر الكثير على جهودهم المبذولة لمساندة ضحايا المثلية في مجتمعنا .

عندما قرأت خبر انتحار سارة حجازي اليوم ، أصابني الرعب والهلع .. فبالرغم من كل المشاكل الذي يتعرض له المثلي في مجتمعنا ، فالبقاء حياً هو انتصار له مهما كان الحال .. لكن الموت والانتحار يعني الهزيمة للمثلي والإنتصار لذلك المجتمع الذي لا يرحم .

وسؤال واحد يحلق فوق رأسي بعلامة استفهام كبيرة .. لماذا لا يوجد محاكم جنائية لمحاكمة المجتمعات المجرمة والتي تفوق جرائمهم جرائم الافراد .. فالمجتمعات قد تسرق وتقتل وتعذب مثلها مثل الأفراد المجرمين .. بل تشتد جرائم المجتمعات بشكل أبشع من جرائم الأفراد ولكن للأسف ليس هناك محاكم تردعهم ولا قانون يعاقبهم .. بل يرتكبون تلك الجرائم بدم بارد وسعادة هانئة دون ضمير يؤرق بالهم و يشتت تفكيرهم .. بل أنهم يمتدحون صنيعهم فيما بينهم ولا يلقون بالاً لضحاياهم .

المؤلم في إنتحار سارة حجازي ، ليس فقط النهاية الحزينة ولا كمية الجرائم التي ارتكبت تجاهها من مجتمعها والتي دفعتها للهروب منه والعيش في مجتمع أخر، تعاني مرارة الإكتئاب والوحدة ولكن الأشد جرماً ما يرتكب الآن من هذا المجتمع الذي لا يخجل أفراده من إخفاء شماتته تجاه الموت وتجاه الضحية ولكنهم ما زالوا يقذفونها بأبشع اللعنات .. وكأنهم صاروا وكلاء لله على الأرض .. يعاقبون من يشاءون .. بل ويقررون مصيرها في دار الأخرة و يدركون مثواها وكأن ليس الله الحكم ومن بيده كل شئ ومن يقدر حال عباده وبأنه الرحمن الرحيم .. والقائل بأن رحمته وسعت كل شئ.. استغفر الله العظيم .

أدعوا الله أن يرحمك يا سارة وأن يشملك برحمته الواسعة ويعوضك عما عانيته في هذه الحياة وهذا المجتمع .