كان عائد مثل كل يوم من العمل , يسير في نفس الطريق الذي اعتاد السير به , فهو ليس من ذلك النوع الذي يهوى التغير حيث انه يحاول أن يحتفظ بكل الذكريات الجميلة التي تمر في حياته و يؤكد عليها و يحاول أن يتذكرها دائما .. يشعر بالجوع مثل كل يوم , عقله مشغول بالتفكير في ماذا سوف يتناول اليوم من طعام , و فجأة على الجانب الأخر من الطريق يلمح كائن صغير يجلس فوق الرصيف ورأسه منكسه في اتجاه الأرض و ينتفض جسده الضئيل من البكاء .. انتفض قلبه لهذا و أراد أن يعبر الطريق ليضمه لصدره و يهدئ من روعه و يعرف ماذا حدث له و لكنه لمح كائن أخر كبير يقف أمام هذا الطفل و قد غطت ملامح وجهه علامات الغضب و القسوة .. كان يصرخ في الطفل .
للوهلة الأولي قد تعتقد أن هناك وحشاً يريد أن يلتهم هذا الطفل الصغير الذي لا يستطيع أن يدافع عن نفسه أو حتى يطلب المساعدة من الآخرين . و الغريب أن أحدا من المارة لم يهتم أو يتدخل ليساعد هذا المسكين و يرفع هذا الرعب عنه .
لم تصل إليه أي كلمات ليعرف ما المشكلة .. على كل حال فهو لا يحتاج إلى تفاصيل فهذا الموقف ليس جديداً عليه . فقد عاش هذا الموقف كثيراً كثيراً مع والده ... و بدأ يتذكر تلك اللحظات التي كان يقف أمام أبيه فيها . و ذلك الإحساس الذي لم يكن يفهمه و هو صغيرا , و لا يعرف تفسيره حتى الآن و هو كبير .
كان أباه من ذلك النوع العنيف الذي ليس هناك مجال للحوار معه أو التفاهم و كان سريع الغضب و الثورة لأقل المشكلات . حاول جاهداً أن يتذكر تلك المشكلات أو الأسباب التي دفعت أباه كي يتحول إلى ذلك النوع من الوحوش الآدمية لكنه لا يتذكر أي مشكلة من تلك المشكلات و لتكرار الموقف كثيرا أصبحت المشكلات ليست الشيء الذي تحتفظ به تلك الذاكرة التي دوما كانت تتخلص من كل الآلام و الذكريات المؤلمة عن طريق محوها و لكن شىءا واحدا هو الذي لم تتمكن ذاكرته من محوه , انه ذلك الشعور الغريب الذي كان ينتابه في تلك اللحظات .
يبدأ ذلك الشعور عندما كان يثور أباه و يبدأ بالتحول إلى ذلك الوحش الآدمي و يبدأ بالصياح و الصراخ و السب و بالطبع يبدأ هو في البكاء الشديد و الشعور بالخوف و الرعب و يشعر بأن الأرض كلها ضاقت عليه و ليس هناك مكان أخر ممكن أن يحتمي به , فيظل واقف أمامه ووجهه في الأرض لم يجرؤ أبدا النظر في وجه هذا الكائن المتحول و تتدفق الكثير من الدموع على وجهه الصغير , و تبدأ كل منافذ الاتصال لديه بالعالم الخارجي بالانغلاق , تبدأ العينان بعدم الرؤية , و الأذنان بعدم السمع . و تبدأ مرحلة من الشعور العجيب الذي لم يستطيع تفسيره , يشعر بأن جسده بدأ يرتفع عن الأرض . يبدأ الارتفاع من القدمين في شكل دائرة محورها هو رأسه . و يرتفع الجسد أكثر و أكثر حتى تصير قدميه بالأعلى و رأسه بالأسفل و كأن جسده أصبح مثل الطيف . و لا يعرف كم من الوقت كان يستمر هذا الشعور إلا انه لم يكن يدوم طويلاً , حيث ينتهي ذلك دوما بصفعة أو صفعتان على وجهه من يد ذلك الكائن المتحول , تلك الصفعة الكفيلة بإلقاءه أرضا . حيث ينتهي هذا الشعور و يعود إلى الأرض مرة أخري .
عاد بتفكيره مرة أخري إلى الطفل الصغير , و هو يتسأل هل يشعر هذا الطفل بنفس هذا الشعور الآن ؟؟ و أجاب ربما .. لا أحد يدري و لا يهتم بمشاعر الأطفال الصغار هنا . تسال مرة أخري هل كونهم سبباً في وجودنا في هذه الحياة كفيلاً بأن يعطيهم الحق في معاملتنا بهذه القسوة ؟ أجاب على نفسه مرة أخري لا لا ليس كل الآباء هكذا و بالفعل فقد رأيت بعيني نماذج للآباء حنونين و متفاهمين و يعرفون أساليب التربية الصحيحة و قادرين على خلق أطفال أسوياء نفسياً .
تمنى لو كان شجاعاً كي يذهب لذلك الكائن المتحول الذي يتعامل مع هذا الطفل بهذه القسوة و يريه كيف يتعامل مع الأطفال . تمنى لو كان وحشاً أو أن يكون قادر على التحول مثلهم و يوقف هذا الكائن أمامه ليريه كيف يشعر هذا الطفل الآن من خوف و فزع .
و لكنه لا يستطيع هذا و لم يتوقف كثيراً و سار في طريقة تتخبطه الذكريات المؤلمة و الإحساس بالشفقة على الطفل و الإحساس بالعجز تجاه هذا الوحش . امتلأت عيناه بالدموع و لكنه سريعا أزال هذه الدموع كي لا يراها أحدا من المارة . ووصل إلي البيت , دخل غرفته , ألقي بنفسه فوق السرير , لم يعد يشعر بالجوع و لا بشهية لتناول الطعام .
للوهلة الأولي قد تعتقد أن هناك وحشاً يريد أن يلتهم هذا الطفل الصغير الذي لا يستطيع أن يدافع عن نفسه أو حتى يطلب المساعدة من الآخرين . و الغريب أن أحدا من المارة لم يهتم أو يتدخل ليساعد هذا المسكين و يرفع هذا الرعب عنه .
لم تصل إليه أي كلمات ليعرف ما المشكلة .. على كل حال فهو لا يحتاج إلى تفاصيل فهذا الموقف ليس جديداً عليه . فقد عاش هذا الموقف كثيراً كثيراً مع والده ... و بدأ يتذكر تلك اللحظات التي كان يقف أمام أبيه فيها . و ذلك الإحساس الذي لم يكن يفهمه و هو صغيرا , و لا يعرف تفسيره حتى الآن و هو كبير .
كان أباه من ذلك النوع العنيف الذي ليس هناك مجال للحوار معه أو التفاهم و كان سريع الغضب و الثورة لأقل المشكلات . حاول جاهداً أن يتذكر تلك المشكلات أو الأسباب التي دفعت أباه كي يتحول إلى ذلك النوع من الوحوش الآدمية لكنه لا يتذكر أي مشكلة من تلك المشكلات و لتكرار الموقف كثيرا أصبحت المشكلات ليست الشيء الذي تحتفظ به تلك الذاكرة التي دوما كانت تتخلص من كل الآلام و الذكريات المؤلمة عن طريق محوها و لكن شىءا واحدا هو الذي لم تتمكن ذاكرته من محوه , انه ذلك الشعور الغريب الذي كان ينتابه في تلك اللحظات .
يبدأ ذلك الشعور عندما كان يثور أباه و يبدأ بالتحول إلى ذلك الوحش الآدمي و يبدأ بالصياح و الصراخ و السب و بالطبع يبدأ هو في البكاء الشديد و الشعور بالخوف و الرعب و يشعر بأن الأرض كلها ضاقت عليه و ليس هناك مكان أخر ممكن أن يحتمي به , فيظل واقف أمامه ووجهه في الأرض لم يجرؤ أبدا النظر في وجه هذا الكائن المتحول و تتدفق الكثير من الدموع على وجهه الصغير , و تبدأ كل منافذ الاتصال لديه بالعالم الخارجي بالانغلاق , تبدأ العينان بعدم الرؤية , و الأذنان بعدم السمع . و تبدأ مرحلة من الشعور العجيب الذي لم يستطيع تفسيره , يشعر بأن جسده بدأ يرتفع عن الأرض . يبدأ الارتفاع من القدمين في شكل دائرة محورها هو رأسه . و يرتفع الجسد أكثر و أكثر حتى تصير قدميه بالأعلى و رأسه بالأسفل و كأن جسده أصبح مثل الطيف . و لا يعرف كم من الوقت كان يستمر هذا الشعور إلا انه لم يكن يدوم طويلاً , حيث ينتهي ذلك دوما بصفعة أو صفعتان على وجهه من يد ذلك الكائن المتحول , تلك الصفعة الكفيلة بإلقاءه أرضا . حيث ينتهي هذا الشعور و يعود إلى الأرض مرة أخري .
عاد بتفكيره مرة أخري إلى الطفل الصغير , و هو يتسأل هل يشعر هذا الطفل بنفس هذا الشعور الآن ؟؟ و أجاب ربما .. لا أحد يدري و لا يهتم بمشاعر الأطفال الصغار هنا . تسال مرة أخري هل كونهم سبباً في وجودنا في هذه الحياة كفيلاً بأن يعطيهم الحق في معاملتنا بهذه القسوة ؟ أجاب على نفسه مرة أخري لا لا ليس كل الآباء هكذا و بالفعل فقد رأيت بعيني نماذج للآباء حنونين و متفاهمين و يعرفون أساليب التربية الصحيحة و قادرين على خلق أطفال أسوياء نفسياً .
تمنى لو كان شجاعاً كي يذهب لذلك الكائن المتحول الذي يتعامل مع هذا الطفل بهذه القسوة و يريه كيف يتعامل مع الأطفال . تمنى لو كان وحشاً أو أن يكون قادر على التحول مثلهم و يوقف هذا الكائن أمامه ليريه كيف يشعر هذا الطفل الآن من خوف و فزع .
و لكنه لا يستطيع هذا و لم يتوقف كثيراً و سار في طريقة تتخبطه الذكريات المؤلمة و الإحساس بالشفقة على الطفل و الإحساس بالعجز تجاه هذا الوحش . امتلأت عيناه بالدموع و لكنه سريعا أزال هذه الدموع كي لا يراها أحدا من المارة . ووصل إلي البيت , دخل غرفته , ألقي بنفسه فوق السرير , لم يعد يشعر بالجوع و لا بشهية لتناول الطعام .