16 August 2007

اللقاء الثاني .. قصة قصيرة


كانا متشابهان في كل شيء جمع بينهم المكان و الزمان و الحب فربط بينهم رباط مقدس . إنهم هذان الكوبان ( الماجين ) الموجودين فوق أحد الأرفف . بعدما تم استيرادها مع العديد من نفس نوعهم من بلاد بعيدة و بعد إخراجهم من ذلك الورق المخصص لحمايتهم من الكسر تم وضعهم سويا فوق احدي الأرفف في محل لبيع الهدايا التذكارية في وسط المدينة .

كان كل منهم يجد نفسه في الأخر .. كانا يتحدثا سويا عن كل شيء : عن حبهم و عن حياتهم الحالية و عن أحلامهم و حياتهم المستقبلية . و قد كان الماج الأول أكثر واقعية حيث انه يدرك أبعاد حياته و انه لم يوضع هنا فوق هذا الرف لنهاية العمر و إنما وضع حتى يختاره أحد زوار هذا المكان و من ثم سوف ينتقل إلى عالم أخر و حياة أخري . و كان كل ما يخشاه هو الفراق . كم أحب صديقه الذي جمعت بينهم أحلى لحظات حياته .

و لكن الماج الثاني كان أكثر رومانسية و أكثر خيالاً و حاول كثيرا أن يتخيل حياة مستقبلية رائعة مع حبيبيه و أنهم سوف ينتقلون سويا إلى مكان أخر و يحيى سويا و تستمر قصة حبهم إلى الأبد و لكن على الرغم من أن المج الأول كان يتمنى هذا إلا انه كان يدرك أن نسبة حدوث هذا ضئيلة جداً .

كان الماجيين يحيا في توتر دائم و خصوصا عندما يمتلىء المكان بالأشخاص و كان ينتابهم القلق عندما ينظر أحد الرواد إليهم و مع هذا فقد كان الليل هو أسعد أوقاتهم حيث تغلق أبواب المكان و لا يكون هناك أي داعي للقلق و ينعما سويا بأوقات جميلة يتكلموا و يضحكوا و يتسامروا حتى يأتي اليوم التالي و تبدأ دورة القلق من جديد . و يبدوا ان دوام الحال من المحال .

ففي يوم من الأيام و كان رواد المكان كثيرون و إذا بشاب جميل يتجه نحوهم و يمد الشاب يده إلى الماج الأول و يأخذه من فوق الرف و انتفض قلب المج الأول و كذلك قلب الماج الثاني الذي ما زال فوق الرف و اخذ الاثنان ينظران لبعضهم و قلوبهم تنتفض خوفا و رعبا , أهذه لحظة الفراق ؟

" لا لا اتركني أرجوك اتركني بجوار حبيبي " اخذ يصيح الماج الأول محدثا الشاب .

" أرجوك أرجوك خذني معك خذني مع حبيبي " هكذا صاح الماج الثاني موجها كلامه للشاب , و لكن هيهات كيف له أن يسمعهم الشاب أو يفهم لغتهم , و بدأت دموعهما تنهار .

و بعدما أبدى الشاب إستحسانه و إعجابه بهذا الماج , إذا به يمد يده مرة أخري و يأخذ الماج الثاني , شيء لم يتوقعه الحبيبين , و ذهب الشاب إلي البائع و دفع ثمنهم ووضعهم البائع في حقيبة و أعطاها للشاب و مضى الشاب مغادراً محل الهدايا .

لا يمكن لأحد أن يصف كم السعادة التي كان يشعر بها الحبيبين و هما يرقدان سويا في حقيبة واحدة , فما أشد الفرحة حينما تأتي في وقت الحزن , حيث انقلب حزنهما إلى فرح , سوف ينتقل الحبيبين إلى مكان واحد سوف يعيشان سويا إلى الأبد .

و عندما عاد الشاب إلى بيته اخرج الماجيين من الحقيبة ووضعهما فوق المكتب , تبادل الحبيبين بعض الحوار عن مدى سعادتهم و أن المج الثاني كان عنده كل الحق و أنهم سوف يعيشون سويا للأبد و لن يفرق بينهم شيء .

و لكن ف اليوم الثاني استعد الشاب للخروج و إذا به يمد يده و يأخذ المج الثاني و يضعه في حقيبة مستقلة , و مضى .

" ما هذا ؟؟ خدني معك ماذا يحدث ؟؟ " هكذا اخذ يصرخ الماج الأول و غادر الشاب البيت تاركا الماج الأول يبكي و كذالك المج الثاني يبكي في الحقيبة التي في يديه .

قابل الشاب صديق له و اخذ الحوار يدور بينهم في مجالات كثيرة حتى اخرج الشاب المج الثاني من الحقيبة و أعطاه لصديقه , ما زال المج يبكي , قال الصديق " انه حقا رائع و شكله جميل . قال له الشاب " انه لك , هدية مني حتى تتذكرني دائما و قد أحضرت لي مج نفس الشكل و لم استخدمه حتى الآن "

فرح الصديق جدا بهذه الفكرة و قال له " إذا فلنستخدمهم سويا في نفس التوقيت , فلنجعل هذا بعدما يعود كل منا إلى بيته و نتقابل على النت " قال الشاب " نعم هذا ما فكرت به و لهذا أحضرت لك أيضا كيس كوفي ميكس كي نتناول سويا نفس المشروب في نفس الوقت و في أكواب متشابهه " .

قال الصديق " واااو إنها فكرة رائعة , انك رائع جدا , صديقي أنا حقا احبك " و لولا أنهما يسيران في الشارع لطبع الصديق قبلة فوق خد الشاب تعبيراً عن سعادته و حبه لصديقه .

كان الماج الثاني يستمع الى الصديقين بلهفة و سعادة , فالآن قد أدرك أن الشاب و صديقه حبيبان كما هو يحب المج الأول , إذا فهناك أمل للقاء مع حبيبه مرة ثانية , تمنى لو كان يستطيع أن يخبر حبيبه عن حقيقة الموقف حتى يهدأ قليلا و يقل حزنه الذي أكيد ملاء قلبه بعد فراقه عنه .

عاد الشاب إلي بيته و دخل حجرته و نظر الماج الأول إلى الشاب و إلى يده ربما حبيبه ما زال معه و لكنه وجد يديه فارغتين . إذا فقد رحل الماج الثاني و لن يراه مرة ثانية إلى الأبد ، أراد الماج أن يسأل الشاب عن مصير حبيبه و لكنه يعرف انه لن يحصل على إيجابة .

و جلس الشاب على جهاز الحاسب و بعد قليل قام من مكانه و اخذ الماج إلى المطبخ و غسله جيدا و وضع به أشياء لا يعرفها الماج و بعد قليل صب داخله ماء ساخن , كان الماج يشعر بمشاعر غريبة فهذه المرة الأولى التي يتم استخدامه بها و لكن هذا الشيء طعمه لذيذ , بعد ذلك اخذه الشاب و عاد به إلى حجرته ووضعه أمام الحاسب و بعد قليل رفعه الشاب و اخذ يتكلم " ها هو الكوفي ميكس الذي أعددته في الماج " و نظر المج إلى شاشة الحاسب ووجد حبيبه هناك هو أيضا يلوح له و سمع صوت أخر " و ها هو فنجاني أنا أيضا . "

كان المج الأول سعيد جداً أن رأى حبيبه مرة أخرى, صحيح هو ليس معه و لكنه فهم من حوار الشاب و صديقه أنهم يعيشون الآن كل منهما في مكان و لكنهم يحيون على أمل أن يعيشا سوياً في مكان واحد و يدعون الله أن يجمع بينهم , و تمنى الماجيين نفس أمنية الشابين أن يجمعهما مكان واحد ليعيشوا سويا للآبد و ان يتحقق الأمل في اللقاء الثاني لهم .